ضرورة التغيير المستمر للنخب السياسية - يحيى رباح
امتدادا للنجاحات التي تفوق التوقعات، التي حققها المؤتمر السابع لحركة فتح على اصعدة متعددة، اود التحدث عن آليات التغيير، وفلسفة التغيير المستمر في النخب السياسية، حتى لا تتحول هذه النخب مع قلة الانتباه من نخب في يدها الكثير والكثير من مقدرات الفعل والتجدد، إلى شلل راكدة تعزف طيلة الوقت اناشيدها القديمة المحفوظة عن ظهر قلب بتكرار ممل، بينما الواقع يتحرك ويتغير في اتجاهات معاكسة لتصحو هذه الشلل ذات يوم لتجد انها اصبحت خارج الضرورات وحتى خارج التفاعلات المحترمة.
واعتقد ان هذا التخلف عن ايقاعات الواقع والفشل في رؤيته هو ما حصل مع الاخوان المسلمين في مصر وفي كثير من المواقع في العالم العربي والاسلامي، فمع التكرار والعزف المستمر على اوتار الوهم تحولوا الى شلل ضخمة الحجم لا ترى قوة الدولة المصرية وعمقها ولا قوة الجيش المصري وضرورته للوطنية المصرية، وبالغوا في عزف اناشيدهم التي يجافيها الواقع، فسقطوا هذا السقوط المدوي، وتحولوا الى اداة مأجورة للهدم وايذاء الذات، والى قطيع من الذئاب المطاردة.
بل ان النخب السياسية في اميركا نفسها التي تحولت الى شلل، عجزت عن رؤية الواقع وتحولاته وجراحة العميقة التي اصابت قطاعات واسعة من المجتمع الاميركي، بينما النخب الساسية تعزف بشكل مكرر نشيد الحلم الاميركي، فجاء ترامب ليرى هذه الفراغات،ويملؤها بوعي جديد خلافا لتوقعات كل النخب السياسية الاميركية.
وبما ان المعركة التي نحن في اوجها فلسطينيا ساعين الى استكمال الاستقلال الوطني وبناء مرتكزاته الحقيقية في مواجهة الاحتلال الاسرائيلي الذي يكرر بشاعاته التي ليس فيها من جديد، فإن النخب السياسية الفلسطينية يجب ان تتغير حتما، ليس بالشكل السطحي للتغيير، مثل موضوع الشباب والشيوخ على اهميته، وانما على قاعدة رؤية العناصر المتجددة في صلب قضيتنا واعطائها العمق الشامل والمجال الحيوي الكامل، واختفاء منظومات الضجيج لصالح منظومات العمل والابداع الجوهرية، وادراك الفرق الهائل بين القضية والدولة، والفرق بين لحن المظلومية الذي ادمنه الكثيرون ولحن الانجاز على الارض، وكذلك الفرق بين الضرورات الوطنية والافتعالات الحزبية، وهذا ما اشار اليه المؤتمر السابع بتركيز شديد، وهذه هي المرحلة الجديدة التي دخلها الشعب الفلسطيني من خلال هذا المؤتمر الذي تحاول قلة ضئيلة ان تغرق انجازاته في الضجيج، ولكن عبثا، لأن السيف اصدق إنباء من الكتب والبكائيات الزائفة.