لنطالب بحقنا بالسفر الحُر وحقنا بمطار قلنديا - باسم برهوم
لماذا لا نُطالب بحقنا بالسفر الحُر، أن نُسافر متى نشاء وكيفما نشاء؟ لماذا لا نُطالب أن يُفتح معبر الكرامة على مدار الساعة؟
ولأننا ممنوعون من السفر عبر مطار اللد (بن غوريون)، لماذا لا نُطالب بحقنا في مطار القُدس، مطار قلنديا أو بناء مطار جديد نُسافر منه إلى أية دولة في العالم متى نشاء؟
لمن لا يعرف فإن المعبر الوحيد المُتاح لسفر الفلسطينيين بالضفة هو معبر الكرامة، الذي تُطلق عليه اسرائيل جسر اللنبي، نسبة إلى الجنرال البريطاني الذي دخل وجيشه المستعمر الى فلسطين عام 1918، وهو ذات المعبر الذي تُطلق عليه الأردن جسر الملك حُسين. سفرنا عبر هذا المعبر مُقيد بأوقات ومواعيد تحددها سلطة الاحتلال الاسرائيلي، فهو يفتح أبوابه أمام المسافر الفلسطيني عند الساعة الثامنة صباحاً وحتى التاسعة مساءً من أيام الأحد وحتى الخميس، ومفتوح أيام الجُمع والسبوت لمدة ثلاث ساعات يومياً فقط أي من الساعة الثامنة وحتى الحادية عشرة صباحاً. بمعنى أن الفلسطيني مسموح له بالسفر مدة 61 ساعة من أصل 168 ساعة هي ساعات الاسبوع.
ولمن لا يعرف فإن مطار اللد الذي تطلق عليه اسرائيل مطار بن غريون غير مسموح للفلسطينيين السفر منه إلا في حالات استثنائية جداً بل و نادرة. المطار المتاح هو مطار الملكة علياء في الأردن، وللسفر من هذا المطار و مع الساعات المُحددة للفلسطيني للعبور إلى الأردن عبر معبر الكرامة، فإن أكثر من 75% من الفلسطينيين عليهم أن يبيتوا في فنادق عمان ليتمكنوا من الالتحاق بمواعيد طائراتهم وهو ما يتكرر عند عودتهم، ويمكن تخيل تكلفة الإقامة والتنقل الزائدة بالإضافة الى المعاناة والتوتر المُصاحب لهذه العملية.
سفر الفلسطيني المُقيد بساعات مُحددة ووجود معبر واحد فقط للسفر هو ليس كل الحكاية، فالمعاناة وهدر الكرامة والتكلفة المالية المضاعفة هي الجزء الأصعب من هذه الحكاية. وهنا تجدر الإشارة ايضاً الى أن سُلطة الاحتلال الاسرائيلي بإمكانها أن تغلق هذا المعبر الوحيد جزئياً او كلياً متى تشاء، فالجميع ربما يذكُر كيف كان عليه الحال أبان الانتفاضة الثانية من عام 2000 الى العام 2005 عندنا كانت اسرائيل تسمح بسفر الفلسطينيين مدة ساعتين باليوم فقط وكانت أيام الإغلاق الكامل أكثر من الفتح الجُزئي. كما أن الوصول إلى أريحا في حينه بهدف الوصول للمعبر كان يُعتبر مُجازفة حقيقية بحد ذاته فالمُسافر الفلسطيني عليه أن يتسلل عبر طرق جانبيه ترابية ووعرة وخطيرة، لأنه ممنوع من استخدام الطُرق الرئيسية.
لماذا لا نُطالب بحقنا في مطار القُدس، مطار قلنديا، وهو المطار الواقع مُباشرة خلف الجدار الذي أقامته دولة الاحتلال الاسرائيلي لفصل رام الله و شمال الضفة عن القُدس، و يقع هذا المطار على بُعد 11 كيلو متراً شمال القدس وأربعة كيلومترات جنوب رام الله.
أقامت بريطانيا هذا المطار عام 1920، وبقي بعمل طوال فترة الانتداب، ومن ثم وبعد نكبة عام 1948، نقلت ادارته الى السلطات الأردنية، بعد ضم الضفة الغربية الى المملكة الأردنية، و بقي يعمل أبان الحُكم الأردني بنشاط حتى عشية حرب حُزيران/ يونيو 1967 عندما احتلت اسرائيل الضفة وما تبقى من فلسطين التاريخية. سلطات الاحتلال واصلت استخدام المطار لأغراض عسكرية وأخرى مدنية حتى نهاية عام 2000 عندما اندلعت الانتفاضة الثانية واوقفت العمل به نهائياً منذ ذلك التاريخ.
قبل عام 1967، وعبر هذا المطار كان يُسافر الفلسطينيون والأردنيون الى دول الخليج والقاهرة وبيروت ودمشق وإلى مناطق عديدة في العالم، وعبره وصل إلى القدس العديد من الشخصيات المُهمة في مُقدمتها بابا الفاتيكان يوحنا بولس الثاني عام 1964. هذا المطار الذي وافق أولمرت على تسليمه للسلطة الوطنية عام 2008، تراجع عن قراره بعد أن قامت عليه دنيا المتطرفين اليهود ولم تقعد.
يمكن ترميم وتأهيل المطار مُجدداً ليكون مطاراً فلسطينياً يخدم الفلسطينيين أقله بالسفر إلى عمان والقاهرة والدول الأوروبية القريبة، فلماذا لا نُطالب بحقنا بالسفر الحُر منه.
صحيح أن معاناتنا لا تزول إلا بزوال كامل الاحتلال الاسرائيلي ولكن وأثناء نضالنا المستمر والمتواصل ضد هذا الاحتلال، هناك حق أصيل لنا بالسفر الحُر والتنقل الحُر الذي كفله القانون الدولي والإنساني وكفلته المواثيق الدولية، وحتى الاتفاقات الثنائية التي وقعتها منظمة التحرير الفلسطينية مع اسرائيل.
الحديث عن السفر بالنسبة لمواطني الضفة أو محافظات الوطن الشمالية، لا يعني أن الحديث نفسه لا يشمل المواطنين في قطاع غزة، هؤلاء الممنوعون نهائياً من السفر والتنقل، فالحديث يشمل الجميع والحق يشمل الجميع، لأننا لا نتخيل بأي حال أن يستمر هذا الانقسام وأن يبقى قطاع غزة خارج الشرعية الوطنية الفلسطينية. لذلك لنرفع صوتنا جميعاً بحقنا بالسفر الحُر والتنقل الحُر، السفر متى نشاء وكيفما نشاء، لنرفع صوتنا ونطالب بحقنا بمطار قلنديا مطار القدس. وليكون معبر الكرامة متاحاً لسفر الفلسطينيين على مدار الساعة. لنعمل على تنظيم حملة دولية على غرار حملة المقاطعة الدولية للاحتلال الاسرائيلي واستيطانه حملة شعارها "من حق الفلسطيني السفر الحُر متى شاء وكيفما شاء".