الإعلان عن مراسم وداع وتشييع القائد الوطني المناضل الكبير اللواء فؤاد الشوبكي    "مركزية فتح": نجدد ثقتنا بالأجهزة الأمنية الفلسطينية ونقف معها في المهمات الوطنية التي تقوم بها    17 شهيدا في قصف الاحتلال مركزي إيواء ومجموعة مواطنين في غزة    الرئيس ينعى المناضل الوطني الكبير اللواء فؤاد الشوبكي    سلطة النقد: جهة مشبوهة تنفذ سطوا على أحد فروع البنوك في قطاع غزة    و3 إصابات بجروح خطيرة في قصف الاحتلال مركبة بمخيم طولكرم    الرئيس: حصول فلسطين على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة سيسهم في بقاء الأمل بمستقبل أفضل لشعبنا والمنطقة    "استغلال الأطفال"... ظاهرة دخيلة على القيم الوطنية وجريمة يحاسب عليها القانون    "التربية": 12.799 طالبا استُشهدوا و490 مدرسة وجامعة تعرضت للقصف والتخريب منذ بداية العدوان    الاحتلال يشرع بهدم بركسات ومنشآت غرب سلفيت    الاحتلال يعتقل شابا ويحتجز ويحقق مع عشرات آخرين في بيت لحم    10 شهداء في استهداف شقة سكنية وسط غزة والاحتلال يواصل تصعيده على المستشفيات    استشهاد مواطن وإصابة ثلاثة آخرين خلال اقتحام الاحتلال مخيم بلاطة    الجمعية العامة للأمم المتحدة تعتمد بالأغلبية قرارين لدعم "الأونروا" ووقف إطلاق النار في غزة    الاحتلال يعتقل 10 مواطنين من الضفة بينهم مصاب  

الاحتلال يعتقل 10 مواطنين من الضفة بينهم مصاب

الآن

هجمات 11 سبتمبر ... وإعادة إنتاج الإرهاب - أنور رجب

كانت هجمات 11 سبتمبر تتويجا لسلسلة هجمات استهدفت الولايات المتحدة ومصالحها في أكثر من بقعة في العالم حيث سبقها تفجير سفارتي أميركا في كينيا وتنزانيا عام 1998، ثم تفجير استهدف المدمرة كول في عدن عام 2000، وقد جاءت هذه الهجمات ضمن إستراتيجية وضعها تنظيم القاعدة، كان محورها تحويل العداء للولايات المتحدة إلى قضية كل العالم الإسلامي، وفي هذا السياق أصدر بن لادن وعدد آخر ممن يصفون أنفسهم برجال الدين فتوى تجيز قتل الأميركيين وحلفائهم مدنيين وعسكريين، واعتبار ذلك فرض عين على كل مسلم. وعلى الصعيد العملي كانت الإستراتيجية تقوم على تنفيذ عمليات نوعية ضد أهداف أميركية بغرض استفزازها وإجبارها على رد مبالغ فيه واستدراجها الى حرب شاملة على ارض الإسلام، و استنزافها في حرب طويلة تؤدي الى انهيارها كما حدث سابقا مع الاتحاد السوفييتي في أفغانستان حسب ما كانوا يعتقدون. 

وفي مقابل إستراتيجية تنظيم القاعدة يشير الكاتب الأميركي جوناثان راندل في كتابه "البروج المشيدة – القاعدة والطريق الى 11 سبتمبر" الى مواطن الخلل والضعف وقصر النظر الذي واكب عمل أجهزة الاستخبارات الأمريكية بسبب المنازعات بين السي آى إيه والاف بي آى، وسواهما من المؤسسات الأمنية الأخرى ذات الصلة بمحاربة الإرهاب، وتعقيدات الإجراءات البيروقراطية التي حكمت العلاقة فيما بينها، وكيف ساهمت في منح تنظيم القاعدة نقاط قوة مكنته من تنفيذ هجماته المتكررة ضد أهداف أمريكية. ويشير كتاب آخرون الى استخفاف تلك المؤسسات بتنظيم القاعدة وبن لادن والتشكيك بقدرته على إيذاء الولايات المتحدة، حيث كانت تنظر لخطاباته التي يهددها فيها بوصفها تصدر عن شخص نرجسي أو مجنون، ولم يتغير هذا الرأي إلا بعد الهجوم المزدوج على سفارتي أميركا في كينيا وتنزانيا. وزاد من تعقيدات مواجهة تنظيم القاعدة في حينه وجود العديد من الكوابح القانونية في النظام القضائي الأمريكي حالت دون اعتقال وتقديم لوائح اتهام ضد عناصره. وكانت نتيجة ذلك كله الفشل في إحباط عمليات استهدفت الولايات المتحدة الأمريكية بما فيها هجمات 11 سبتمبر.

أعلنت الولايات المتحدة بعد تلك الهجمات وبمشاركة دولية واسعة الحرب على الإرهاب، وقد نجحت في تدمير البنية الأساسية لتنظيم القاعدة في أفغانستان وخارجها، وأصبح تنظيم القاعدة على شفا الانهيار التام، إلا أنها وبدلاً من البناء على هذا النجاح وتكثيف الجهود الدولية لملاحقة بقايا التنظيم والقضاء عليه، قامت وضمن إستراتيجية الضربات الاستباقية وبمبررات واهية تبث عدم صحتها بغزو واحتلال العراق عام 2003، والذي كان بمثابة هدية من السماء لتنظيم القاعدة، حيث وجد في العراق فرصة ذهبية لإعادة لملمة بقاياه، وإيجاد ملاذ امن وساحة مركزية جديدة، وهو ما أسس لقدوم أبي مصعب الزرقاوي وجماعته إلى العراق، وفتح الباب أمام الجيل الثاني لتنظيم القاعد الذي كان أكثر شراسة في عنفه. وبهذا قدمت الولايات المتحدة للقاعدة ما كانت تسعى إليه وهو خلق مواجهة مباشرة وواسعة مع الأمريكان على ارض المسلمين، وساهمت في إنجاح إستراتيجية القاعدة التي فشلت في تحقيقها من خلال هجمات 11 سبتمبر 2001.

