مستعمرون يقطعون عشرات الأشجار جنوب نابلس ويهاجمون منازل في بلدة بيت فوريك    نائب سويسري: جلسة مرتقبة للبرلمان للمطالبة بوقف الحرب على الشعب الفلسطيني    الأمم المتحدة: الاحتلال منع وصول ثلثي المساعدات الإنسانية لقطاع غزة الأسبوع الماضي    الاحتلال ينذر بإخلاء مناطق في ضاحية بيروت الجنوبية    بيروت: شهداء وجرحى في غارة إسرائيلية على عمارة سكنية    الاحتلال يقتحم عددا من قرى الكفريات جنوب طولكرم    شهداء ومصابون في قصف للاحتلال على مناطق متفرقة من قطاع غزة    "فتح" تنعى المناضل محمد صبري صيدم    شهيد و3 جرحى في قصف الاحتلال وسط بيروت    أبو ردينة: نحمل الإدارة الأميركية مسؤولية مجازر غزة وبيت لاهيا    ارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 43,846 والإصابات إلى 103,740 منذ بدء العدوان    الاحتلال يحكم بالسجن وغرامة مالية بحق الزميلة رشا حرز الله    اللجنة الاستشارية للأونروا تبدأ أعمالها غدا وسط تحذيرات دولية من مخاطر تشريعات الاحتلال    الاحتلال ينذر بإخلاء 15 بلدة في جنوب لبنان    شهداء ومصابون في قصف الاحتلال منزلين في مخيمي البريج والنصيرات  

