المرأة.. أنتِ وأنا.. أنتنّ وأنتم
موفق مطر
سأناضل حتى يبقى اليوم العالمي للمرأة بمثابة منارة هادية للتائهين او الراغبين بالوصول الى بر الأمان في أرض الانسانية العادلة، وسأناضل حتى يتم إلغاء هذا اليوم بعد ان تصبح المرأة الإنسان الأنثى مالكة أسرار الحياة ودوائر الزمن من أصغرها حتى أعظمها.
آن لنا التحرر من مسمى "المرأة" السائد، فهذا المصطلح لا يليق، ويجب اعادة تشكيل وعي الناس بأن "المرء" مذكر المرأة، والتذكر دائما ان للذكورة سلطة تمرر حيلها وتحريفاتها حتى على اللغة، ما أفقدنا نصيبا من التفكر.
إذا اجزنا "اليوم العالمي للمرأة" فهذا يعني أنه يجب اعتباره يوما وطنيا كيوم الاستقلال مثلا، أما اذا تعاملنا مع الإنسان الأنثى كصاحب مهنة فيصير "يوم المرأة العالمي" الثامن من آذار زميلا او قل شقيقا في التقويم لليوم العالمي للعمال الأول من أيار!!- رغم فهمنا العميق لقداسة العمل، فكلنا عمال بمنطق الحياة – وهذا حتى لا تصبح أهم القضايا الجوهرية في حياة الانسانية مجرد مناسبة سارة عندهن، ولطم عندهم،.. للتذكير فقد ألغت حماس المسيطرة على قطاع غزة بالقوة الاحتفال والعطلة الرسمية بهذا اليوم الذي يقَّلِب في وعينا كتب الحرية والتحرر والحقوق والعدالة والمساواة والاستقلال... ووقفت حماس في الجبهة المضادة لهذه المعاني الأنبل، فيما كان رئيس السلام، الفلسطيني الرئيس الانسان محمود عباس يعلن امام مجلس حقوق الانسان الاممي في سويسرا الغاء كل اشكال التمييز ضد المرأة.
إذا أردنا الحرية لأمة الإنسان فيجب تحرير ما يميزه عن أمم الكون غير المفكرة، او المحدودة التفكير– حتى لا نظلم عالم الحيوان- امم غير ناطقة بمثل أبجديتنا، يجب تحرير قلعة عقل الانسان، وتعزيز حصون ثقافته، وإخلاء خنادق مفاهيمه من جنود الاستبداد والاستكبار، والمجيشين على اساس النوع والجنس. فالإنسان هو الإنسان ذكرا كان أو أنثى، ومن يقول غير ذلك فانه ارتضى ذلا واستعبادا للشهوة والرغبة وسلطانهما الظالم أبدا.
الإنسان الأنثى وجه الحياة، لا نعرف ولا يهم أن نعرف إن كانت هي وجهها الأول أم وجهها الآخر، كما لا نعرف إن كان هو وجهها الأول أو وجهها الآخر، فالتقديم وترتيب الأولوية شطر للإنسان وخرق لوحدة أقدس مخلوق في الكون، فالإنسان أنثى وذكر، وما إنشاء حواجز التمييز والتفضيل، ودعمها "بباطون" الواجبات والخصائص والنقائص وغيرها من بدع الضلوع والعقول الناقصة فإنها ليست أكثر من نبت مر علقم سام في حديقة الشيطان حتى وإن بدا للبعض كزينة.
إما أن يكون لها الحق في كل اليوم، وكل الشهر وكل السنة الميلادية والقمرية او حتى الصينية، أو لا يكون، فالدارج أن الآدمي (الذكر) لا يتذكرها إلا عندما يجوع، وفي نصف اليوم المعتم، وفي أحسن الأحوال يمرر لها يوما واحدا من كل سني عمرها، فتظن أنها ملكة، لكن المسكينة لا تعلم أنه يستكمل امتحان رجولته على صفحة بيضاء ناصعة نقية!. فمحتكر الأيام والسنين يظنها كراسا، يخربش على صفحاته البيضاء النقية كالغوريلا.
مهما قدسنا من معان واسماء ولم نؤد مناسك التقديس للحرية، فلن نحظى بقلب وعقل امرأة، ولن نرى جنة على الأرض، ولا حتى التي عرضها السماوات وألأرض، فمفتاح الوصول الى تلك التي في السماء العدل، وكيف لنا الفوز بهذا المفتاح ما لم يقدمه لنا قلبها، فكرها، عقلها عملها، وإبداعها، فنغوص في محيط روحها حتى نبلغ جواهرها.
لا أحب الأيام للذكرى، فهذه تأتي وتنصرف، أما الأيام الفكرة فإنها باقية ما دام الإنسان معمرا في الأرض وبالغا أبراج السماء، فخير إحياء للفكرة أن نسقيها من نبع وعينا كل يوم، فربما يكون لدينا ذات يوم على الأرض جنة، الحرية فيها سر خلود آدم وحواء، فأصلهما إنسان، أما ابليس التسلط، فهو ما يجب صده، باليقظة والسهر، وحماية الحقيقة الكامنة فينا أبدا، انت وانا، هي وهو. هن وهم، انتن وانتم.