" التوجيهي" الذي لا تجوز عليه الرحمة - حسن سليم
إذا ثبتت وزارة التربية والتعليم على موقفها وقرارها بوقف العمل بامتحان التوجيهي العقيم، والاعلان رسميا عن موته، وإن كنا عادة ما نقول انه لا تجوز على الميت إلا الرحمة، فان التوجيهي استثناء لا تجوز عليه الرحمة، والأمل أن يعوضنا النظام الجديد خيراً منه، ويوقف هذا النزيف من الضغط الذي نفقد بسببه عديد الضحايا والاصابات، سواء بسبب رسوب البعض أو احتفالاًعلى شرف الناجحين.
نظام التوجيهي العقيم لم يستطع طيلة العقود الماضية التي تم العمل به، أن يحقق المراد منه، أو أن يكون معياراً صادقاً للحكم على إمكانيات الطلبة وطاقاتهم وخبراتهم ومواهبهم، بل بقي قاصراً على فحص مدى قدرة الطلبة على تخزين المعلومات التي شربوها من الكتب، والاحتفاظ بها لتسعة اشهر، ليتم بعدها قذفها دون أي فائدة يحملونها الى المرحلة الدراسية الجامعية.
ولهذا فإن النظام الجديد، المنتظر العمل به ابتداء من العام الدراسي المقبل، ليس المراد منه فقط تغيير آلية الامتحان، وكيفية الاعلان عن نتائجه، بل يحتاج أن يرافقه تغيير جوهري في المناهج، لتكون قادرة على تخريج جيل قادر على اقتحام أسوار الجامعات، والتعامل مع التخصصات الجديدة التي لا تتواءم والمناهج المدرسية وطريقة تدريسها.
والى جانب المسؤولية التي تتحملها الدولة في النهوض بنظام التعليم وتطويره، ليواكب ما يستجد من علوم، فان مسؤولية كبيرة تقع على عاتقنا كأولياء امور في التعامل مع ابنائنا وبناتنا اثناء فترة مرورهم من الممر الاجباري، بأن نكون سنداً لهم مشجعين، وموفرين لهم البيئة الصديقة لدراستهم، بعيداً عن الضغوط التي من شأنها ان تودي بحياتهم، كما يحدث مع البعض سنويا، وآخرها حادثة إلقاء الطالبة من جباليا بنفسها من الطابق الثالث على خلفية نتيجتها في امتحان الثانوية العامة.
بالطبع ليس من المناسب استذكار كثير من المبدعين والعلماء الذين لم يحالفهم الحظ في المدارس، حتى لا يفهم وكأنه تحريض على الانفلاش منها، او تقليلا من اهمية النجاح والتفوق، ولكن من الواجب تذكير انفسنا، بان عدم محالفة الحظ لابنائنا في امتحانهم، لا يعني نهاية المطاف، بل بالامكان معاودة الكرة مرة اخرى، ليتحقق لهم النجاح، وهذا ما نحتاج ان نعيه، قبل ان نطالب ابناءنا بما قد لا يعونه.