لم تتعظ الولايات المتحدة من أخطائها في العراق أو لم ترغب في ذلك، إذ وفي العام 2009 ومع بدء انسحابها من العراق تركت المكون السني هناك بين سنديان القاعدة ومطرقة حكومة نوري المالكي الطائفية، بعد أن ساهموا من خلال قوات الصحوات التي شكلتها العشائر السنية وبالتعاون مع الجيش الأمريكي في إلحاق الهزيمة بتنظيم الدولة الإسلامية في العراق بعد خسارته لعمقه الجغرافي وطرده من المناطق السنية التي كان يسيطر عليها، وهذا الخذلان كان قد أثار موجة من الغضب والإحباط لدى العشائر السنية مما اوجد نافذة لتنظيم الدولة لاستعادة حاضنته السنية من جديد. وربما هذا ما دفع البعض للقول "أن الولايات المتحدة الأمريكية كما برهنت على كفاءتها في مطاردة الإرهابيين، فإنها باحتلال العراق برهنت أكثر على كفاءتها في صناعتهم".

الحقيقة أن الولايات المتحدة ومنذ ما قبل منتصف التسعينيات وحتى وقت قريب كانت تمثل القوة الأولى في العالم وتتحكم في إدارة شؤونه في ظل غياب سياسة الاستقطاب الدولية، ومن هنا فهي من يتحمل القدر الأكبر من المسؤولية في إعادة إنتاج الجماعات الإرهابية بسبب أخطائها وعقم إستراتيجيتها في مواجهة تلك الجماعات، وبنفس القدر فان التعاظم الذي شهدته الجماعات الإرهابية في المنطقة العربية بعد ما يسمى بثورات الربيع العربي والذي امتد تأثيره على المستوى الدولي وان تم في ظل عودة سياسة الاستقطاب واستعادة الدب الروسي لنفوذه ودوره فانه لا يمكن إعفاء الولايات المتحدة من المسؤولية، فالتحالف الدولي الذي تم الإعلان عنه في سبتمبر 2014 بقيادة الولايات المتحدة جاء بعد فترة من التردد والإرباك الذي اتسمت به سياسة الولايات المتحدة الأميركية وحلفائها اتجاه الأزمات في المنطقة وتحديداً أزمة تصاعد الجماعات الإرهابية وعلى رأسها تنظيم الدولة. وإذا كانت الولايات المتحدة تتحمل القدر الأكبر من المسؤولية في حقبة سابقة، فقد أصبح لها شركاء كثر الآن في ذلك، إذ ان التناقضات الدولية وحدة التجاذبات بين المحاور التي بدأت تتشكل، واختلاف أجندات ومقاربات الدول المؤثرة في السياسة الدولية في التعامل مع أزمات المنطقة، وتوظيف بعضها للجماعات الإرهابية في خدمة سياساتها الخارجية كان وما زال من أهم العوامل التي تساهم في قدرة هذه الجماعات على الصمود ومنحها مقومات الاستمرار والفعل.

ما نريد قوله هو أن الكونغرس الأميركي وفي التشريع الذي اقره قبل يومين من ذكرى هجمات 11 سبتمبر، والذي بموجبه سمح لأسر ضحايا تلك الهجمات بمقاضاة الحكومة السعودية وبعيدا عن تفاصيل هذا التشريع وتداعياته، كان الأجدر به أن يقدم اعتذاره ليس للشعب الأميركي فقط وإنما للشعوب العربية أيضاً  التي  هي أكثر من يعاني من الإرهاب بسبب أخطاء الحكومات الأميركية المتعاقبة في التعامل مع موضوع الإرهاب، وكان الأجدر به أن يطالب بمحاسبة ومعاقبة العديد من الدول التي كان لها دور في دعم الجماعات الإرهابية. فأين الكونغرس من دور تركيا في تسهيل عبور آلاف المقاتلين للالتحاق بالجماعات الإرهابية في سوريا، وتمويلها لها من خلال شراء النفط منها؟  . وما هو موقفه مما قاله نواب بريطانيون من أن التدخل العسكري البريطاني في ليبيا عام 2011 استند إلى معلومات مخابراتية خاطئة وعجل بانهيار البلد؟ وقبلها كان توني بلير رئيس الوزراء البريطاني السابق قد اقر أن الهجوم على العراق عام 2003 كان بسبب معلومات خاطئة وأدى الى ظهور داعش. فهل المطلوب أن تظل الشعوب العربية تدفع ثمن أخطاء سياسة الولايات المتحدة وحلفائها ومعاييرهم المزدوجة، التي غالباً ما تؤدي  الى إعادة إنتاج الإرهاب وجماعاته، وهذا لا يعني إعفاء بعض الدول العربية من وجود دور لها في الأمر نفسه سواء من خلال دعم بعض تلك الجماعات أو من خلال محاولة توظيفها، أو على الأقل من خلال توفير البيئة الحاضنة لها. 

ha

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2024