الشعب الفلسطيني وما تواجهه حركة فتح-ياسر المصري
(3/4)
مما لا شك فيه أن حركة فتح تخوض مرحلة اشتباك سياسي بكل المناحي والاتجاهات، ونتج عن هذه الحالة الكثير من العوارض، أقلها والأكثر اتساما بالتحدي والخطورة، هو تشتيت الرأي العام وانفصامه حول قضايا ثانوية على حساب القضايا الأساسية والجوهرية، ولعل انعقاد هذا المؤتمر مدخل مهم لإعادة تصويب ما أصاب هذا الوعي من تشظ بفعل حجم الاستهداف واشتداد هذا الاشتباك على الصعيدين (الاحتلال وأدواته) و (الخصوم الداخليين والخارجيين بأعبائهم).
وقد رسخ القائد العام لحركة فتح قدرة السير وسط هول المؤامرات والشرذمة العائمة، مبدأ وضوح الخط السياسي ومتانته، برغم كل أشكال الضعف والإضعاف المستخدمة من الأعداء في وجه هذا الوضوح سواء كانوا مجتمعين أو منفردين، وقد يسجل التاريخ هذا الاتسام لصالح حركة فتح بما تمتاز به والتصق بها من أنها الحركة الأكثر قدرة على قيادة الشعب الفلسطيني، وما يمكن البناء عليه في هذا الوضوح ومفرزاته ونتائجه سوى قدرة فتح في هذا المؤتمر على حشد الرأي العام والعمل على تعزيزه، ونقله إلى مسلمات فلسطينية راسخة في الوعي الكلي (ضرورة إنهاء الاحتلال وفق قرارات الشرعية الدولية، ووضع سقف زمني لإنهاء الاحتلال، وعدم الإقرار أو السماح لأية جهة مهما كانت من المساومة على أي فعل نتج من احتلال الاراضي المحتلة العام 1967 ).
وأمام واقع انغلاق أفق التسوية، لا بد للاحتلال أن ترتفع فاتورة الكلفة عليه، إذ إن الواقعية تفرض أن هذا الواقع لا يمكن الاستمرار به، أو التعاطي معه على أنه قدر غير قابل للتغيير وإلا اصبحت الحركة الوطنية خالية من قيمتها النضالية الرافضة لسياسة الأمر الواقع وجوهر امتيازها البحث الدائم عن التغيير، وهذا اختبار حقيقي لقدرة حركة فتح على تحريك المياه الراكدة.
حققت حركة فتح عدة انتصارات بمجرد أن قررت قيادة الحركة عقد المؤتمر السابع:
1- جاء قرار عقد المؤتمر، استجابة للاستحقاق الزماني والسياسي والتنظيمي الحركي.
2- تجديد الشرعية كرد على استهداف الشرعية الفلسطينية ككل، بوصف فتح حامية للشرعية الوطنية والنضالية وهي عمودها الفقري.
3- أرسال رسائل ذات دلالات سياسية داخلية وخارجية والانتهاء من نتوءات لطالما استخدمت في محاولات ابتزاز القرار السياسي منذ عهد الشهيد الرمز عرفات، وبذلك تأكيد على ان حركة فتح عصية على الاستيلاء أو الاحتواء أو التحريف وبذلك حسم للصراع الذي كان يحذر منه القائد الراحل هاني الحسن (هناك صراع على فتح وليس صراعا في فتح).
هي فرصة حركة فتح لتوضيح وإبراز أسباب الأزمات والإشكاليات التي يواجهها الشعب الفلسطيني في كل المجالات، إذ إن الاشتباك السياسي وتراجع أفق التسوية وانغلاقه هو الأساس في كل الأشكاليات والأزمات وسببها ومسببها، وهذا هو التحدي الأكبر والأكثر تأثيرا، وفي تعريف آخر إن الاحتلال هو المسؤول عن كل ما يواجهه الشعب الفلسطيني وهو المسؤول عن ذلك، وقد عبرت عن ذلك الإرادة الشعبية في الهبة الأخيرة، رغم تيه البعض في توصيف ذلك ، حين كانوا يحاولون إيجاد مبررات تبرئ الاحتلال من دوافع القائمين بأي فعل اتجاه هذا الاحتلال، وتأويل ذلك لأسباب اجتماعية واقتصادية وغيرها من الأسباب، والحقيقة الأكيدة هي أن الاحتلال هو المسؤول الأول عن تعثر أي طفل فلسطيني أثناء محاولته السير وتعلم المشي، وعلى الاحتلال أن يدفع الثمن أمام أي أشكالية يواجهها أي فلسطيني سواء أمام الإشكال الشخصي أو الجمعي.