نحن من يُقرر مصيرنا في العام 2017 - باسم برهوم
ما الذي ينتظرنا نحن الفلسطينيين، وما الذي ينتظر أمتنا العربية في العام 2017؟ سؤال لا نعرف إن كُنا نتحكم بالقدر الكافي بمصيرنا للإجابة عنه. ولكي لا نشعر بالضعف والإحباط، او ان القدر وحده من يتحكم بنا وبمصيرنا، فإن دولاً ذات سيادة وقوية ومؤثرة هي اليوم لا تملك القدرة الكافية للإجابة على هذا السؤال، فالغموض هو من يُسيطر على المشهد السياسي الدولي خصوصاً مع التنبؤات والتحليلات التي تُرافق تسلُم الرئيس ترامب سدة الحُكم في الولايات المُتحدة الأميركية.
نحن نُشاهد، والعالم بأسره يُشاهد معنا، نظاماً دولياً جديداً متعدد الأقطاب آخذا بالتبلور، نظاما لا يُمكن الجزم من الآن بشكله النهائي وكيف ستستقر فيه الأمور. ما يُمكن قوله هُنا ان العالم يَعيش مرحلة انتقالية مُعقدة جداً، يشتد فيه الصراع والتنافس الى درجة خطرة، مرحلة يحاول خلالها اللاعبون الأساسيون ضمان مصالحهم، وضمان دور مقرر ومؤثر لهم في هذا النظام الدولي.
المشهد هو اذاً أن الكبار لا ينتظرون اقدارهم، بل هُم من يصنعون هذه الأقدار ويسعون الى تغييرها والتحكم بها، وأكثر من ذلك العمل على التحكم بأقدار الآخرين. والمشهد الأكثر تعميماً أن النظام الدولي الآخذ بالتبلور وكأي نظام دولي سبقه لن ينتظر ولا يقبل الضعفاء والكسالى واليائسين والمستسلمين لأقدارهم.
صحيح أن من أراد أن يكون موجوداً ووجوده مؤثر في هذا النظام وفي السياسة الدولية، قد بدأ العمل منذ سنوات خلت، وعمل ولا يزال يعمل دون توقف، وذلك كما فعلت البرازيل والهند وكوريا الجنوبية، وجنوب أفريقيا، وقبلهم الصين وغيرها، فإن الإجابة على السؤال، هو أن لا ننتظر، ما الذي سيفعله العالم لنا وبنا في العام 2017، بل ما الذي يجب أن نفعله ليكون هذا العام عاماً ينقلنا من دائرة الانتظار الى دائرة الفعل، عاماً نُقلل خلاله من خسائرنا ونؤمن لأنفسنا مقعداً يعترف العالم فيه بوجودنا على خارطة الشرق الأوسط التي يتم صياغتها الآن من قبل الكبار.
السؤال ما الذي يجب أن نعمله كفلسطينيين وعرب، كي لا يصاغ النظام الدولي الجديد مرة أخرى على حسابنا، وحساب مصالحنا ومصيرنا؟ بالتأكيد أن السؤال يبدو أنه قد جاء متأخراً كثيراً فنحن والعرب نُمثل الحلقة الأضعف في المعادلات الدولية ولكن لا بأس ان نستفيق.
من دون شك أن قرار الرئيس محمود عباس الذي أبلغه للعالم باعتبار عام 2017 هو عام انهاء الاحتلال الاسرائيلي، هو قرار ينقلنا الى دائرة الفعل، وأن هذا الفعل قد جاء واضحاً في الرؤية التي طرحها الرئيس على مؤتمر فتح السابع الذي عُقد مؤخراً ولكن يبقى السؤال، كيف يجب ان نحشد الشارع الفلسطيني حول هذا البرنامج ونجعله ينخرط انجازاً كاملاً بتنفيذه؟.
وبما أن الهدف هو الخلاص من الاحتلال، فإن الفعل يجب ان ينطلق أولاً من مربع مقاومة هذا الاحتلال على الأرض، ولكي لا يجُرنا أحد الى المزايدات والمغامرات التي قد تودي بنا وبمصير وجودنا على أرض وطننا، فإن المقاومة المقصودة هُنا والتي تخدم أهدافنا في هذه المرحلة المُعقدة، هي المقاومة السلمية الذكية والمبرمجة واليومية. وهنا فإن اساس هذه المقاومة هو مقاطعة دولة الاحتلال اقتصادياً، مقاطعة المنتجات الاسرائيلية، وأن نحول هذه المقاطعة الى نمط حياة وثقافة وطنية متجذرة.
وأن نخوض مقاومة سلمية يومية مع الاستيطان وخطط التهويد في القدس وفي عموم الأرض الفلسطينية، كل ذلك بالتوازي مع مقاومة سياسية ودبلوماسية على الساحة الدولية في إطار القانون الدولي والشرعية الدولية. ان في هذا القانون وهذه الشرعية تمنحنا المساحة الكافية والحق لمقاومة الاحتلال الاسرائيلي على الساحة الدولية، وهناك ضرورة أن تبقى اسرائيل كدولة احتلال، أن تبقيها وكدولة خارجة عن القانون الدولي يجب ملاحقتها في كل المحافل.
وبغض النظر عن الصيغة النهائية التي سيؤول اليها النظام الدولي، فإن مقاومتنا للاحتلال الاسرائيلي هي من ستضعنا على الخارطة وليس عطف ورحمة هذا النظام او هذا المجتمع الدولي.
الفعل وحده والعمل وحده هو من يُقرر ما الذي ينتظرنا في العام 2017. فنحن من نصوغ قدرنا ومصيرنا ولن نترك لأحد أن يُقرر لنا مصيرنا بدلاً عنا.