الإعلان عن مراسم وداع وتشييع القائد الوطني المناضل الكبير اللواء فؤاد الشوبكي    "مركزية فتح": نجدد ثقتنا بالأجهزة الأمنية الفلسطينية ونقف معها في المهمات الوطنية التي تقوم بها    17 شهيدا في قصف الاحتلال مركزي إيواء ومجموعة مواطنين في غزة    الرئيس ينعى المناضل الوطني الكبير اللواء فؤاد الشوبكي    سلطة النقد: جهة مشبوهة تنفذ سطوا على أحد فروع البنوك في قطاع غزة    و3 إصابات بجروح خطيرة في قصف الاحتلال مركبة بمخيم طولكرم    الرئيس: حصول فلسطين على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة سيسهم في بقاء الأمل بمستقبل أفضل لشعبنا والمنطقة    "استغلال الأطفال"... ظاهرة دخيلة على القيم الوطنية وجريمة يحاسب عليها القانون    "التربية": 12.799 طالبا استُشهدوا و490 مدرسة وجامعة تعرضت للقصف والتخريب منذ بداية العدوان    الاحتلال يشرع بهدم بركسات ومنشآت غرب سلفيت    الاحتلال يعتقل شابا ويحتجز ويحقق مع عشرات آخرين في بيت لحم    10 شهداء في استهداف شقة سكنية وسط غزة والاحتلال يواصل تصعيده على المستشفيات    استشهاد مواطن وإصابة ثلاثة آخرين خلال اقتحام الاحتلال مخيم بلاطة    الجمعية العامة للأمم المتحدة تعتمد بالأغلبية قرارين لدعم "الأونروا" ووقف إطلاق النار في غزة    الاحتلال يعتقل 10 مواطنين من الضفة بينهم مصاب  

الاحتلال يعتقل 10 مواطنين من الضفة بينهم مصاب

الآن

في الذكرى الثالثة لرحيله "أبو السكر" .. الرجل الذي توارى عن الأنظار فجأة -عبد الناصر عوني فروانة

أصعب اللحظات هي تلك التي تقرر فيها الكتابة عن مناضلين كانوا عظماء في حياتهم فوق الأرض، وظلوا عظماء في جوفها بعد مماتهم. عن رجال صدقوا وأوفوا ما عاهدوا الله عليه، وحملوا هموم شعبهم وقضيته العادلة، وجعلوا من الوطن مشروعهم، واختاروا طريق النضال قدرهم. عن أسرى سابقين أمضوا زهرات شبابهم وسنوات طويلة من أعمارهم في سجون الاحتلال، فأدركوا معنى السجن وحجم المعاناة، ليشكلوا سنداً قوياً لزملائهم الذين لا يزالوا يقبعون في السجون ويعانون صدأ القيد وقسوة السجان.
 
أحمد جبارة "أبو السكر" هو واحد من أولئك المناضلين الذين يستحقون أن تُكتب أسمائهم في سجل العظماء، فهو من أوائل المنتميين للثورة الفلسطينية المعاصرة، ومقاوم عنيد سجل في تاريخ المقاومة صفحات مضيئة تَصلح لأن تُدَّرَس للأجيال المتعاقبة، ومناضلاً سطر إرثاً كفاحيا وطنياً نفخر به، ورجلاً آمن بأفكاره ومبادئه وقضى لأجلها.
 
"أبو السكر" .. أسير سابق شكَّل قاسما مشتركا فيما بين الأسرى بأخلاقه وطيبته وعلاقاته الوطنية الواسعة وبساطته المعهودة وتواضعه المثير للإعجاب، كما وشكّل بؤرة اهتمام ورافعة معنوية للحركة الأسيرة جمعاء بثباته وصموده طوال ما يزيد عن ربع قرن أمضاها خلف قضبان السجون.
 
" أبو السكر " .. منفذ أشهر العمليات العسكرية ضد الاحتلال الإسرائيلي، حفر اسمه على جدران الزنازين، ووضع بصمته في تاريخ الحركة الأسيرة، وساهم مع إخوانه ورفاقه في تأسيس مدرسة السجون، وبعد تحرره كان مناصراً قوياً لهم، وداعماً لحريتهم ومسانداً قوياً لقضيتهم العادلة.
 
"أبو السكر".. لم أنل شرف اللقاء به خلف أسوار سجون الاحتلال الإسرائيلي، وإنما التقيته حراً للمرة الأولى في غزة الصمود، واجتمعت به مراراً في كل من الجزائر والمغرب والعراق خلال مشاركتنا في مؤتمرات خاصة بالأسرى عقدت هناك، وتابعت تحركاته ولقاءاته المتكررة ومشاركاته في الفعاليات والاعتصامات منذ تحرره، وزياراته المتواصلة برفقة وزير الأسرى عيسى قراقع لعائلات الأسرى والتي لم تتوقف حتى لحظة رحيله. فكان حقاً واحد من أبرز الأسرى المحررين المخلصين والأوفياء لزملائه الأسرى وقضاياهم.
 
"أبو السكر" .. لم يكن بالنسبة لنا ثائراً أو مناضلاً عادياً، أو مجرد أسير سابق أمضى 27 عاما في السجن، وإنما هو تجربة ثقيلة حملت في ثناياها الكثير من المحطات والوقفات والعلامات البارزة التي تستحق الفخر والاعتزاز.
 
أحمد جبارة  "أبو السكر"، من مواليد عام 1936, ومن سكان قرية ترمسعيا شمال مدينة رام الله، وانتمى للثورة الفلسطينية المعاصرة من خلال حركة "فتح" في السنوات الأولى لانطلاقتها، وقام في الخامس من تموز/يوليو عام 1975 بتفجير "ثلاجة" مليئة بالمتفجرات في ميدان صهيون بالقدس مما أسفر عن مقتل 13 اسرائيلياً وإصابة 78 آخرين، واعتقل في العشرين من سبتمبر/أيلول عام1976، وأطلق سراحه في الثالث من يونيو/ حزيران عام 2003 بعد 27 سنة أمضاها في غياهب السجون، ليرحل عنا اثر نوبة قلبية، ويتوارى عن الأنظار فجأة ودون مقدمات في السادس عشر من تموز/يوليو 2013 .
 
"أبو السكر" .. شخصية نادرة، عاش حياة خصبة وغنية.. حاملا قضية ورسالة، فصنع تاريخاً حافلاً بالبطولات والمآثر، بالعذاب والمعاناة، بالتواضع والبساطة، وترك إرثا غنياً بالعطاء والتضحية، فأحبته الثورة، وعشقه شعبه واحتضنه ثرى وطنه، فكتبت له القصائد والأشعار ورددت اسمه الشفاه وستحفظه الأجيال.
 
"أبو السكر" .. ذاك الرجل الذي خطفه الموت دون مقدمات، ليبعده عن عيوننا وليُغيب شمسه عن حياتنا، فيما بقى اسمه حاضراً فينا، وذكراه باقية لم ولن تختفي أبداً من ذاكرتنا، ونجمه الساطع سيبقى في قلوبنا.

ha

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2024