شهداء ومصابون في قصف الاحتلال منزلين في مخيمي البريج والنصيرات

الآن

مؤشرات مشجعة.. ولكن - محمد السهلي

التقاء مكونات الحالة الفلسطينية ودراسة أوضاعها بحوار جماعي يقطع الطريق على بازار المحاصصة بغض النظر عن عدد أطرافها
على الرغم من أن هذه السطور قد كتبت قبيل اجتماع أعضاء اللجنة الوطنية العليا المعنية بأوضاع منظمة التحرير، إلا أن ما صدر عن الاجتماع الموسع للقوى والفصائل الفلسطينية في القاهرة يوم 20/12 يشجع على القول بأننا أمام مؤشرات ايجابية وإن كان الطريق نحو إنهاء الانقسام واستعادة الوحدة لا يزال ممتدا أمام مكونات الحالة الفلسطينية.
مبعث هذا التفاؤل «النسبي» يتعلق بالأساس بعودة الحوار الوطني الشامل إلى صدارة العمل الوطني الفلسطيني بعد نحو ثمانية أشهر من الغياب، أي منذ انعقاد مؤتمر المصالحة وتوقيع الاتفاق بشأنها يوم الرابع من أيار/ مايو المنصرم. ومنذ ذلك الوقت غرقت حركتا فتح وحماس في سلسلة من جلسات التفاوض الثنائي التي فشلت في التفاهم حول بنود رئيسية حول الاتفاق، في مقدمتها ملفا الحكومة والأمن.
عودة الحوار الوطني الشامل ليس مجرد صورة للعمل الفلسطيني المشترك، بل هو الإطار الصالح الوحيد من أجل «فكفكة» العقد التي تحول دون استعادة الوحدة وتوحيد الجهد الوطني في مقارعة الاحتلال.
وعلى عكس التفاوض الثنائي، يخلق الحوار الشامل شروط النجاح في حل الأزمة الفلسطينية، من زاوية إعادة الاعتبار إلى قرارات الحوارات السابقة والتي صدرت عنها توافقات هامة على المستويين البرنامجي والتنظيمي.
فإعلان القاهرة الذي صدر في 17/3/2005 حدد بوضوح آليات النهوض بواقع منظمة التحرير الفلسطينية وفق مرجعية وطنية جامعة يشارك فيها مختلف أطياف الحركة الوطنية بمن فيهم المستقلون. وهي معنية ليس فقط بإعادة تشكيل المجلس الوطني، بل وببناء إستراتيجية وطنية جديدة ربطا بعضوية اللجنة وإمساكها القيادي بمعظم مفاصل العمل الوطني الفلسطيني، إن كان على مستوى القوى والفصائل، أو بما يتعلق بالمؤسسات والهيئات الوطنية القائمة.
ومن الطبيعي أن تحتل وثيقة الوفاق الوطني المنجزة في 27/6/2006 موقعها المرجعي في سياق الاحتكام إلى الأسس والمبادئ التي من شأنها تصويب الوضع الفلسطيني وتمكين الحركة الوطنية الفلسطينية من بلورة البرنامج الوطني الموحد. ولا تغيب الحوارات الفلسطينية التي جرت في القاهرة في العام 2009، وخاصة ضرورة البناء على نتائج اللجان الخمس التي انبثقت عن مؤتمر الحوار الشامل آنذاك، وكان من شأن عملها أن يستكمل النتائج الإيجابية المرجوة، لولا قطع جدول أعمالها والهروب نحو المفاوضات الثنائية من أجل إيجاد تفاهم بين فتح وحماس حول تطبيقات «الورقة المصرية». وقد فشلت في ذلك كما كان متوقعا.
· أن تلتقي مكونات الحالة الفلسطينية وتدرس أوضاعها بحوار جماعي، فهذا يقطع الطريق إلى حد كبير على إمكانية فتح بازار المحاصصة بغض النظر عن عدد أطرافها، ويؤدي ـ كما أثبتت التجربة ـ إلى وضع الاختلاف في الرأي بين أطراف الحوار في سياقه الطبيعي الذي يعود بالأساس إلى اختلاف التوجهات والرؤى في إطار السعي لتطبيق البرنامج الوطني. وهذا أمر طبيعي وتظهيره مسألة صحية تضع الرأي العام الفلسطيني أمام مجموعة الطروحات ذات الصلة بسبل تطوير الوضع الفلسطيني وبأساليب العمل المختلفة الذي يرى كل طرف بأنها الأنجع في تحقيق الأهداف، إلا أن محصلة هذا الحوار تشكل رؤية جماعية تفرض على أطراف الحوار تطبيقها على قاعدة احترام مبدأ الشراكة السياسية وهذا يختلف تماما عن ما ينتج عن الحوارات الثنائية التي غالبا ما تأخذ طابع التفاوض بين متناحرين يحاول كل منهما أن يسجل نقاط على الطرف الآخر، كما أن محصلة هذا النوع من الحوار تكون محكومة بموازين قوى ذاتية ذات طابع آني على الأغلب، مما يدفع كل طرف لأن يسعى بكل السبل المتاحة لتحسين موقعه على الأرض من أجل فرض شروط جديدة ربطا بالمستجدات. ووفق هذه المعادلة نشأت تجاذبات تناحرية بين حركتي فتح وحماس حشد فيها كل طرف ما توافر له من إمكانيات من أجل الخروج «فائزا».
ويوفر الحوار الشامل إمكانية أقوى للجهة التي ترعى الحوار التي غالبا ما كانت تجد نفسها وقد دخلت على خط التوفيق بين وجهتي نظر متناحرتين وكان هذا هو الحال عند الدخول على خط التفاوض الثنائي، وحصل ذلك في العام 2009 عندما دخلت القاهرة على خط التوافق على النسب المكونة لقانون الانتخابات «المختلط» من زاوية تعديل نسبة تطبيق التمثيل النسبي الكامل في إطار هذا القانون.
بينما في الحوار الشامل لن يجد راعي الحوار نفسه أمام خريطة مواقف ذات طابع ثنائي. وتنحسر بالضرورة مكانة وجهة النظر القائلة بقانون الدائرة الفردية أو القانون المختلط واحتلالها (50%) من وجهات النظر (كما هو الحال في التفاوض الثنائي) إلى خريطة مواقف مختلفة تنادي فيها أغلبية أطراف الحوار بتطبيق قانون التمثيل النسبي الكامل، ولعل في بعض التجارب العربية مؤخرا ما يفسح المجال أكثر للانحياز باتجاه هذا الرأي العام وعدم اقتصار الفوز على لون سياسي يتمكن من إحكام سيطرته على المشهد السياسي الذي تعززه انتخابات وفق القانون الإقصائي المتمثل في الدوائر الفردية أو المختلط الذي يؤدي حكما إلى تهميش قانون التمثيل النسبي والحد من تأثيره الإيجابي.
من جانب آخر، جميع الظروف القائمة تدفع لأن تسعى مكونات الحالة الفلسطينية مجتمعة وبإرادة سياسية موحدة لأن تخرج من واقع الانقسام وتستعيد وحدتها. فالأوضاع على جبهة الاحتلال تشير أكثر من أي وقت مضى إلى ضرورة مقارعته بدءا من مقاومة خطر الاستيطان المستشري. وكل المعطيات تدل على أن عملية التسوية السياسية أمام حائط مسدود إلى وقت غير قصير في ظل استمرار الانحياز الأميركي لمواقف تل أبيب.. ومن المستبعد تماما أن يجري تعديل في هذا الموقف، بل كل المؤشرات تدل على زيادة الضغط على الجانب الفلسطيني، فيما الإدارة الأميركية تدخل عام الانتخابات الرئاسية التي يسعى باراك أوباما لأن يفوز فيها بولاية ثانية.
والرباعية الدولية التي يحسب البعض حسابا غير واقعي لاجتماعها في السادس والعشرين من الشهر القادم، غير مؤهلة في ظل الظروف القائمة لأن تحدث اختراقا جديا في مواقفها لجهة إدانة الموقف الإسرائيلي المتعنت من عملية التسوية، وخاصة تحميله المسؤولية عن انسداد آفاق التسوية، في ظل الإمعان في التوسع الاستيطاني وبمعدلات قياسية.
كما أن الحالة العربية مشغولة بخلافاتها البينية وبأوضاعها الداخلية، وربما لا تستطيع عمليا أن تقدم دعما ماديا مباشرا يمكن أن يسهم في الضغط على الأطراف الدولية ذات الصلة بعملية التسوية من أجل إنزال الاحتلال الإسرائيلي عند قرارات الشرعية الدولية والوصول إلى حل متوازن وشامل للصراع.
إذن، ليس أمام الحالة الفلسطينية سوى الاعتماد أولا على مصادر قوتها الذاتية، وهذا يتطلب الإسراع بتنفيذ ما تم الاتفاق عليه في حوارات القاهرة مؤخرا، وتنقيه الأجواء فعليا بين حركتي فتح وحماس والبدء مباشرة بإغلاق ملف الاعتقال السياسي بينهما وإنهاء أية أشكال من الاحتراب الإعلامي، ومن المفترض أيضا أن تباشر لجان المصالحة عملها في الضفة والقطاع، من أجل إزالة آثار الانقسام وما أحدثه من تخريب في العلاقات ضمن النسيج الاجتماعي الفلسطيني.
مهام كبرى أمام الفلسطينيين ينبغي إنجازها برقم قياسي ينبغي اختصاره من أجل إعفاء الحالة الفلسطينية من أية مآسي يمكن أن تكون بالانتظار، في حال استمرت حالة المراوحة على جبهتي إنهاء الانقسام.. ومقارعة الاحتلال.
 

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2024