شهيد و3 جرحى في قصف الاحتلال وسط بيروت    أبو ردينة: نحمل الإدارة الأميركية مسؤولية مجازر غزة وبيت لاهيا    ارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 43,846 والإصابات إلى 103,740 منذ بدء العدوان    الاحتلال يحكم بالسجن وغرامة مالية بحق الزميلة رشا حرز الله    اللجنة الاستشارية للأونروا تبدأ أعمالها غدا وسط تحذيرات دولية من مخاطر تشريعات الاحتلال    الاحتلال ينذر بإخلاء 15 بلدة في جنوب لبنان    شهداء ومصابون في قصف الاحتلال منزلين في مخيمي البريج والنصيرات    مجزرة جديدة: عشرات الشهداء والجرحى في قصف للاحتلال على مشروع بيت لاهيا    3 شهداء بينهم لاعب رياضي في قصف الاحتلال حي الشجاعية وشمال القطاع    شهداء ومصابون في قصف للاحتلال على حي الصبرة جنوب مدينة غزة    لازريني: مجاعة محتملة شمال غزة وإسرائيل تستخدم الجوع كسلاح    شهيدان جراء قصف الاحتلال موقعا في قرية الشهداء جنوب جنين    الاحتلال يواصل عدوانه على بلدة قباطية جنوب جنين    شهداء وجرحى في قصف إسرائيلي استهدف منازل ومرافق في النصيرات وخان يونس    إسرائيل تبلغ الأمم المتحدة رسميا بقطع العلاقات مع الأونروا  

إسرائيل تبلغ الأمم المتحدة رسميا بقطع العلاقات مع الأونروا

الآن

السياسة والثقافة وعيون الجماهير- بكر أبو بكر

في حوار دار مع مجموعة من الكتاب والمثقفين والسياسيين في فلسطين تطرق الحديث بيننا لمفاهيم عديدة، ومنها كنموذج حول مشروع الدولة الفلسطينية من حيث وجب تحقيق (الاستقلال الوطني وممارسة السيادة على أرض دولة فلسطين بأراضي عام 1967) هذا بفرضية أن دولة فلسطين قائمة ومعترف بها سياسيا كمراقب في الأمم المتحدة (تحت الاحتلال)، ولا تحتاج إلا للاستقلال الوطني والسيادة، وذلك في تنظير لطالما ردّده د. ناصر القدوة ضد من يدعون لحل (الدولتين) كما يسمونه، أو حل الدولة الواحدة بفرضية سقوط أو تعذر الأول، فإن لم تكن تستطيع أن تحقق نصرك للحق والعدالة في الجزء من الأرض، فكيف لك أن تظن امكانية تحقيقك لهذا النصر في الكل؟ أي بمقاربة بين مطالب الدولة الفلسطينية على أراضي العام 1967 والدولة الديمقراطية الواحدة على فلسطين التاريخية.

في مثل حوار المثقفين هذا كانت الآراء تراوح بين الجمود والتحجر للقلة، حول موقفه الأبدي دون رغبة بالتغيير، وبين أن يتحقق بالحوار تقارب جدي وتفاهم وتفهّم لم يكن في لقاءات سابقة مع الكثرة، وهذا من حسنات الحوار الفعال والدائم والديمقراطي إذا ما اتخذ الهدف أو الوصول للنهاية المرغوبة سبيلا، فيسهل على الباحثين الاستدلال على الطريق ضمن واجب مفهوم الحوار بمعنى (أن نفكر معا).

