المؤتمر السابع لحركة فتح يتجاوز العراقيل المصطنعة - د.مازن صافي
عندما انطلقت حركة فتح، كان شعارها الفاعل أن تحرير فلسطين هو الطريق الآمن للوحدة العربية، ومن ذلك الوقت عملت تلك الأنظمة على محاربة هذه الاستيراتيجية الوطنية الفلسطينية، وأصرت برغم انتكاساتها على شعارها الغير قابل للتطبيق "الوحدة طريق التحرير"، فلا وحدة عربية ولا رؤية تحررية، وواجهت حركة فتح كل ذلك وكرست جهدها من أجل عدم التدخل في الشؤون العربية الداخلية وفي نفس الوقت رفضت التدخل العربي في حركة فتح، على أساس أن القضية الفلسطينية هي القضية المركزية للجميع، وبذلك تم رفض التبعية والوصاية وولدت الحصانة والمنعة للقرار الفلسطيني المستقل، وتلا ذلك الكثير من المؤتمرات العربية والدولية التي دخلت فيها م.ت.ف كممثل شرعي ووحيد لشعبنا الفلسطيني في الداخل والخارج وأصبحت الكيانية السياسية الفلسطينية حاضرة في كل المحافل، وأي تجاوز لها يعني الفشل، وفي مؤتمر جنيف 1974 المثال على ذلك.
ولكي لا نذهب بعيدا، ولأن التاريخ يعيد نفسه، فإن الرؤية الفلسطينية الوطنية تقول، أنه من المحظور على الدول العربية إقامة علاقات تطبيعية مع الكيان الإسرائيلي، وأن كل ذلك يأتي ضمن سلام شامل أساسه قيام الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس، وحق هذه الدولة الفلسطينية في ممارسة سيادتها في البر والبحر والجو، والتمتع بكافة الصلاحيات والسياسات الدولية، وبالتالي فإن "تسارع" بعض الدول العربية لبناء علاقات تطبيعية واقتصادية وسياسية مع دولة الاحتلال قبل اقامة الدولة يعني تخليها عن دورها في القضية الفلسطينية، وهذا محور خلاف واسع يدور اليوم، وعنوانه (إصلاح الواقع الفلسطيني بالمصالحات الداخلية)، ولكن في الحقيقة ان الأمر كله يدور حول رفض فلسطيني لدور بعض هذه الدول العربية المتسارع والذي يدير الظهر لقرارات الجامعة العربية، ولكي لا تظهر بعض تلك الدول بهذا المظهر التطبيعي فإنها تجعل واجهته فلسطينية وتحت مسوغات اقتصادية عنوانها " مساعدة الشعب الفلسطيني" وهذا الخلط الواضح أصبحت خيوطه معلومة للقاريء والمشاهد الفلسطيني، في عودة لأسباب رفض بعض الدول العربية لمنطلقات حركة فتح الأولى وها هي اليوم تعود رافضة لمنطلقات الحركة في تعريفها للعلاقات مع (اسرائيل).
وان وضع العراقيل أمام انعقاد المؤتمر السابع الذي سيعقد نهاية هذا الشهر، تعني محاولة لإجهاض المشروع الوطني، والالتفاف على حركة فتح، تحت مسميات "واهية" وأصبحت مثار رفض فلسطيني واعي وقادر على تفسير وتفنيد تلك المزاعم، ولذلك فإن إنعقاد المؤتمر السابع وانتخاب لجانه ومجالسه والخروج بالبيان السياسي الفتحاوي الوطني، يعني أن حركة فتح بخير وانها تعرف طريقها وتؤمن بمنهجيتها في إدارة الصراع مع الإحتلال، دون التعثر في "المطبات" المصطنعة.
في المؤتمر السابع سوف تظهر حركة فتح قوية ومتراصة، وأنها أقوى بكثير مما يعتقد البعض ويراهن على تلك "المطبات" وأنها لازالت قادرة على قيادة المشروع الوطني وباستيراتيجية تبدأ من الوحدة الوطنية تعزيزا وايمانا، ومواصلة النضال حتى التحرير وانهاء الاحتلال وقيام الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس، وأن المراهنة على تفتيت الحركة هي مجرد "أوهام في عقول مريضة" وأن مثل هذا التفتيت ليس من السهل إحداثه، وأن الفوضى الاقتصادية الاسرائيلية والتي تجد الصدى في بعض العواصم العربية، لن تجدي نفعا مع حركة بؤرتها الصلبة ومركزيتها هي الجماهير الفلسطينينة.
ان الصوت المتبجح والذي يعتقد البعض أنه تحول الى هدير مدوي، هو صوت مرتبط بـ "بالفوضى الخلاقة" التي أثبتت السنوات الماضية أنها جلبت الويلات والدمار وان ضررها أكثر من نفعها وأن مركزها هو الاستعمار القديم الجديد، وينطبق عليها قوله تعالى ( ثَّم قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً * وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ * وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ * وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ * وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُون).
المؤتمر السابع لحركة فتح سوف يتجاوز كل هؤلاء المشككون وسوف يثبت لكل العالم أن فتح يقيادتها ومشروعها وثباتها ومواظبتها واستيراتيجيتها قادرة في كل مرة أن تتجاوز العقبات وان تصنع الطريق الآمن لشعبنا الفلسطيني وتعبر الممرات الاجبارية الى وجهتها التي تشير الى القدس والثوابت والحق الفلسطيني .