فخري العمري (أبو محمد).. بقلم: عيسى عبد الحفيظ
الشهيد أبو محمد العمري اغتيل مع القائدين أبو إياد وأبو الهول في تونس مساء يوم 14/1/1991 قبيل حرب الخليج الأولى ضد العراق بعد اجتياح الكويت.
مواليد حي العجمي في يافا عام 1936. من أسرة مناضلة شاركت في ثورة 1936 ودعمت الشيخ حسن سلامة في منطقة يافا والقرى المحيطة بها.
هاجرت أسرته هرباً من المجازر الصهيونية على متن قارب من ميناء يافا واستقرت في مدينة بورسعيد المصرية وسكنت في خيمة بالية تنتظر توزيع الطعام كل يوم حتى ضاقت الحال بالوالد الذي قرر العودة إلى قطاع غزة حيث سكنوا في مخيم البريج حيث لم تكن الظروف المعيشية أفضل، ما اضطر الأخوين محمود وربحي للعمل لتأمين إعالة الأسرة فيما التحق الأخوة الباقون فخري العمري وفوزي وشوقي بالمدارس على أن يعملوا في الإجازة الصيفية.
برع شوقي في فن الخط، ما اتاح له العمل خطاطاً ليافطات المحلات وهو ما ساعد الأسرة شيئاً ما بالإضافة إلى عمل إخوته الآخرين للانتقال إلى مدينة غزة والسكن في حي الصبرة بالقرب من شارع عمر المختار واستئجار مسكن تعود ملكيته لآل الحسيني. تشكل وعيه السياسي في تلك الفترة خاصة بعد انسحاب القوات الاسرائيلية عام 1956 وتعرفه على الشهيد صلاح خلف أبو اياد الذي كان يكبره بثلاث سنوات وأصبح من أقرب أصدقائه، تلك الصداقة التي استمرت عشرات السنين لم يفترقا حتى عند لحظة الاستشهاد.
تأثر أبو محمد بأستاذه صلاح خلف الذي أسهم في تعزيز فكره الوطني والذي عمل مدرساً قبل سفره إلى الكويت. كان أبو إياد يستغل منصبه في التعليم لتحفيز الشباب على المواجهة والمقاومة والتشبث بالشخصية الوطنية ما ترك أثره على الكثيرين الذي سارعوا للالتحاق بالعمل الفدائي منذ البدايات وكان أبو محمد من هؤلاء.
ساهم أبو محمد في استقطاب الشباب مستثمراً موقعه المتقدم في الرياضة والنوادي. انتقل للعمل في السعودية ولم تنقطع علاقته مع صلاح خلف الذي انتقل للعمل في الكويت. عندما تبلورت فكرة حركة فتح، التحق أبو محمد بالتنظيم في السعودية وبعد نكسة حزيران 1967 وبداية التحضير للانطلاقة الثانية، التحق أبو محمد بالعمل الفدائي متفرغاً.
بعد معركة الكرامة قررت القيادة بناء جهاز الرصد الثوري وأوكلت مهمة تشكيله لصلاح خلف الذي قام باختيار عشرات الشباب الذين أوكلت لهم مهمة تأسيس المؤسسة الأمنية الفلسطينية وكانوا من ساحات مختلفة كالسعودية ومصر والكويت وسوريا والأردن.
كان فخري العمري من هؤلاء أرسلتهم الحركة للتدريب الأمني في مصر حيث جرت الدورة التدريبية في معهد البحوث الاستراتيجية التابع للمخابرات المصرية والمتخصص في تخريج قادة العمل الأمني والعسكري، وبعد انتهاء الدورة تم تعيين أبو محمد مسؤولاً للرصد الثوري في مدينة إربد شمال الأردن.
بقي يعمل في جهاز الرصد في بيروت بعد أحداث أيلول 1970 وشارك في التخطيط لملاحقة شبكات التجسس في أوروبا.
بعد استشهاد القادة الثلاثة كمال عدوان وكمال ناصر وأبو يوسف النجار قررت القيادة تشكيل جهاز الأمن الموحد لحماية منظمة التحرير الفلسطينية فيما أبقت فتح على جهازها الخاص تحت مسمى الأمن المركزي، وكان أبو محمد من قيادة جهاز الأمن الموحد الذي تولى مسؤوليته الشهيد صلاح خلف وكان نائبه الشهيد أمين الهندي فيما أصبح أبو محمد عضواً في قيادة الجهاز.
سقط برصاص الغدر في ليلة تونسية ماطرة وسقط معه الشهيدان أبو إياد وأبو الهول. رحم الله شهداءنا وأسكنهم فسيح جناته.