ديمقراطية فتح تُسقِط غير المأسوفِ عليهم والضالين - موفق مطر
لا ندري معنى عناد الصغار على مساعيهم الخائبة في السيطرة على حركة عجزت دول وقوى اقليمية عن الامساك بقرارها الوطني او استلابه، أو احتوائه او اتخاذه مجرد ورقة للعب بها مع الكبار!!. انها حركة فتح التي حتى وان انكسر ريش اهترأ في اجنحتها، الا ان قدرتها على التحليق اعجازية، فالصقور لا تطير بأجنحتها وحسب، بل بقدراتها اللا مرئية الكامنة في ارادتها على ان تكون حرة دائما، محلقة في الأعلى، تواجه فرائسها وجها لوجه، تعف عن الجيف، وفتات موائد الضباع والذئاب والمفترسات القمّامة ايضا.
هُيِئ لمن في نفسه مرض وغرض، واغتنى وتسلل الى المواقع المتقدمة، بإمكانية تحويل حركة تحرر وطنية الى مجرد جماعة- او عصبة تأتمر لرغباته، ومشيئته المسيرة بريموت كونترول القوى الاستخبارية الدولية، يحركها حيثما ووقتما شاء لأهداف لها علاقة باي امر في هذا العالم الا طموحات وآمال وأهداف الشعب الفلسطيني وحريته واستقلاله، مغفلا تاريخها الكفاحي والنضالي العريق على مدى اكثر من نصف قرن، والمستمدة روحها وماء حياتها من الجذور التاريخية لشعب عريق اصيل، لن تشتري اموال العالم كله منه ذرة تراب من ارض وطنه، ولم ولن تغريه عن مساومة الحرية بذهب الدنيا.
فتح التي شدت عرى وثاقها الأبدي مع المصلحة الوطنية العليا، وربطت مصيرها بمصير الشعب الفلسطيني حتى انتصار قضيته العادلة، ويقودها منذ انطلاقتها قبل 51 عاما مناضلون وطنيون حكماء عقلاء، ابطلت بالأمس القريب وتحديدا مساء الثلاثاء في شرق غزة أهداف ومساعي المتجنحين المرتبطين بأجندات اقليمية، وأحرقت الى الأبد مقولات اصحاب مذهب المصالح المادية الفئوية العصبوية الجهوية، ونفختها في وجوههم رمادا، لعل حموضته توقظهم من غيهم وبطرهم، وابلغتهم ان من يتكبر على فتح سيبقى صغيرا، لن يجد في سجل الشرف الوطني مكانا على الاطلاق ومن يؤمن بفتح سيبقى كبيرا حتى بعد نقش اسمه على شاهد ضريحه.
كيف لا تنتصر فتح فيما رئيسها وقائدها العام محمود عباس ابو مازن يقدم كل يوم نموذجا يحتذى على التمسك بالمبادئ والاهداف والثوابت الوطنية رغم الضغوط الهائلة على مؤسسات الوطن وعليه شخصيا التي وصلت الى حد تهديد حياته؟ كيف لا تنتصر الحركة وهي المتمسكة بديمقراطيتها التي اختارتها منهجا لإدامة حياتها التنظيمية، كقاعدة لبناء مجتمع السلم الأهلي الفلسطيني، وتكريس مبدأ التداول على السلطة عبر صندوق الاقتراع، والنزاهة والحرية.
كيف لا تنتصر فتح الولاء والانتماء الوطني في اقليم شرق غزة وتنجح بعقد مؤتمرها رغم جنوح (الجنحيين) للعنف في محاولة لتخريب المؤتمر، مستنسخين افعال اقرانهم الانقلابيين في حماس، الذين لا يمكنهم تقبل فرصة نجاح المؤمنين بعقيدة الوطن، وقيم حركة التحرر الوطنية الفلسطينية.
فشل (الجنحيين) في كسر وتعطيل مسار مؤتمر اقليم شرق غزة، برهان وبيان للناس في هذا الوطن ان المناضل الذي اختار فتح للنضال من اجل فلسطين، قد اختار الحياة والحرية والمستقبل في قلب الوطن، وأن الأوطان لا تباع، لأنها كالكرامة والحرية، ليست رخيصة الا على الذين استرخصوا دماء الشهداء، وباتوا يعرضونها في اسواق (النخاسة السياسية)، واغتنوا من بيعها لهذا وذاك، واستثمروا الاموال في تجارة الحرب، وتسليم اعناق الأحرار للباحثين عنها!. انتصار الديمقراطية في حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح، انتصار للديمقراطية في الوطن، وانتصار لحرية المواطن في الاختيار، وانتصار للانتماء الوطني، وضربة في الصميم لمن يفكر او يسعى لتحويل المناضل في صفوف حركة التحرر الوطنية الى مجرد مرتزق، تابع لشخص، والجولة قبل الأخيرة لتشييع الولاء الشخصي الى مقبرة غير المأسوف عليهم والضالين... الأوراق المريضة تسقط تلقائيا عن غصون الشجرة الأم، او قد تحتاج الى هز الفروع احيانا، وهذا ما حدث في اقليم شرق غزة.