الانتخابات ليست بأي ثمن ... حسن سليم
لا يختلف اثنان على أهمية إجراء الانتخابات، كونهاً وجهاً ديمقرطياً للمجتمع، وأداة كفاحية لمقاومة الاحتلال، لكن ما لا يجب الاختلاف عليه، أن الانتخابات لا يجب ان تكون بأي ثمن، فمن غير المتصور ان تكون الأداة الكفاحية والوسيلة لدمقرطة المجتمع بخلاف القانون، فذلك قمة التناقض والتعارض، بأن يتم تحليل الحرام، ومن ثم الادعاء بأن الغاية نبيلة. بالطبع هناك من يتطلع الى مكاسب آنية، لأنه لا يؤمن أصلا بنظرية الدولة، ولا بمأسستها، ولا يريد أن يرهق نفسه بنظرة بعيدة المدى لما سنحصد نتيجة هذا الاستعجال، فالأمر بالنسبة إليه، ليس أكثر من "اضرب واهرب". القضاء الذي يجب حمايته، وعدم السماح لمجرد التفكير بالمساس بهيبته، او التشكيك في نزاهته، اثبت غير مرة، ان صوته عاليا، بل وفاجأ الجميع بجرأة احكامه، دون الالتفات لمصلحة هذا الحزب او ذاك، او لهذه السلطة او تلك، بل اعتبر المراقبون ان احكامه جاءت في كثير من المنازعات على غير المتوقع، والحديث هنا عن ايقافها وابطالها لقرارات رأس النظام السياسي "الرئيس"، الذي سَلم، بما تم القضاء به، وامتثل لحكمه. السؤال اليوم، عن التغير في الموقف من القضاء، عندما يكون حكمه لا يتوافق ورغباتنا، وكأننا نريد قضاة خياطين، محكومين لميولنا ومصالحنا الضيقة، وهنا تصبح الكارثة قد حلت علينا. محكمة العدل العليا، وهي المحكمة المختصة بالنظر بالطعون الخاصة بالانتخابات، وفقا لقانون تشكيل المحاكم النظامية رقم (5) لسنة 2001م، قررت وقفاً مؤقتاً لتنفيذ قرار مجلس الوزراء إجراء الانتخابات المحلية، في الثامن من تشرين الأول المقبل، إلى حين موعد البت فيها يوم الحادي والعشرين من الشهر الجاري في دعوى تقدم بها ممثلو ثلاث قوائم انتخابية، بشأن عدم توفر الظروف الملائمة لإجرائها، ولكون الأجهزة الرقابية والأمنية في قطاع غزة غير شرعية، ولكون المحاكم والقضاة هناك غير شرعيين. وغياب الشرعية في قطاع غزة، والرغبة من قبل مجلس الوزراء بإجراء الانتخابات للهيئات المحلية امتثالا للقانون، لا يتعارضان، حيث بالإمكان إجراءها في الضفة فقط، ولا سيما ان صلاحية اختيار المناطق المؤهلة لإجراء الانتخابات لمجلس الوزراء وفقا للقرار بقانون رقم (8) لسنة 2012 المعدل لقانون انتخاب مجالس الهيئات المحلية رقم 10 لسنة 2005 ، والذي نص في المادة ( 2) انه في حال تعذر إجراء انتخابات المجالس يجوز لمجلس الوزراء إصدار قرار بإجراء الانتخابات على مراحل وفق ما تقتضيه المصلحة العامة، معطيا بذلك مجلس الوزراء سلطة تقديرية لتحديد المصلحة العامة، والمناطق التي بالإمكان إجراء الانتخابات فيها. ما كان مستغربا بعد قرار محكمة العل العليا، ان بعض من يدعون الى دمقرطة المجتمع ومدنيته، سارعوا الى رفض قرار المحكمة، بل واتهموها بالتسييس، فقط لأنها لم تحكم بما ارادوا، وافتوا بلا علم، دون أي إشارة الى "محاكم غزة " التي أسقطت خمس قوائم. نعم " محاكم غزة " التي تقضي وتفصل بالمنازعات، وترتب للعباد حقوقا، دون أن يكون لها أي صفة قانونية، حيث ان الهيئة حتى تأخذ صفة المحكمة، فان قانون تشكيل المحاكم النظامية رقم (5) لسنة 2001 م، في الفصل الأول في المادة (1) أوضح أن المحاكم النظامية بمختلف درجاتها تنشأ وفقاً لأحكام قانون السلطة القضائية وهذا القانون، وان تعيين دائرة اختصاص المحاكم النظامية يكون بموجب قرار يصدر من وزير العدل، أما تعيين القضاة، فلا اعتقد انها غير معلومة لمن يدعي شرعية القضاة في محاكم حماس، حيث جاءت الإجراءات الواجب إتباعها واضحة، وفقا للمادة (17) من قانون السلطة القضائية رقم (15) لسنة 2005م، بأن شغل وظيفة القاضي يكون بقرار من رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية بناءً على تنسيب من مجلس القضاء الأعلى، وهذا لم يتم فيما يخص " قضاة محاكم غزة "، الذين عينتهم حماس دون مرجعات قانونية، بل نصبتهم بقرار ذاتي حزبي محض. بقي الاشارة الا ان حماس كان بامكانها تسجيل نقاط تكسبها المعركة دون ان تفوز بالانتخابات للهيئات المحلية، من خلال تحصلها على الشرعية للأجهزة القضائية والرقابية والأمنية في قطاع غزة، إضافة للاعتراف ضمنا بجيش موظفيها، مقابل خمس هيئات محلية، لن تحكم في أقصى درجات قوتها بغير رضى سلطة حماس، كونها من يحكم غزة.