نائب الرئيس - حسن سليم
شاء من شاء، وأبى من أبى، لكن الحقيقة التي لا يمكن القفز عنها، او تغطيتها بغربال، هي ان تدفاعا للاسماء، او أسماء يتم دفعها لتطفو، قد بدأ، لتقول: انا نائب الرئيس.
حالة لا يمكن وصفها بانها اقل من غريبة، بان التداول باسماء لتولي منصب نائب الرئيس، طمعا للوصول الى منصب الرئيس، فيما الوضع السياسي القائم ولا سيما فيما يختص بالصراع مع دولة الاحتلال، الذي يصيب السلام كل يوم في مقتل، وفي ظل غياب الدور الدولي لجعله سهلا، يجعل التعامل معه، اشبه بالمستحيل.
تداول الاسماء سواء من قبل اصحابها، او بدفع الآخرين لينطقوا بها، يثير الاسغراب في ظل عدم وجود سند قانوني لهكذا منصب في القانون الفلسطيني، الذي يحتاج لانتاجه تعديلا للقانون الاساسي (الدستور)، باغلبية الثلثين وفقا للمادة (120) من القانون الأساسي، وهذا شبه المستحيل تحقيقه بحكم عدم انعقاد "التشريعي"، وحالة الانقسام التي رمت باطرافها على شرعيته، وعدم التوافق على انعقاده، يجعل من التعديل امراً مستحيلا.
وبين مطالبة البعض لحركة فتح وللرئيس باستحداث واقرار منصب نائب الرئيس، ظلم للحركة، وتحميلها ما طاقة لها به، وبالمقابل وقع البعض في فخ تلك المطالبة، ليظن انه صاحب الصلاحية، وله الحق بذلك، وفي الحالتين، يضر بحركة فتح.
نعم لا احد ينكر ان موقف حركة فتح مهم ومحوري في الترشيد والترشيح والاختيار، اذا ما كان الامر باتجاه التوافق، لكن ذلك ليس سهلا في ظل حالة الاختلاف المعاشة، ما يستوجب ان يتم في اطار ودوائر اوسع، اكبر من تنظيم، واكبر من تشاور في غرف صغيرة، وبكل الاحوال وفقا للقانون.
وقد يكون من المفيد استدعاء التاريخ، للاستفادة منه، وهنا العودة ليوم استشهاد الرئيس ياسر عرفات، وشغور منصب الرئيس، توافقت قيادة حركة فتح على الرئيس ابو مازن ليكون رئيسا للسلطة الوطنية، الا انه رفض تولي الرئاسة الا باجماع الكل (وكانت لفترة انتقالية لحين اجراء الانتخابات الرئاسية)، وليس بتوافق نسبي، لانه كان يدرك انه سينتقل من عضوية هيئة قيادية لحركة الى تولي منصب رئيس للكل، وبين المهمتين اختلاف كبير.
وما هو حري بالتطرق اليه، هو تطوع البعض لطرح سواء فيما يخص قضية الخلافة او النائب للرئيس، والظن ان الامر حق يراد به باطل.
والا ما هي المصلحة التي التقى عليها هؤلاء المختلفون، وكيف استطاعت هذه القضية ان تجمعهم، ليكونوا على طريقة القارئين على يد شيخ واحد، دون ان يتلعثموا، الا اذا كانوا قد تمرنوا على حفظ الدرس جيدا، بل استدعوا كل مواقف الخلاف، ووقودها لتكون المرشد لهم، متعاهدين على عدم الخروج على ولاية الفقيه. ولاية الفقية بمعنى الالتزام بتغييب العقل لصالح تحقيق هدف.
لا احد ينكر ضرورة الاجابة على الاسئلة المشروعة، او على الاقل التنبؤ باجابات لها، لكن المحظور ان لا تكون الاجابة قائمة على منهجية تضمن سير ثقافة الدولة في العمل، بعيداً عن سياسة الترقيع التي قد يرتاح لها البعض مرحليا، ويسميها ضرورة للمرحلة، غير ان تلك السياسة سرعان ما ستنفجر، او ستحدث ارتدادات لا تحمد عقباها.
ان ما هو اهم من الدخول في نفق الجدل المظلم، هو الانشغال بالحفاظ على كيان الدولة، وان كان عظماً، والحلم باستكمال كسوته لحماً، وبناء مؤسساتها بوعي المتطلعين الى الخلاص من الاحتلال واثاره، الذي ينتظر ان يعيش افضل حالاته واقصاها سرورا، متطلعا، بل يشجع على انشغال فلسطيني اعمق واكثر حدة، بما يؤدي الى ازاحة الضغط المتواصل عن صورته التي تم كشفها امام العالم، وفضح زيف ادعاءاته، وعري سياساته.