نتنياهو.. ثعلب اسرائيل يقر بدعشنة العالم! موفق مطر
قيادتنا السياسية وفي مقدمتها الرئيس أبو مازن لطالما أكدت التمسك بالثوابت الوطنية ومنها قيام دولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران من العام 1967 بعاصمتها القدس الشرقية، لكن أن تأتينا (شهادة الحق) بثبات القيادة من بنيامين نتنياهو رئيس وزراء دولة الاحتلال - بلا قصد – فهذا أمر نريده وبقوة، رغم يقيننا وايماننا بصلابة قيادتنا وحكمة رئيسنا وحنكته.
ماذا قال رئيس حكومة دولة الاحتلال (اسرائيل) ولماذا أقواله ذات أهمية بالغة؟! فهو قد قال اثر انعقاد المؤتمر الدولي للسلام في باريس أمس الأول: "ان مؤتمر باريس يجعل الفلسطينيين يتشبثون بمواقفهم ويبعدهم عن طاولة المفاوضات المباشرة دون شروط مسبقة".
كلام نتنياهو هذا ليس الجزء الوحيد من تصريح (ثعلب اسرائيل) البالغ الأهمية، باعتباره صادرا عن أشد رؤساء دولة الاحتلال تطرفا وعدائية لآمال وطموحات الشعب الفلسطيني المشروعة، ما يجعل تصريح نتنياهو بمثابة اقرار منه بمشروعية تمسك الرئيس أبو مازن بالثوابت الفلسطينية، وبمتطلبات العودة للمفاوضات، ذلك ان 70 دولة في هذا المؤتمر قد ربطت متطلبات الحل والسلام في المنطقة بقيام دولة فلسطين بعاصمتها القدس الشرقية، ومن هنا يمكننا قراءة تصريح نتنياهو على انه رسالة للاسرائيليين تحتمل تفسيرين اولهما: ان الرئيس أبو مازن بفضل وقوفه وثباته في موقف طموحات وآمال الشعب الفلسطيني استطاع حشد دول العالم الى جانب حقوقه، ولا تملك اسرائيل في هذه الحالة الا منازعة العالم، وأخذ موقف الصراع مع المجتمع الدولي وقوانينه وقراراته، أو القبول بمتطلبات استئناف المفاوضات برعاية دولية لتحديد الموعد النهائي لجلاء الاحتلال عن اراضي دولة فلسطين، ويبدو هذا الاحتمال الثاني ضعيفا اذا اخذنا الجزء الآخر البالغ الأهمية ايضا من تصريح نتنياهو، فهو القائل: "إن المؤتمر المنعقد بالعاصمة الفرنسية يعبّر عن أن عالم الأمس يلفظ أنفاسه الأخيرة، متعهدا بأن عالم الغد سيكون مغايرا وأنه وشيك للغاية" فماذا قصد نتنياهو بقوله هذا؟! المعبر بكل وضوح عن الأسباب الدفينة لرفضه الانصياع لنصيحة يتسحاق هرتسوغ – زعيم المعارضة الاسرائيلية – الذي رأى وجوب مشاركة نتنياهو بالمؤتمر وعدم الفرار من المعركة"!
ربما يعول نتنياهو على حقبة دونالد ترامب في تغيير منهج الدول في التعامل مع قضايا الصراع في العالم، وتحديدا قضية فلسطين التي ثبت لنتنياهو انها ستبقى المركزية رغم انشغال العالم بقضايا مستحدثة، وما عبارة: (الأنفاس الأخيرة لعالم الأمس) الا تأكيد على علم مسبق بخفايا (انقلاب ترامب) على القوانين والشرعية الدولية، وبدء رحلة عودة الانسانية الى شريعة البشرية الهمجية، او ما يمكن وصفها بـ (دعشنة العالم) ما يعني اسقاط والغاء كل الخطوط الحمراء الحامية لحقوق الانسان، واعلاء واحلال شريعة الغاب، ما يعني ولادة (البشري المتوحش) في القرن الواحد والعشرين من تخصيب مفاهيم داعش مع التعاليم التلمودية، فكل منهما اتخذ شعار(سيف الرب في يدي) ليشبع رغبته بسفك دماء الآخر والسيطرة عليه بالقوة ما دام يعتقد بانسانيته وحريته وحقوقه.
عندما يرى نتنياهو ارادة العالم التي اجتمعت على نصرة حق الفلسطينيين، بأنها جزء من عالم قد دخل مرحلة الموت، فهذا تعبير من اللاوعي عن نية اسرائيل باحراق لعالم واغراقه في الدماء ان بدأ فعلا بخطوات عملية لتكريس العدالة، انه تعبير عن عقدة التفوق والاستكبار والاستعلاء التي وجب على نتنياهو الاقرار بأنها المحرك الأساس للذهنية العنصرية التي هي سبب الشر والحروب والصراعات في العالم.
هل يرى نتنياهو نفسه في الأيام الأخيرة كرئيس لحكومة اسرائيل، ولهذا السبب يرى العالم في باريس ومن قبلها في مجلس الأمن، ومن قبله الجمعية العامة للأمم المتحدة يلفظ انفاسه الأخيرة، انها النزعة الأنانية المدمرة، التي وجب على الاسرائيليين التحرر منها ان ارادوا السلام.