الكرك .. وما بعدها !موفق مطر
ما علاقة هجوم الهمجيين المجرمين الدواعش على الكرك في المملكة الاردنية الهاشمية من حيث التوقيت، بمقترحات حكومة اسرائيل للكنيست لاصدرار قوانين لشرعنة الاستيطان في الضفة الفلسطينية، وحظر الآذان بمكبرات الصوت من المساجد في القدس؟!
أي تأثير سيتركه انشغال المملكة بأحداث امنية خطيرة كالهجمات الدموية لداعش وغيرها من (التفريخات الاجرامية) على حساب مسؤوليتها عن الأماكن المقدسة في القدس حيث الاتفاق الموقع مع دولة فلسطين؟!
الجواب الأول بسيط وليس معقدا، وهو أن خلخلة الأمن في المملكة الاردنية الشقيقة، سياخذ الحيز المهم من اهتمام القيادة السياسية وهذا منطق حق لايمكن تجاهله، حتى وان كنا على يقين ان المقدسات بالنسبة لقيادة المملكة قضية مصيرية، لا يمكن اغفالها حتى في احلك الظروف، لكن الجرائم الخطيرة مثل هذا النوع التي هدفها سيادة البلد، والتأثير سلبيا على استقراره وتوازن مسار الحياة الطبيعية، والاقتصادية، وحتى الاجتماعية، سيحتم على اي قيادة سياسية في اي بلد في العالم تقديم معالجتها على اي قضية اخرى ولو لبعض الوقت.
الجواب الثاني: ان هذه الجرائم رسالة دموية مباشرة لقيادة المملكة السياسية، وبمثابة خطوط حمراء ينبغي التوقف عندها وعدم تجاوزها، والا فان التقدم اكثر نحو القضية الفلسطينية، والوفاء للمسؤولية التاريخية للمملكة، والتجاوب مع مبدأ المصير المشترك للشعبين الاردني والفلسطيني، ودعم قيام دولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من حزيران بعاصمتها القدس الشرقية، سيعني أن المملكة لن تكون دولة واحدة موحدة ومصيرها سيكون كمصير جيرانها العرب كسوريا والعراق على الأقل!! لكن ..
اذا كان الفلسطينييون والاردنيون كشعبين وقيادتين سياسيتين حكيمتين يعتقدون انهما كشطري رئة الجسد، أو انهما كتوأمين يعيشان بقلب واحد، وأن قوة المملكة من قوة وصلابة فلسطين، وان قوة فلسطين من قوة وصلابة المملكة، وأن استقلال المملكة واستقرارها مرتبط باستقلال وحرية فلسطين واستقرارها، وان السلام الذي يخيم على فلسطين سيخيم على الاردن حتما، فان جريمة الكرك، وما قبلها وما بعدها لن تثني المملكة شعبا وقيادة عن رؤية هذه الصورة كحتمية تاريخية ماضية، وحاضرة، ومستقبلية.
قد يكون صحيحا كما يبدو لأي شخص عادي ان هذه الجماعات التي ترتكب جرائم ضد الانسانية تنتظر اللحظة المناسبة لتنفيذ عمليات الغدر بالأبرياء، لكن توقيت ارتكاب هذه الجرائم، ومصادفتها مع توجهات وقرارات اسرائيل في تثبيت الاحتلال والاستيطان وتهويد القدس والمقدسات وعلى راسها المسجد ألأقصى، ينفي عنها سمة المصادفة، ويجعلنا نتوجه الى اليقين بأن هؤلاء الهمجيين موجهون بريموت كونترول المصالح الاسرائيلية العليا، يفجرون هنا، ويذبحون هناك، ويدمرون هنالك بأوامر.
لا بد من الثناء على ابطال الجيش العربي وقوات الأمن في المملكة، والوقوف احتراما للشهداء الذين يحق لنا اعتبارهم شهداء فلسطين لأنهم في الحقيقة كانوا في الخندق الاول دفاعا عن المملكة وتوأمها فلسطين، اما القيادة السياسية في المملكة فان رؤية الشعب الاردني الشقيق ورؤيتنا للملك عبدالله الثاني في غرفة العمليات بزيه العسكري كفيل بتعزيز الثقة بحكمته وشجاعته وارادته المعبرة عن كل اردني حر في اجتثاث الهمجيين المجرمين هؤلاء.
اذا استطاع الهمجيون المجرمون الحصول ولو على موقع واحد في المملكة، فهذا يعني اننا سنصبح بين فكي كماشة الارهابيين العنصريين، كلاهما يرتكب جرائم حرب وضد الانسانية، الأول بالاحتلال والاستيطان والتهويد ومخططات التهجير القسري للسكان الفلسطينيين من موطنهم، اي عملية ذبح للانسان الفلسطيني، وان كانت بوسائل وأدوات تختلف عن وسائل الفك الآخر وهم الهمجيون المجرمون التكفيريون، الخونة لخلق الله، الذين يذبحون الانسان من الوريد الى الوريد ويفجرون ادمغة الأبرياء، ويتلذذون ويتمتعون بشذوذ لم تعرفه البشرية من قبل بمشاهد أشلاء ابناء آدم ودماء من الاطفال والنساء والشيوخ والشباب والرجال، ولا نبالغ اذا قلنا ان خطر هذا الفك الهمجي الاجرامي على وجودنا الانساني أعظم من فك الاحتلال الذي قد يفتك بالأرض التي قد سيتم تحريرها حتما، اما الهمجيون فانهم يفنون اي صلة لنا بالانسانية.
علينا اليقظة، والحذر والعمل على تدمير البيئة الحاضنة لأي جماعة تتخذ من اوضاع الناس المعيشية الصعبة، وتسعى لاختراق ادمغة البسطاء والعامة من الناس وهم اكثرية بمفاهيم فاسدة ومفسدة لعقيدة الفرد الدينية، وسوقه الى مذبح الجماعة طواعية وتسليما! وما تعزيز الثقة بين المؤسسة ألأمنية والسياسية من ناحية والجمهور من الناحية الأخرى الا احدى سبلنا الناجعة لاجتثاث اي نبت شيطاني همجي قد ينمو في بيئة يهيئونها بالتعاون مع اصحاب الفك الثاني, لكن بدون تقدم جبهة المثقفين في الحملة على الهمجيين، فقد تبقى خطوط المواجهة عرضة للاختراق، التي يجب ان تدعمها جبهة المؤسسة الدينية التي عليها تطهير التراث الديني والثقافة الدينية من رجس المفاهيم القاتلة حتما للانسان، مفاهيم اذا لم نحرر انساننا منها فانها ستكون سبب فنائه على الأرض حتما.