فهد القواسمي: الأب والصديق والشهيد!
عبد الباسط خلف: كانت سحر فهد القواسمي على مقاعد الدراسة في كلية الطب بمدينة رستوف بالاتحاد السوفيتي، عندما وقع عليها كالصاعقة نبأ اغتيال والدها في جبل الحسين بالعاصمة الأردنية.وقتها لم تكن الاتصالات الهاتفية الدولية متاحة، فيما كانت عطلة رأس السنة الميلادية تقطع اعتيادية العمل في قسم التأشيرات بالخارجية السوفياتية، لتوفير فرصة للعودة إلى عمان.
تعيد سحر الطبيبة والنائب في المجلس التشريعي، عجلة التاريخ إلى التاسع والعشرين من كانون الأول عام 1985، عندما بددت رصاصات غادرة حياة والدها وصديقها وسندها، فتقول بمرارة تسيطر على ذاكرتها:" اتصلت بأخي خالد الذي كان يدرس في مدينة سوفياتية أخرى، والتقينا بمنزل سفير المنظمة في موسكو صخر حبش، وانطلقنا إلى قبرص، بعد متاعب في الحصول على تأشيرة سفر، لكن لسوء حظنا، ألغيت الرحلة المتجهة إلى عمان، بسبب رأس السنة الميلادية، ولم نشارك في وداع والدنا، إذ وصلنا بعد الدفن."
ووفق سحر، فإن شقيقها عمر كان في مدخل المنزل، عندما شاهد والده يسقط بفعل طلقات رصاص لم يسمعها، خرجت من كاتم صوت، عندما تقدم أحد القتلة إلى القواسمي، وقال له: هل أنت أبو خالد؟ فأطلق عليه النار من مسافة الصفر، فاستقر الرصاص في أوعيته الدموية، لينقل إلى مستشفى جيش التحرير، وليغادر الدنيا، بعد وقت قصير.
تتابع:كانت أمي يسرى تخبر والدي بوجود حركة مريبة حول المنزل، قبل استشهاده بأيام، لكنه كان يرفض حمل السلاح، ويرد عليها:" العمر واحد، والرب واحد"، ويمضي إلى عمله. لكننا تألمنا لأننا فقدنا عزيزنا بأيد فلسطينية، لا زال بعض أصحابها يتنفسون، ويسرحون ويمرحون على وجه الأرض، فيما أعدم أحد القتلة.
مما لا تنساه القواسمي، كيف أن والدها كان يمنحها التشجيع والدعم، ويدافع عن اشتراكها في التظاهرات ضد الاحتلال في الخليل، ويطرب العائلة بصوته الشجي الذي علمها الأناشيد والأشعار الوطنية. مثلما كان رفيقها، وصديقها، وسندها، ويتفاخر بها كونها أبنته البكر، بجوار خالد، وعمر، ومعاوية.
تقول بصوت منهك: تلقيت قبل فترة قصيرة رسالة من والدي، بينما احتفلنا بعيد زواج أبي وأمي عندما كنا في إجازة الصيف يوم 21 آب، ولا زلت أنكر رحيله، وأعتبره بيننا، فضحكته، وصوته، وكلمات تشجيعه لنا، لا زالت تسكن بيننا، وتنتقل معنا، وتمنحنا القوة، فهو مثل لي ولأخوتي أكثر من مجرد أب.
وتسكن ذاكرة سحر، كيف أنها سعت وجدتها شفيقة، لاجتياز المسافة الفاصلة بين الخليل وبيت لحم، عام 1980، لمحاولة استصدار أمر احترازي، بمنع الإبعاد، فوصلتا والتعب قد نال منهما، ليخبرهما رئيس بلدية بيت لحم جورج حزبون، أن الوالد المعتقل، أبعد بالفعل إلى جنوب لبنان.
وكان الشهيد القواسمي أبصر النور في مدينة الخليل يوم13/4/1939، درس وعاش طفولته في مدينة القاهرة، والتحق بكلية الزراعة في جامعة القاهرة وحصل على درجة الماجستير منها، كما عمل مدرساً في مدارس وكالة الغوث في القدس ورام الله، ثم مهندساً زراعياً في دائرة الزراعة في الضفة الغربية.
وتتذكر سحر كيف أن والدها خاض انتخابات المجالس البلدية عام 1976 في الخليل، على رأس الكتلة الوطنية التي فازت بجميع المقاعد وأصبح رئيساً لبلدية الخليل، قبل أن تبعده سلطات الاحتلال في الثاني من أيار عام 1980 إثر عملية الدبويا الفدائية ومنعت عودته إلى أرض الوطن.
وانتخب القواسمي عضواً في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، خلال دورة المجلس الوطني السابعة عشرة، التي عقدت في عمان، ثم عين مديراً لشؤون الأرض المحتلة في منظمة التحرير حتى استشهاده.
