روابي ونابلس... معا - حسن سليم
في مدينة روابي النموذجية شمال رام الله كان الحفل الساهر يوم الجمعة الماضي، على مدرجها، وهو الأكبر في الشرق الأوسط إذ يتسع لأكثر من 15 ألف شخص، واحياه أمير الطرب العربي صابر الرباعي، القادم من تونس التي نحب، التي احتضنت مناضلينا بعد حرب بيروت عام 82، وكانت لهم خير مضيف، حتى كانت العودة للوطن.
قدوم الفنانين والساسة ورجال الدين والاقتصاد الى فلسطين، مطلب لم نتوقف عنه نحن الفلسطينيين، في مواجهة حملات التحريض من قبل الموتورين الذين حرموا تلك الزيارات واعتبروها تطبيعا مع الاحتلال، في حين كان موقف العقلاء من العرب، ان زيارة السجين لا تعني أبداً تطبيعا مع السجان.
وقبل الحفل الساهر بليلة، كانت الصورة دموية ومحزنة في البلدة القديمة في مدينة نابلس، باستشهاد اثنين من رجال الأمن، الذين قضوا برصاص الخارجين عن القانون، اثناء حملة امنية لاعتقال من يمارس العربدة على المواطنين، ويعتاش على الخاوات من قوت المواطنين، ويدير أوكار المخدرات.
استشهاد اثنين من ابناء المؤسسة الامنية يوم الخميس، وكان قد سبقهم اثنان من زملائهم، اثناء قيامهم بواجبهم، كان يحتم عدم التهاون مع تلك الثلة التي استمرأت القتل، ولم ترتدع، فقتل اثنان منهم وتم اعتقال آخرين ومصادرة كمية من الاسحلة والعتاد والقنابل اليدوية، وما زالت الاجهزة الامنية تواصل الليل بالنهار لتنظيف المدينة من طحالب الفلتان.
بالمقارنة بين الحفل الساهر في روابي والليلة الدموية في نابلس، كان التساؤل عن القدرة في الجمع بينها، حتى ذهب بعضنا الى حد تحريم الفرح، حزنا على شهداء الواجب.
ان ما تريده عصابات الفلتان، ومقاولو الرعب والخراب في مجتمعنا، هو حشرنا في مربع الخوف، والحزن وعدم الخروج منه، لنبقى بانتظار سقوط الضحية القادمة نتاج رصاصهم، وهذا ما جعل شهداء الواجب الى الاقدام بشجاعة يدفعون حياتهم ثمنا من اجل تخلصينا من ذلك الرعب، لنمارس حقنا بالفرح والحياة، وعدم الاستسلام لصوت التخويف والارهاب.
بالطبع يحزننا فقدان شجعان من ابناء المؤسسة الامنية ومن كل اطياف شعبنا من الحريصين على امن المجتمع واستقراره، لكن الاكيد انه يفرحهم اكثر ان ننعم بما يحققون من نتائج، واهمها الامن والاستقرار.
وفي مقابل اصوات التحريم للفرح، كان من يقابلهم من على منابر المساجد، بالقفز عن تضحيات شهدائنا من ابناء الاجهزة الامنية، وما دفعوه من ثمن في مواجهة عصابات الفلتان والخارجين عن القانون، لاجل ان نحيا، بان يخصصوا جل خطبهم للدعوة للمقاتلين في افغانستان وكابول، والشرح المستفيض لاصول المعاشرة وفوائد استخدام السواك، وكأنهم يقيمون في كوكب آخر.
نعم سنفرح، ونحزن معا، وسنحارب الفلتان ونبني معا، وسنلفظ قطعان الفلتان ونكرم شهداءنا معا.