فيصل الحسيني في ذكرى استشهاده.. عيسى عبد الحفيظ
كان رحيل القائد فيصل الحسيني يوم 31/5/2001 في الكويت اثر نوبة قلبية حيث كان يعاني من ربو مزمن وارتفاع في ضغط الدم، زادته الاحداث ثقلا على جسده المتعب أصلا بسبب ما كان يعانيه من الاحتلال.
ولد الشهيد في بغداد بتاريخ 17/7/1940، انهى دراسته الابتدائية والاعدادية في القاهرة، وحصل على شهادة الليسانس في العلوم العسكرية من سوريا عام 1967، وانضم الى منظمة التحرير الفلسطينية، واصبح من قيادات حركة فتح.
عضو في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ورئيس الوفد الفلسطيني المفاوض ومسؤول ملف القدس ورئيس (بيت الشرق) وجمعية الدراسات العربية.
ترأس الوفد الفلسطيني قبل مؤتمر مدريد للسلام عام 1991 للقاء وزير الخارجية الاميركية جيمس بيكر لوضع الأسس لانطلاق عملية السلام وسمي رئيسا رغم معارضة اسرائيل على اعتبار انه من أبناء القدس ومقيم فيها لكنه اصبح الشخصية المركزية في عملية الحوار من أجل السلام.
اعتقل عدة مرات وخضع للاقامة الجبرية وتولى قيادة حركة فتح في الضفة الغربية، عرف عنه تواضعه ودماثة أخلاقه وغيرته الحقيقية على الوطن وخاصة على القدس، فهو ابن القائد الشهيد عبد القادر الحسيني. كتب عدة مقالات عن القضية الفلسطينية والقدس وشارك في العديد من المؤتمرات الدولية والعربية واقامة شبكة علاقات قوية وحظي باحترام وتقدير كافة المحافل الدولية والعربية.
قضى في الكويت ليلة الخميس 8/6/2001 وتم تشييعه يوم الجمعة واقيم العزاء لمدة ثلاثة أيام في بيت الشرق في القدس الشريف.
قام مركز الارشيف الوطني الفلسطيني مشكورا بتوثيق مراسم التشييع وبرقيات العزاء وما كتبته الصحف عن رحيل القائد الفلسطيني في كتاب من الحجم الكبير ويبلغ نحو مئة صفحة.
هذا البركان الهادر من القدس، ترك خلفه الأهل والثورة والغضب على الاحتلال، وترك القدس يتيمة الأب ومطعونة في الخاصرة، لكنه وعلى كل حجارتها وعلى كل ورقة من أشجارها، وفي قلوب كل ابنائها حفر نشيد القدس الأبدي الذي لا بد ان يتحقق
جنازة اسطورية بكل معنى الكلمة لم تكن الجنازة تمشي بل كان النعش ينتقل من أيد الى اخرى حتى وصل مثواه الأخير في ساحة الاقصى المبارك ليرتاح جثمانه بعد هذه الرحلة الطويلة في مقارعة الاحتلال.
ارتدت القدس السواد، تماما كما فعلت عندما سقط والده الشهيد القائد عبد القادر الحسيني في معركة القسطل عام النكبة.
رغم القيود ورغم أنف الاحتلال الذي لم يستطع الوقوف أمام هذا المد الجماهيري الهادر فآثر الانسحاب تاركا القدس لاصحابها الشرعيين للقيام بمراسم الدفن التاريخية، تماما كما قامت بتشييع والده الشهيد عبد القادر وقبله جده موسى الحسيني.
مدرسة نضالية كاملة تعطي ولا تأخذ، مدرسة تتخرج منها اجيال الثورة الواحد تلو الآخر، متراس عملاق يملك شجاعة نادرة وقوة فولاذية لا ترتعد أمام بطش الاحتلال، لا يأبه لسياسة القمع والبطش. بركان وأعصار يحسب له الاحتلال الف حساب، فلسطيني حتى النخاع، يجوب أطراف الدنيا من أجل القضية، ولا يترك فرصة او مناسبة ليشارك فيها كانت فرحا أم ترحاً، وهب نفسه لفلسطين وتواضع الى درجة تثير الاعجاب.
قيل فيه الكثير من شخصيات عربية ودولية واسرائيلية، والكل أجمع ان فقدانه خسارة وطنية وقومية وانسانية وخاصة لعملية السلام، فقد مثل فيصل الحسيني بوصلة للقدس وحظي بثقة الجميع قادة وفصائل وأفراد وجمعيات، وحصل على الاجماع الوطني بتقدير ممتاز.
على الرغم من انشغالاته وهموم القدس الكثيرة، الا انه اعطى الشباب المقدسي حبل اهتمامه، فقبل سفره الى الكويت في رحلته الاخيرة، دعا الى اجتماع مميز مع عائلة الخطيب المقدسية يتمحور حول فكرة انشاء مجمع رياضي في منطقة الصوانة بجبل الزيتون لانشاء ملعب كرة قدم وصالة رياضية ومسبح لحث الشباب على ممارسة الرياضة وتربية الابدان للدفاع عن النفس وقام بتقديم دعم سخي لمنتخب كرة القدم المقدسية لتسهيل مهمته الوطنية في دورة القدس الدولية التي اقيمت في بغداد.
ترجل أمير النضال المقدسي عن فرسه ومضى في طريق الشهادة، لكنه بقي كما كان دائما في قلب القدس.
سيبقى فيصل الحسيني في ضميرنا نستذكره دائما طودا شامخا على أبواب الاقصى يرفع رايات القدس بكبرياء فلسطينية واباء وانتماء وشوكة في حلق الاحتلال حيا وشهيدا، فسلام على روحه الطاهرة. وثورة حتى النصر