عين على الكلاشنكوف
يامن نوباني
هو السؤال البسيط، المعقد، الكبير في الأمكنة الضيقة، حين يضل المنفيّ طريقه في العودة إلى الوطن بفعل قلة مشوهة لا ترغب حتى في بقائه مستقرا في منفاه القسري القاهر. لماذا نموت في صراعات موسمية مُوجهة لا ندري فيها لماذا تُطلق النار تجاه أحلامنا وصبرنا؟ سؤال يسألنا: كيف نحيا؟
يذهب عادل المصري (27 عاماً)، في بدايات العام الدراسي 2016-2017 إلى مخيم برج البراجنة في لبنان، الذي شهد في الآونة الأخيرة اشتباكات مسلحة أدت إلى قتلى وجرحى، ليقترح حلا غريبا من نوعه، يقود الأوضاع إلى الهدوء والرقي، وهو: العلم مقابل السلاح.
وهو الحل الذي استخدمته جميع الدول التي نهضت مرة أخرى بعد دمارها وحرائقها بفعل النزاعات الطائفية والعرقية والتدخلات الأجنبية في شؤونها الخاصة، العلم طريق إلى الوحدة والقوة، ومن أمثلة ذلك: نهضة سنغافورة بعد الانفصال عن ماليزيا في العام 1965.
ولد المصري الذي يعمل مدير مبيعات في شركة للشوكولاتة، في دبي عام 1990، لوالد من مخيم الرشيدية، ووالدة من مخيم البرج، وأصوله ترجع إلى قرية كابري المهجرة في عكا، درس التسويق في الجامعة الكندية ببيروت، وهوى التصوير في العام 2014، ليبدأ ممارسته بتصوير الطبيعة والرحلات الفردية والجماعية.
لم يكن في ذهن المصري، الشاب الذي لم يعش تفاصيل الاقتتال والحروب الداخلية وزمن الاشتباكات الكبرى في لبنان (1975-1990)، حين وصل برج البراجنة، أنه يستعد لالتقاط صورة تصل به إلى جائزة عالمية (جائزة حمدان بن محمد الدولية للتصوير الضوئي)، وحصول الصورة على المركز الثاني من دورة التحدي التي وصلت المشاركات فيها إلى عشرات آلاف الصور.
ببصيرته وبُعده الوطني ووعيه، أدرك أن العين بلحظة واحدة قادرة على أن تصيغ اقتراحا تثق بأنه الحل إلى النهوض، مدافعة بذلك عن أجيال كاملة لا تعرف مصيرها وماذا ينتظرها.
جاءت الصورة في الوقت الذي لم تنفع فيه كل المحاولات لتجسيد وحدة وطنية حقيقية على أرض مخيمات اللجوء في لبنان، التي عرفت المجازر المرعبة بحق أبنائها لسنوات طويلة في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، واقتتالا داخليا سبب معظمه جماعات مسلحة دخيلة، أودى بحيات المئات.
وقال المصري لـ"وفا": الصورة مواجهة بين السلاح والعلم، بين القوي والأقوى، في وقت نحن فيه بحاجة للأقوى، أي للعلم، لنبني ونعمّر، ونمهد طريقا صحيحا لأطفالنا وعودتنا إلى فلسطين.
يتمنى المصري أن يزور القدس، وأن يلتقطها مشهدا مشهدا، حيث لم يسبق له كفلسطيني بالكامل، أن لمس ذرة تراب من أرض فلسطين.
وأضاف: برج البراجنة شارع واحد، يتفرع إلى أزقة وحارات، دخلت بيوتا فيه، لا تدخلها الشمس، العتمة سيدة الموقف في الشارع والبيت والعمل والمستقبل، أناس تموت بفعل الصعقات الكهربائية، فالكوابل والتمديدات مترامية بعشوائية خطيرة في المخيم. لا أحد يقبل الحياة هناك.
يقول صقر أبو فخر، في مقاله "الفلسطينيون والثقافة في لبنان: مختبر مدهش للعيش الحر والإبداع"، بين سنة 1968، وهي بدايات العمل الفدائي في لبنان، وسنة 1980، أي خلال اثني عشر عاماً فقط، أصدر الفلسطينيون في لبنان ثلاثاً وعشرين مجلة بالعربية والفرنسية والإنكليزية، عدا عشرات النشرات الأخرى ذات الطابع السياسي أو النقابي، وفي الخلاصة الإجمالية بلغ عدد الدوريات الفلسطينية التي صدرت في لبنان بين 1948 و2014 مئة وأربعاً وسبعين دورية، منها 142 دورية بالعربية و32 دورية بغير العربية.
بين 1968 و1975 أنجز الفلسطينيون في لبنان 25 فيلماً سينمائياً، كما امتلك الفلسطينيون في لبنان أربع دور مهمة للنشر هي "المؤسسة العربية للدراسات والنشر" التي أسسها عبد الوهاب الكيالي، و"دار القدس" التي أسسها مازن البندك، و"دار الفتى العربي" التي أسسها نبيل شعث وآخرون و"دار العودة" التي أسسها أحمد سعيد محمدية. وأنشأ الفلسطينيون أيضاً ثلاثة مراكز للبحث العلمي هي "مؤسسة الدراسات الفلسطينية"، و"مركز الأبحاث" و"مركز التخطيط"، وكان للفلسطينيين وكالتان للأنباء: وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا) و"القدس برس"، علاوة على "الإذاعة الفلسطينية"، كما كانت لهم الأيادي الطوال في تأسيس مجلات ودور نشر رديفة مثل "دار الكلمة"، و"دار ابن خلدون"، ومجلة "الفهرست"، و "دار ابن رشد".