القدس وحساباتها المعقدة... بقلم: يحيى رباح
بعد اقل من ثمان واربعين ساعة على تنصيب دونالد ترامب ليكون الرئيس الخامس والاربعين للولايات المتحدة الاميركية، ودخوله البيت الابيض لممارسة صلاحياته، وافقت حكومة نتنياهو على صفقة استيطانية كبرى في القدس الشرقية لبناء اكثر من خمس مائة وحدة استيطانية جديدة، بعد ان كان نتنياهو خلال الاسبوعين الاخيرين وفي اعقاب قرار مجلس الامن رقم 2334 بتجميد اي قرار استيطاني، بل ونصح وزراءه ألا يدلوا باي تصريحات حول الاستيطان، وهذا معناه ان نتنياهو قرر ان يتخذ من تصريحات ترامب وتغريد اته على تويتر وسيلة توريط له، واعتبار ان الوقت قد حان لكي يتورط ترامب في اجراءات نقل السفارة الى القدس، وهكذا راينا هذا الحشد الكبير من الاسرائيليين والاميركيين ينهمكون في تصريحات علنية، وكأن الامر اصبح محسوما، وكأن القرار سهل وليس له تبعات.
ترامب، الرئيس الأميركي الجديد امامه فرصة لكي يفكر ويختار بدل الاندفاع في طريق غير محسوب العواقب، والرئيس ابو مازن ابدى استعداده، الواعي للعمل مع ترامب بشكل جدي من اجل فتح طريق السلام، بل دعاه الى ان يلعب دورا رئيسيا في ذلك، لأن الرئيس ابو مازن بخبرتة العميقة والطويلة يدرك اكثر من غيره ان طريق القدس هو اخطر الطرق الا اذا كان يستند الى مرجعيات حل الدولتين وقرارات الشرعية الدولية التي وافقت عليها الادارات الاميركية السابقة وان القادة الاسرائيليين الاكثر وعيا من نتنياهو جربوا منذ العام 1967 قفزات متعددة حول الاستيلاء على القدس الشرقية، ولكنهم لم ينجحوا لان العالم كله رفض ذلك، ولان الحسابات في هذا الموضوع لن تكون على هوى المزاج الصهيوني المتطرف، بل هناك حسابات اعمق واشد خطورة، وكيف لترامب الذي يقول انه يريد لاميركا ان تعود عظيمة، يدخل الى ذلك من باب الانفجار الواسع، ومن باب فقدان المصداقية، ومن باب تحويل اميركا من عراب للسلام الى عراب للعنف الطاحن؟
وهذه الاسئلة وغيرها لابد ان يفكر فيها الرئيس ترامب بعيدا عن قفزات نتنياهو الهوجاء.