الوطنية الفلسطينية وتجلياتها المطلوبة!يحيى رباح
عطفا على المؤتمر العام السابع لحركة فتح ونجاحاته التي فاقت التوقعات، والتي تمت متابعتها من كافة القوى الوطنية الفلسطينية لانها شكلت رافعة لها، وتمت متابعتها من كافة القوى العربية لأنها تشكل اجابة واضحة على بعض اسئلتها المخلصة، واسئلتها الملتبسة، وتابعته القوى العالمية الذي وجدت فيه أي المؤتمر إشارات واضحة لنجاحه خارج توقعاتها الروتينية، وبالتأكيد تابعته القوى صانعة القرار في اسرائيل، واستنتجت من خلال نجاحه ان الوطنية الفلسطينية، ذاهبة الى ابعد كثيرا من حدود المعادلة التي يدورون حولها باسرائيل.
تزامن المؤتمر السابع لفتح مع مرور مئة سنة على سايكس/ بيكو الذي ولدت منه المسألة الفلسطينية، حين تم تجاهل فلسطين" الأرض والشعب " في وثائقه ورسائله المتبادلة وزياراته الميدانية والسياسية الأولى التي اطلق على الجزء الخفي منها "سياسات التقسيم" وصفقاته التي لا يزال البعض يرزح تحت اعبائها مع ان سايكس وبيكو نفسيهما نصا في الاتفاق الكارثي على ان ذلك التقسيم سيعاد النظر فيه بعد مئة سنة، وما زال العالم العربي يعاني الويلات تحت متطلبات اعادة النظر منذ ست سنوات، كما ان هذا هذا المؤتمر العام السابع لحركة فتح جاء بعد قرابة مئة سنة على وعد ساقط اخلاقيا وسياسيا ودينيا واستراتيجيا وهو وعد بلفور، الذي قطعه وزير الخارجية البريطاني وقدمه للورد "روتشيلد" وشطب فيه اسم فلسطين لأسباب كثيرة بعضها مخجل جدا، وان كان الوعد كله خطيئة في خطيئة، ولكن الخلفية التاريخية والسياسية والحضارية التي قام عليها الوعد بأن الكبار يموتون والصغار ينسون ثبت انها خلفية غبية جدا فقد ظلت فلسطين منذ ذلك الوقت هي الذاكرة والنضال والقضية فالوطنية الفلسطينية المبعثرة في الوطن تحت الإحتلال وفي المنافي تحت قوانين متناقضة، حققت الانجاز الأول الخارق وهو عبقرية البقاء، اي عبقرية الحضور عبر اطلاق الثورة المعاصرة بكل تجلياتها، ثم عبقرية ايجاد الكيان معنويا في البداية، وسياسيا الاعتراف بالمنظمة كممثل شرعي وحيد للشعب الفلسطيني، وسياسيا بعد ذلك الاعتراف بفلسطين دولة تحت الاحتلال ومراقب في الأمم المتحدة، ثم الذهاب الى الاستقلال الكامل أي دولة كاملة السيادة.
وهو ما انعقد المؤتمر السابع من اجل انجازه على صعيد العمل السياسي وعلى صعيد البناء الوطني.
فما هي أولويات الوطنية الفلسطينية سوى أن نتكيف لانجاز هذا الهدف عبر انهاء الانقسام لأنه عار وخيانة وسلوك فاشل، والخروج من جوقات الضجيج، وتكريس وحدة القضية ووحدة الشعب، وارتقاء النخب السياسة الى مستوى اضاءات القضية، والزج في ساحات العمل الوطني بأجيال جديدة على قاعدة الإحاطة بالسر، والإنخطاف نحو الوعي المطلوب، والتخلي عن الثنائيات التي ينصبها الاخرون للإنسان الفلسطيني، فهذا الفلسطيني سيكون اكثر العرب عروبة واكثر المسلمين اسلاما واكثر البشر انسانية، من خلال التركيز على جذره الاول وسؤاله الاول وكينونته الأولى وهي انه فلسطيني قبل كل شيء وبعد كل شيء، وهذه هي الدرجة العالية من الرقي والانتماء التي وصلت اليها الوطنية الفلسطينية في حضورها المتعدد وتجلياتها الشاملة.