سهام جديدة في جعبة (نتنياهو)... بكر أبو بكر
نتنياهو الذي يخوض حربا داخلية مع الأحزاب الأخرى التي وجهت له الانتقادات والسهام المدببة الطويلة، يحاول الخروج مع حزبه من أزمته باستلهام الخطاب التحريفي والتضليلي ضد الرئيس محمود عباس، وبمغازلة اليمين ودعم عصابات المستوطنين، وتقويض فكرة الدولة الفلسطينية بأوهام توراتية ما ظهر في كلامه مؤخرا في الأمم المتحدة. حاول رئيس الوزراء الاسرائيلي جاهدا أن يحقق معادلة جديدة سواء في لقائه مع أوباما أو في تصريحاته المثيرة للجدل التي ارتكزت على "ديمقراطية" الكيان، ويهوديته بمعنى عنصرية (اسرائيل) ما ليس بجديد، وإنما الجديد هو تكراره لكيل الاتهامات وإعلان غضبه من الحراك الفلسطيني الذي أربكه. لقد أربك الحراك السياسي والقانوني (إضافة للمقاطعة، ونقض روايته المكذوبة) رئيس الوزراء الاسرائيلي وجعله يشتم الامم المتحدة ذاتها، هذا الحراك الفلسطيني النابض الذي آخره طلب الاعتذار من بريطانيا على (وعد بلفور) وتحملها المسؤولية، والإعداد للمؤتر الدولي، وتقديم مشروع قرار لمجلس الأمن لاعتبار المستوطنات غير شرعية، أدى لغضبه وتوجهه للقاء الرؤساء الأفارقة علّه يجد السلوى ويوقف الحرب ضد (اسرائيل) كما قال. لم يتورع نتنياهو الذي تذلّل (كما تصفه الصحافة الاسرائيلية) أمام الرئيس الأميركي أوباما عن تأكيد رفضه للسلام، برفضه للمؤتمر الدولي السلام، ورفضه لازالة المستوطنات، ورفضه لتدخلات الأمم المتحدة التي شن عليها هجومه الكبير، ومثيرا الفتنة في الشارع العربي بدعوته لمؤتمر اقليمي مدعيا أن العدو له وللدول العربية هو ايران و"داعش". نتنياهو الذي يجتهد بلا أجر في الهجوم على السلطة الوطنية وعلى الرئيس ابو مازن، يجد له حليفا غير متوقع من بعض الأطراف الفلسطينية التي لا تعجبها سياسية الرئيس أبو مازن الى الدرجة التي تتهمه فيها بأبشع الاوصاف ومن ورائه تتهم حركة فتح والسلطة عامة. إن الحليف غير المتوقع لنتنياهو في هجومه على السياسية الخارجية للرئيس محمود عباس تضع نفسها في نفس الخانة، ولمن يفترض المبالغة في هذا الأمر فله الرجوع قليلا لتصريحات محمود الزهار وصلاح البردويل وفتحي حماد وغيرهم، ثم مؤخرا مشير المصري. إن تصريحات الزهار لوكالة فارس التابعة للحرس الثوري الايراني، واتهاماته لنا بالعمالة ومحاربة الاسلام! لم تعد جديدة، كما الحال مع من ساروا على دربه من ناطقي حماس، ولكن اللافت مؤخرا تصريحات الحليف الجديد للسياسة الاسرائيلية المناهضة للحراك القانوني والسياسي التي تأتي من البعض الفلسطيني، الذي عوضا عن الاتهامات المعهودة بالكفر والخيانة، فإنه ينقذ نتنياهو ويضيف لرصيده السياسي الداخلي عاملا جديدا إذ تصبح المساواة التحريضية والحقودة بين الرئيس عباس و(نتنياهو)! خدمة مجانية لحرب نتنياهو الداخلية، ومسمارا اضافيا في نعش المصالحة التي يُراد لها أن تظل ميتة. يقول مشير المصري في مسيرة فصيل "حماس" لنصرة الأسرى في غزة 23/9/2016 (إن الانتفاضة مستمرة بإذن الله رغم أنف المنسقين أمنيا، ورغم أنف نتنياهو و"الرئيس" عباس حتى تحقق أهدافها)! وهذا الذي لا علاقة له، أو لفصيله بالهبة الشعبية لا من قريب أو بعيد، رغم أنه يدعي تبنيها قولا لا فعلا، فالحدود بين غزة والإسرائيلي آمنة كليا ضمن التنسيق الأمني المباشر والدائم، هذا الرجل إضافة لعدم صحة ما يدعيه، وخروجه عن المألوف الوطني يضيف وأمثاله في "حماس" لرصيد "نتنياهو" ما لا يقدّر بثمن من مزايا هي في جعبة "نتنياهو" في مواجهة خصومه. المصري (وزمرة تعد على أصابع اليدين تهوى الفتنة في "حماس"- غزة) في ذات الوقت ينحو نحو القطيعة البغيضة، وإدامة الانقلاب والانقسام على عكس ما أدلى به رئيسه خالد مشعل في ندوة الجزيرة 24/9/2016 حينما أقر بشجاعة- وربما لأول مرة في "حماس"- بالأخطاء من: زهو القوة ومن فكر البديل لا فكر الشريك، معلنا تراجعه عنه وتبنيه الديقراطية والشراكة، والذي قال نصا إن هناك (خطأ يحصل لدى الكثير، وهو الشعور بزهو القوة، وشرعية الأغلبية فيزهد في الحرص على التوافق، ثم اكتشفنا أن نظرية البديل خاطئة، بمعنى أن تأتي حركة تجد نفسها بديلا عن الآخر لأن برنامجه السياسي فشل أو فقد شرعيته، أو ترهل أو فسد؛ وهذا خاطئ، والمنهج الصحيح الشراكة والتوافق.. علينا ان ننزل لمسألة الشراكة والتوافق وليس البديل). إن كان لبعض الفصائل أو الشخصيات من اختلاف مع سياسات حركة التحرير الوطني الفلسطيني- فتح، أو مع سياسات السلطة ورئيسها فهذا حقها، ولكن غير المفهوم هو القفز من إطار المراجعة والنقد والممارسة الديمقراطية الذي نحض عليه الى إطار الاتهام العشوائي، والقذف والشتم المدبج بالتخوين والتكفير، ثم القفز الى نطاق التحريص المفضي حتما إلى الفتنة أو القتل، وأيضا القفز عاليا لوضع سهام جديدة في جعبة العدو المشترك أي في جعبة "نتنياهو".