المثقف دون الجماهير هباء

في حوار المثقفين الذين انخرطت فيه بين نابلس ورام الله وأريحا والخليل، ما بين مركز مسارات ومركز مدار ووكالة وطن ومركز دراسات الشرق الأوسط، ومؤسسة أوراد تكاد الصورة تتقارب سياسيا (إلا لدى القلة) في أمور ثلاثة: اولها ضرورة فهم الواقع جيدا والتعامل معه، وثانيها امتلاك الوعي السياسي بان السياسة ليست عملية نظرية أو منعزلة انما هي شأن حيوي متغير يسهم في معادلات القوة ويتأثر بها ويحتاج لرؤية، وثالثها من حيث انعكاس قدرات المعسكرات وتفاعلاتها فيها أين كمنَ العقل السياسي الواقعي الذي برز بالغالب؟

في حوار المثقفين دون الإطلالة على واقع الجماهير أو الانخراط فيه شُبهة العليائية أو البُعد عن الناس، ما لمحته في عدد من المفكرين أو المثقفين أو الكتاب (وهم القلة) الذين أخذونا في حوارهم إلى أبعاد خيالية طوباوية تقترب من قرض الشعر، بينما استسلم آخرون حتى نظّروا للانهيار والاندماج والاستسلام للواقع السلبي، ومن هنا تبرز أهمية الواقعية والتراكمية والمرحلية والوعي الجماهيري والتناغم في العمل السياسي كخماسية، وإلا أصبحنا ندور في حلقات الدخان الصادر عن الحشاشين في (غرزة) ليلية منعزلة.

 

التساؤلات الثلاثة للطليعة

لماذا لا أسمع؟ ولماذا لا أخاطِب؟ ولماذا لا أستخدم؟ كان ردي بهذه التساؤلات الثلاثة على بعض المحاورين من (الصفوة/ الطليعة) في رام الله الذين لهم رأي آخر، وكان ردي على عدد من الأخوة في ندوة (رام الله– غزة) ممن آثروا أن يصمّوا الآذان، أو يديروا الظهر، أو يغلقوا عقولهم، فلا يسمعون لما يخالف فكرهم الذي اعتادوا عليه وألِفوه وقدّسوه، أو لما يخالف رأيهم وتحيزاتهم، وما تربوا عليه أوسمعوه أو درسوه.

لست متفاجئا عندما تُقابَل المفاهيم الجديدة، أو المختلفة، أو المستنيرة بالاستهزاء أوالسخرية أو الاستخفاف أو الحرب، فهذا ما كان من شأن كافة الأنبياء وعلى رأسهم رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وهذا ما كان من شأن كثير حتى من الأفكار العلمية مثل كروية الأرض التي كان من شأن من ينطق بها أن يُعدم، في عصر ظلامية الكنيسة، وقس على ذلك الكثير.

أقول لست متفاجئا، وإن كنت مصدوما ممن يظنون أنفسهم (صفوة/ طبقة) ثقافية أو سياسية ليس لها أن تلقي بأحمالها على الناس قولا مقدسا، دون أن تجهد نفسها للاستماع للناس او مخاطبتهم أو الاستثمار فيهم، وهنا المفارقة فلا هم بمثقفين في حقيقة الأمر، ولا هم جماهير بل (خُشُب مسندة) آثرت الراحة باختيارهم صمّ الآذان وازدراء الجماهير وإهمال فرصة الاستماع للرأي المخالف.

اختلفنا في الشأن السياسي وفي الأسس الفكرية الفلسفية كما اختلفنا في آليات وما في ذلك بأس، فلم لا أسمع للمختِلف؟ ولم لا اسمع للرأي الآخر؟ ولم أعرضُ صفحا عما لا أهضمه من المرة الأولى؟

أنا ديانتي بهائي

تقدم لي طالب معرّفا عن نفسه أنه عربي بهائي مناصر لنا، فقلت له أهلا وسهلا، فتفاجأ ليعيد القول: أنني بهائي مؤيد للقضية الفلسطينية وعدالتها، فكررت الترحيب، ليقول لي: ألم تدرك أن ديانتي بهائي؟ فقلت له: ولو كنت بوذيا أو هندوسيا أو من أتباع (الباغوان أوشو) هذا شأنك الايماني، ونحن في معرض السياسي نتحدث عما يساند ويدعم قضيتنا الفلسطينية العادلة فما دمت معها فعلي أن استمع لك، ولو كنت معاديا للعدالة الفلسطينية كان علي أيضا أن استمع لك، فلعلي أغيّر أو أؤثر فيك.