تختتم سحر: رحل والدي، لكننا نراه في فهد ابن أخي خالد، الطالب الجامعي، وفهد ابن شقيقي عمر( 16 عاماً)، وصغيري الذي يحمل الاسم ذاته(15 عاماً).
تعيد سحر الطبيبة والنائب في المجلس التشريعي، عجلة التاريخ إلى التاسع والعشرين من كانون الأول عام 1985، عندما بددت رصاصات غادرة حياة والدها وصديقها وسندها، فتقول بمرارة تسيطر على ذاكرتها:" اتصلت بأخي خالد الذي كان يدرس في مدينة سوفياتية أخرى، والتقينا بمنزل سفير المنظمة في موسكو صخر حبش، وانطلقنا إلى قبرص، بعد متاعب في الحصول على تأشيرة سفر، لكن لسوء حظنا، ألغيت الرحلة المتجهة إلى عمان، بسبب رأس السنة الميلادية، ولم نشارك في وداع والدنا، إذ وصلنا بعد الدفن."
ووفق سحر، فإن شقيقها عمر كان في مدخل المنزل، عندما شاهد والده يسقط بفعل طلقات رصاص لم يسمعها، خرجت من كاتم صوت، عندما تقدم أحد القتلة إلى القواسمي، وقال له: هل أنت أبو خالد؟ فأطلق عليه النار من مسافة الصفر، فاستقر الرصاص في أوعيته الدموية، لينقل إلى مستشفى جيش التحرير، وليغادر الدنيا، بعد وقت قصير.
تتابع:كانت أمي يسرى تخبر والدي بوجود حركة مريبة حول المنزل، قبل استشهاده بأيام، لكنه كان يرفض حمل السلاح، ويرد عليها:" العمر واحد، والرب واحد"، ويمضي إلى عمله. لكننا تألمنا لأننا فقدنا عزيزنا بأيد فلسطينية، لا زال بعض أصحابها يتنفسون، ويسرحون ويمرحون على وجه الأرض، فيما أعدم أحد القتلة.
مما لا تنساه القواسمي، كيف أن والدها كان يمنحها التشجيع والدعم، ويدافع عن اشتراكها في التظاهرات ضد الاحتلال في الخليل، ويطرب العائلة بصوته الشجي الذي علمها الأناشيد والأشعار الوطنية. مثلما كان رفيقها، وصديقها، وسندها، ويتفاخر بها كونها أبنته البكر، بجوار خالد، وعمر، ومعاوية.
تقول بصوت منهك: تلقيت قبل فترة قصيرة رسالة من والدي، بينما احتفلنا بعيد زواج أبي وأمي عندما كنا في إجازة الصيف يوم 21 آب، ولا زلت أنكر رحيله، وأعتبره بيننا، فضحكته، وصوته، وكلمات تشجيعه لنا، لا زالت تسكن بيننا، وتنتقل معنا، وتمنحنا القوة، فهو مثل لي ولأخوتي أكثر من مجرد أب.
وتسكن ذاكرة سحر، كيف أنها سعت وجدتها شفيقة، لاجتياز المسافة الفاصلة بين الخليل وبيت لحم، عام 1980، لمحاولة استصدار أمر احترازي، بمنع الإبعاد، فوصلتا والتعب قد نال منهما، ليخبرهما رئيس بلدية بيت لحم جورج حزبون، أن الوالد المعتقل، أبعد بالفعل إلى جنوب لبنان.
وكان الشهيد القواسمي أبصر النور في مدينة الخليل يوم13/4/1939، درس وعاش طفولته في مدينة القاهرة، والتحق بكلية الزراعة في جامعة القاهرة وحصل على درجة الماجستير منها، كما عمل مدرساً في مدارس وكالة الغوث في القدس ورام الله، ثم مهندساً زراعياً في دائرة الزراعة في الضفة الغربية.
وتتذكر سحر كيف أن والدها خاض انتخابات المجالس البلدية عام 1976 في الخليل، على رأس الكتلة الوطنية التي فازت بجميع المقاعد وأصبح رئيساً لبلدية الخليل، قبل أن تبعده سلطات الاحتلال في الثاني من أيار عام 1980 إثر عملية الدبويا الفدائية ومنعت عودته إلى أرض الوطن.
وانتخب القواسمي عضواً في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، خلال دورة المجلس الوطني السابعة عشرة، التي عقدت في عمان، ثم عين مديراً لشؤون الأرض المحتلة في منظمة التحرير حتى استشهاده.
تختتم سحر: رحل والدي، لكننا نراه في فهد ابن أخي خالد، الطالب الجامعي، وفهد ابن شقيقي عمر( 16 عاماً)، وصغيري الذي يحمل الاسم ذاته(15 عاماً).