"اوتشا" يقرع الجرس.. فمن يعلقه ؟ عزت ضراغمة
تقرير مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية "اوتشا" الصادر يوم أمس الاثنين أوجز الوضع الإنساني الذي يعيشه المواطن الفلسطيني بكلمتين ذات أبعاد ومضامين خطيرة هما "حياة مجزأة"! فما الذي يحذر منه هذا التقرير بما يوضحه من آثار مدمرة لوضع وحياة نحو خمسة ملايين مواطن فلسطيني يعيشون على تراب وطنهم، ويتعرضون طوال الساعة منذ ما يقرب من خمسين عاما لانتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان والقانون الدولي كما يؤكد "آو تشا"؟!
الاحتياجات الإنسانية المتواصلة أرجعها مكتب الأمم المتحدة إلى استمرار وتصاعد الاحتلال وممارساته لعشرات السنوات، وعلى هذا الأساس اعتبر التقرير ان كل ما أدى عن تجزئة حياة الفلسطينيين وتدميرها ناجم عن الاحتلال واستخدامه بلفظ اوتشا "القوة المفرطة" وهو لفظ يهدف لتهدئة خواطر الاحتلال بدلا من استخدام الألفاظ والمسميات الصحيحة التي تنطبق على الممارسات الاحتلالية، بدءا من عمليات القتل وانتهاء باللانهاية لأي عمل عدواني قد يخطر على بال بشر أو بما راح هذا التقرير لاستبداله حين تحدث عن تراجع اعتداءات وهجمات المستوطنين على المواطنين الفلسطينيين في العام الماضي 2015 م وقبل اندلاع الهبة الأخيرة في الربع الأخير من العام نفسه، ليستعيض عنها المتطرفون والمستوطنون بهجمات مضاعفة أضعاف الأضعاف ضد الأشجار والبساتين والمزارع الفلسطينية.
"اوتشا" ورغم أخذه بالحسبان إرضاء الجانب الإسرائيلي عند الحديث عن المقاومة الفلسطينية إلا انه لم يخف المخاطر والمحاذير الناجمة عن تزايد واتساع عمليات هدم وتدمير المنازل، وما نجم عنها من ممارسات تهجير قسري من قبل الاحتلال خاصة في مدينة القدس، وما يلحق بنحو 70 الف مواطن فلسطيني في قطاع غزة فقدوا منازلهم ويعيشون حياة تشرد مذ نحو ثلاث سنوات، والى جانب ذلك فان العراقيل التي تضعها سلطات الاحتلال وما يتعرض له المواطنون القاطنون على أراضيهم في المناطق المصنفة (ج) زاد من قلق الأمم المتحدة والأوساط الدولية بسبب محاولة إسرائيل تهجيرهم عن منازلهم وأراضيهم لصالح المشروع الاحتلالي الاستيطاني الجاري توسعته وتنفيذه، وزيادة على هذه المعضلات التي تسببت في نمط الحياة المجزأة للمواطن الفلسطيني راح "اوتشا" لاستعراض عنصر الإذلال والقهر الذي تفرضه حاجة الإنسان الفلسطيني للحصول على تصريح ما يلبي من خلاله احتياجاته الإنسانية اليومية.
ان ما عبر عنه مكتب الأمم المتحدة من قلق ومخاوف ومحاذير جراء ممارسات واستمرار الاحتلال وتماديه في سياساته العنصرية وللإنسانية وانتهاكاته لحقوق الإنسان والمواثيق والاتفاقيات الدولية، لا يكفي لان يكون بمثابة من يقرع الجرس وينتظر من يعلقه بل تستدعي من " اوتشا " نفسه ومن كافة الهيئات والمنظمات والمؤسسات الإنسانية والتي تعمل في إطار حقوق الإنسان الانتصار للإنسان وحقوقه والوقوف في وجه المستبد الظالم لتقول له وبقوة لا لاستمرار الاحتلال وكفى للغطرسة والاستبداد.