تفاجأ الفتى من ذلك موضحا أنه لطالما لقي الإعراض كلما أفصح عن ديانته، حيث يعتبر أن البهائية الديانة السماوية الرابعة، ورغم رفضي القطعي لما قاله عن ديانته، فإنني استمعت له بشأن أفكاره وبشان دعم قضيتنا.


أخاطب القطيع!

أما لماذا لا أخاطب؟ فذاك أيضا مرتبط (بالسمع) و(البصر) و(الإحساس) فأنا أخاطب بلساني أو قلمي فئات الناس المختلفة، لأنني أحسِن استخدام حواسي الخارجية والداخلية، كما استخدم عقلي وأعي وأدرك واعقل وأخاطب كافة الفئات وفق مفرداتهم وطبائعهم وطريقة تفهمهم دون تقعّر أو تجبّر أو تكبّر أو استصغار.

ولم أقبل مفهوم التعامل مع الناس كأنهم (قطيع) لا شأن لهم إلا الطاعة العمياء حيث (نحن الأسياد وهم العبيد أو الأقنان) في عقلية استبداد ديني أو سياسي/ سلطوي أو ثقافي أو اقتصادي لا تستقيم مع مفهومنا الانساني عامة، ومنه الاسلامي القرآني المتسامح الذي قصر العبودية لله وحده جل وعلا، ومنعنا من إيثار (الراحة) بتأجير العقول أو الغائها، لذا وجب أن ننخرط ونرتبط ونلتصق بالناس من كافة الفئات فنخاطبهم بألسنتهم، أولسنا أصحاب فكرة حق؟ وأصحاب قضية عادلة وأصحاب مهمة؟

 

استخدام الرواية الأخرى

أما في تساؤلي الثالث، فهو لم لا استخدم؟ فلقد عانيت كثيرا في أحد اللقاءات على أحد القنوات الفضائية من التقبّل للفكرة أو (للرواية) التي أطرحها، وكان الكثير من المفكرين والعلماء قد سبقوني اليها، ولكن فكرة عدم التقبل في سياق لا أريد أن اسمع ولا أريد أن أخاطب (بفتح وأيضا كسر الطاء)، وبمنطق أنني لا اريد أن استفيد فيكفيني ما انا مقتنع به، قد رأيت مثل هذه العقلية لدى كافة الفئات ممن يؤثرون ما يعرفون ويرفضون ما يجهلون وان سمعوه ينكروه، بل ويحاربوه.

أما أنا فأقول سأسمع، واستوعب وأخاطب، وسأستخدم، بمعنى أنني سأفتح نافذة تشكُّك في تفكيري فأتفكر كما أمرني الله عز وجل، وأتأمل وأتجدد فما دام الهدف السياسي (أو غيره) هنا هو خدمة شعبنا الفلسطيني وقضيتنا العادلة، فإن كافة الآذان يجب أن تفتح وكافة الألسن يجب أن تتحدث وكافة الروايات التي تدعم حقنا يجب أن نتلوها صباح مساء.

وعليه سأستخدم كل طاقاتي بمواجهة خرافات وأكاذيب وأساطير اليمين الاسرائيلي الذي يركب قطار الزمن فيعود الى الخلف حيث لا وجود له، ليصنع تاريخا (مقدسا) ليس له من حقائق التاريخ أوالرواية الصحيحة أو القداسة إلا الأسطورة وسيل الأكاذيب وتقديس المدنس، وفرض الاحتلال والاستعمار كامر واقع.

في الحوار مع المثقفين كثير سياسة، وفي التعامل مع الناس كثير ثقافة وتنوع، وفي السياسة فن التعامل كما في الثقافة أثقال تضع مبادئ السياسة بما لا يخرج عن تطلعات الجماهير ورؤية القيادة، فالعملية انعكاسية وتبادلية من التأثير والتأثر وتعدد الألسنة فلم لا أسمع؟ ولم لا أخاطب؟ ولم لا استخدم مرارا وتكرارا؟

ha

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2024