الرجوب ينفي تصريحات منسوبة إليه حول "مغربية الصحراء"    الاحتلال يوقف عدوانه على غزة: أكثر من 157 ألف شهيد وجريح و11 ألف مفقود ودمار هائل    الأحمد يلتقي ممثل اليابان لدى فلسطين    هيئة الأسرى ونادي الأسير يستعرضان أبرز عمليات تبادل الأسرى مع الاحتلال    الاحتلال يشدد إجراءاته العسكرية على حاجزي تياسير والحمرا في الاغوار وينصب بوابة حديدية على حاجز جبع    حكومة الاحتلال تصادق على اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة    استشهاد مواطن وزوجته وأطفالهم الثلاثة في قصف للاحتلال جنوب قطاع غزة    رئيس وزراء قطر يعلن التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار في غزة    "التربية": 12,329 طالبا استُشهدوا و574 مدرسة وجامعة تعرضت للقصف والتخريب والتدمي    الاحتلال يُصدر ويجدد أوامر الاعتقال الإداري بحق 59 معتقلا    "فتح" بذكرى استشهاد القادة أبو إياد وأبو الهول والعمري: سنحافظ على إرث الشهداء ونجسد تضحياتهم بإقامة الدولة المستقلة وعاصمتها القدس    34 عاما على اغتيال القادة أبو إياد وأبو الهول والعمري    الاحتلال يعتقل 13 مواطنا من مخيم بلاطة شرق نابلس    شهداء وجرحى في قصف للاحتلال على مناطق متفرقة من قطاع غزة    الاحتلال يشدد إجراءاته العسكرية على حواجز نابلس  

الاحتلال يشدد إجراءاته العسكرية على حواجز نابلس

الآن

«ساتر ذيب.. وداعا» .. بقلم: عيسى عبد الحفيظ

طفل النكبة تفتحت عيناه بعدها بعام واحد لتجد العائلة نفسها في خيمة ممزقة على أرض لبنان. حملت ما تيسر من متاع الفقراء من قرية الغابسية قضاء عكا وتوجهت شمالا الى لبنان أقرب اماكن اللجوء الى عكا، المدينة التي تغازل البحر حيث تغسل أمواجه شواطئها فقيل في المثل الشعبي الفلسطيني «لو عكا خافت من موج البحر لما سكنت على الشاطئ». عكا احدى حواضر فلسطين التاريخية حيث يقف فيها مسجد الجزار شامخا يروي قصص البطولات والصمود في وجه الغزاة، نابليون الذي قهر دول أوروبا على امتداد سنوات، وقف زحفه على أسوارها العصية بعد حصار ثلاثة أشهر كاملة حتى اضطر الى العودة خائبا وقال قولته المشهورة «تحت أسوار عكا فقدت أحلامي».

 عكا مدينة الشهداء الثلاثة الذين قامت سلطات الانتداب البريطاني بشنقهم يوم الثلاثاء الحمراء، هذا التاريخ الذي بقي محفوظا في تاريخ الانتداد الاسود، وفي الذاكرة الفلسطينية لأجيال قادمة.

قرب الشاطئ على بحر عكا ما زالت قبور الشهداء الثلاثة شاهدة على جريمة الانتداب البريطاني الذي سهل ويسر استقدام عشرات آلاف المهاجرين اليهود الى فلسطين بعد أن أصدر بلفور وعده المشؤوم الذي يتعهد فيه باقامة وطن قومي لليهود على أرض فلسطين مستغلا وقوعها تحت الانتداب بعد انهيار الامبراطورية التركية في الحرب العالمية الأولى حتى أن الوعد المشؤوم صدر قبل نهاية الحرب بعامين كاملين.

 على هامش بيت العزاء الذي أقيم لتأبين الفقيد ساتر في فندق (ريتنو)، انتحى بي أحد الاصدقاء جانبا وحدثني عن اول يوم وصل فيه الفقيد ساتر الى الجزء المتاح لنا من الوطن - حسب تعبير الصديق الشاعر احمد دحبور والذي نرجو له السلامة والنهوض من فراش المرض قريبا باذن الله، الولد الفلسطيني ابن حيفا صنو عكا على خاصرة المتوسط، قال وآمل ان يتمالك القارئ أعصابه حتى لا تنفجر كما حدث معي دمع من حضر يوم وصول ساتر ذيب الى أرض الوطن والذي استذكر ان له خالة ما زالت تقيم في الغابسية لكنه لا يعرف عنها شيئا لأنه ولد بعد عام واحد من الهجرة لكن والدته حدثته ان خالته (خديجة) ما زالت تقيم في فلسطين التاريخية، فانبرى الصديق عصام ابو بكر وكعادته دائما وتطوع فورا لايجادها، وبقي ساعات يتصل هنا وهناك متنقلا من واحد لآخر حتى استطاع الوصول الى رقم هاتف (بريزما) في ذلك الوقت لجار يسكن قرب خالة ساتر والذي بدوره أوصل المعاملة وسهل عملية التواصل بين ساتر وخالته. تناول ساتر الهاتف وقال فقط: مساء الخير ام حسن، ولم يزد عن ذلك. بقيت الخالة (ام حسن) صامتة برهة ولم تجب على السلام فورا، وهنا كانت الصدمة حين قالت: ألست ابن (هدية)؟ فرد فورا وهو تحت وقع الصدمة: وكيف عرفت؟ فقالت: صوتك يشبه صوتها الذي ما زال يرن في أذني منذ عام 48؟ هنا، انهار ساتر وانهار الجمع الذي كان حاضرا، وعندما روى لي الصديق اصابني الانهيار واطفرت الدمعة من عيني، وكان تعليقي ان هذا المشهد جدير بأن يتحول الى فيلم سيحطم كل حواجز العالم الانسانية وسيجعل فلسطين قصيدة وملحمة انسانية تدفع كل صاحب احساس حتى لو تواجد في القطب الشمالي ويتعاطف مع فلسطين من خلال تعاطفه الانساني على الأقل.

 ساتر ذيب ابن مخيمات بيروت البائسة انتمى الى الثورة وانخرط فيها مبكرا في مؤسسة (صامد) ثم في وزارة الاقتصاد وبقي ناشطا فتحاويا حتى سقط على درب الصمود والتشبت بالوطن، هكذا دفعة واحدة دون مقدمات، لم يمرض ولم يشك. رحيل مفاجئ كما هي المفاجآت الفلسطينية والاحداث التي لا يتوقعها احد، تماما كما كانت المفاجئة حين ميزت صوته خالته بعد اكثر من اربعين عاما وهي التي لم تشاهده مرة واحدة حتى ان ميلاده كان بعد الهجرة. استيقظت احاسيسها وعادت بها الذاكرة الفلسطينية العصية على النسيان وبقيت ذاكرتها تختزن رنة صوت اختها ام ساتر والتي صوتها يشبه صوت ساتر!!

 

 

kh

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2025