ابو الوطنية ورمزها - عمر حلمي الغول
كل شعوب الارض ايا كان موقعها وتطورها، تحتفظ وتوثق في سجلاتها الذهبية عظمة قياداتها التاريخية، اولئك الرجال، الذين لعبوا ادوارا مهمة في كفاحهم التحرري او بناء وتطور دولهم وشعوبهم. وبغض النظرعن اجتهادات الخلف من القيادات فيمن سبقوهم، إلا انهم لا يحيدون عن ثابت من الثوابت، هو حماية وتعظيم إرث القادة الآباء، الذين صنعوا مجد وطنيتهم وقوميتهم. ومن يخالف ويناقض هذه القاعدة، ليس له صلة بتاريخ وسجل الشعب الكفاحي، بل هو فردا او جماعة من النكرات والطفيلين العابرين.
الرئيس الشهيد الرمز ياسر عرفات، الذي اختلفت معه القيادات الفتحاوية والوطنية كثيرا في ظل وجوده على رأس الثورة والمنظمة والسلطة، غير ان هناك إجماعا وطنيا عليه، بانه ابو الوطنية المعاصرة. ورمزها الاول. لأنه تمثل الشخصية الفلسطينية كما يليق بها، وحمل لواءها، وانطلق بها في فضاءات الدنيا كلها. طرق كل الابواب، لم يخش شيئا بما في ذلك الموت. هذا البطل التراجيدي ليس مطالبا بالرد، وهو الصامت الآن في ملكوت الخلود على الاقزام أزلام الادارة المدنية والاخوان المسلمين المتنكرين للوطنية الوطنية.
مع ذلك وإنصافا للحقيقة الموضوعية، وليس دفاعا عن ابو عمار، عندما يقف أي مراقب وبغض النظر عن خلفياته الفكرية او السياسية، إذا ما حاول تشخيص سماته، فان واحدة من اهمها، يعرفها القاصي والداني بالشواهد في كل المعارك العسكرية والسياسية وفي كل المحافل، هي الشجاعة، لا بل انه مسكون بالشجاعة منقطعة النظير. ويمكن التأكيد، ان صورة المارد، التي سكنت عرفات، أثرت احيانا على حكمته السياسية، ودفعته لاتخاذ مواقف انعكست سلبا على توجهاته ورؤاه في بعض المحطات.
الجهلة واعداء الوطنية الفلسطينية، هم من يمكن ان يورطوا انفسهم بالانتقاص من شجاعة وعظمة زعيم الشعب الفلسطيني، ياسر عرفات. وبالتالي ان ينطق احد المارقين والكافرين بالوطنية بما يسيء لجرأته وشجاعته، فهذا لا ينتقص من عظمته وبطولته، انما يكشف عن إسفاف وضيق افق وانحدار أخلاقي وقيمي، ويميط اللثام عن حقد دفين يسكن كل الانقلابيين الحمساويين، الذين أغاضهم تعمق حب الرمز الراحل ابو عمار في اوساط الشعب، ما دفع احد الجبناء، الذي هرب في سيارة إسعاف عام 2008/ 2009 إلى مصر اثناء الاجتياح الاسرائيلي لمحافظات الجنوب للتطاول على ابو الوطنية الفلسطينية، كأنه شاء من خلال الاساءة لشجاعة عرفات، إلباس نفسه ثوب "الشجاعة". ونسي ذلك المارق، ان ما نطق به، ليس سوى الوجه الاسوأ للجبن والرخص والدونية.
وحتى عندما سعت قيادة الانقلاب الحمساوية الخروج من المأزق، الذي ورطها به الناطق بالكفر بالوطنية، لم تعتذر، بل حاولت الالتفاف على إرادة الشعب والحركة الوطنية، التي رفضت جملة وتفصيلا الاساءة لرمز الوطنية ابو عمار، ما يؤكد أن قيادة حماس كلها تتنكر للوطنية الفلسطينية، وتكفر برموزها خاصة رمزها البطل ابو عمار.
الرئيس الخالد ابو عمار، هو أحد اهم القيادات الوطنية المعاصرة، التي تداخل تاريخها الشخصي مع التاريخ الوطني، حتى تماهى به ومعه، فانصهر عرفات بالفلسطينية والعكس صحيح، وهو كما قال شاعرنا الكبير محمود درويش، انه الفصل الاطول في تاريخ قضيتنا. ويمكن القول، انه صانع الفصل الاهم والاعظم من تاريخ وطنيتنا المعاصرة، وسيبقى عرفات يحتل انصع صفحات تاريخ شعبنا المجيد. وقامته العالية، لن يطالها الاقزام لا بانقلابهم ولا بشعاراتهم الغوغائية الكاذبة. رحمك الله يا ابا عمار. نم قرير العين، ولا تأبه بالاقاويل التافهة فعيون وعقول الشعب كلها تحرصك، وتنصفك وتدافع عنك.