التوجيهي.. لو سمحتم، الإناث أولاً !! موفق مطر
الآن وبعد ثبوت تفوق الاناث على الذكور في امتحانات نيل شهادة الثانوية العامة ( التوجيهي) لأكثر من مرة خلال العقد الأخير، هل مازال المتطرفون المنحازون لذكوريتهم، وذكوريتهم فقط بمصممين على القول(بقصور المرأة وعقلها) فبناتنا اللواتي فزن بالمراتب الأولى راشدات بالغات، سيأخذن مقاعدهن في الجامعات ان لم تجبر عادات وتقاليد المجتمع الذكوري بعضهن على التوجه الى بلاطات مطابخ ازواجهن باعتبار بيت الزوج قصر البنت وقبرها حسب مفاهيم مجتمع يصر على البقاء اسير المفاهيم الظالمة !!.
اعرف وادرك جيدا وافهم تماما مدى حرص المجتمع على تعليم الأبناء ذكورا واناثا، لكن هذا الحرص وهذا الدفع باتجاه تعليم الانثى حتى المراتب الأكاديمية لن يكون في صالح شريحة الاناث، ما لم توازيه عملية تحرر من المفاهيم الخاطئة الموروثة والمنسوبة ظلما للدين والعادات والتقاليد، وما لم يواكبه تشريعات وقوانين تكفل العدل والمساواة، فالانثى هنا لا تثبت جدارتها وحسب بل تفوقها في اكتساب العلوم والمعارف بغض النظر عن منهجية الامتحانات، فالمساواة والعدل هنا قد تحققا حيث واجه الجنسان ذات الامتحان، وحقق جنس الاناث التفوق، فلماذا لا يستمر المسؤولون عن تطبيق منهج العدل والمساواة بفتح الابواب امام الاناث، بذات المدى والكم المفتوحين للذكور، والعبرة للامتحان، وليس (النوع)! فالفتاة التي تفوقت على زميلها الذكر لها الحق (وبالامتحان) اخذ الفرصة في مجالات الحياة الشخصية والعامة والعمل والوظائف الرسمية والمراتب، والحقوق والواجبات، والارث والتبني، ومساهمتها في تحرير الرجل من تحمل مسؤولية المهر وتكاليف الزواج منفردا، ومنح اسمها لمولودها وغير ذلك من القضايا والحقوق التي نناضل بجنسينا لاستعادتها باعتبارها حقا لامنَة من شريحة على اخرى او نوع على آخر !.
نتائج امتحانات التوجيهي لطالما اثبتت - وتحديدا هذا العام – حجم الخطيئة التاريخية والظلم الفادح الذي اوقعه المجتمع الذكوري على نصفه الآخر، والانعكاس السلبي على المجتمع كنتيجة طبيعية للاستخفاف بالامكانيات العقلية والذهنية والفكرية والبدنية والقدرات المميزة للاناث، كما بينت بما لا يدع مجالا للشك حجم التزوير والتحريف بنصوص الشريعة، التي اتخذها مفسرون متسلطون، او من يمكن تسميتهم سلطويون باسم التفسير كقيود تكبل مشيئة الانسان الانثى، لاستعبادها وابقائها لتلبية الرغبات الجسدية والقيام بخدمة الذكر لا أكثر!.
علينا بالمقابل البحث عن الاسباب التي ادت وتؤدي الى تراجع نسب تفوق الذكور امام نسبة الاناث، حتى وان اخذنا بنسبة عدد الاناث المتقدمات للامتحانات مقارنة مع نسبة الذكور، فالأمر هنا يجب النظر اليه بعين العلاقة بين العلم والتعلم مع الحرية والاستقلال على الصعد الشخصية الذاتية والمجتمعية والوطنية، ومدى قناعة الشباب الذكور بهذه العلاقة، والأسباب المؤدية الى تراجع هذه المعادلة عندهم، وتقدمها عندهن.
قد يستخلص الباحثون اطمئنان الذكور الى مستقبلهم، باعتباره مضمونا فقط لكونهم ذكورا بدءا من الميراث وصولا الى اعلى المراتب في الوظائف الرسمية، او التفضيل في قطاعات الوظائف والعمل على تنوعها، وكذلك ضمانته رئاسة العائلة حتى لو كان الزوج اكفأ وارجح عقلا، او كانت في مرتبة الممتاز وهو في عتبة المقبول !!.. ولا بأس البحث في العمق أكثر فقد نكتشف السر في مفاهيم الانثى عندنا للحياة والسلام، فلا تجسد سبيلا لتجسيدها الا بالتعلم والاستقواء بالعلم على الجهل والظلم.
بعد نتائج امتحانات التوجيهي للعام 2016 يمكن لكل مسؤول ان يقول وهو مطمئن: لو سمحتم الاناث أولاً، والذكور في النسق الثاني، الى حين يأتي فيه القول المأمول: النسق الأول انثى.. ذكر.. ثم انثى.. ذكر، وهكذا.