أفريقيا.. ضمير بحجم قارّة مع فلسطين- موفق مطر
اهتم الرئيس ابو مازن بفتح آفاق جديدة في العلاقة مع دول افريقيا موازية للعلاقة السياسية حيث ابرز خطابه أمام القمة الإفريقية امس رؤية فلسطينية لمستقبل العلاقة مع دول القارة، فقدمها في صورة علاقة دائمة وثابتة كالشراكة الاقتصادية والتجارية والاستثمارات وتبادل الخبرات في مناحي الحياة الطبيعية اليومية للأفارقة، كالزراعة والصحة والطاقة النظيفة، إضافة للتعاون في المجال الأمني وفي مكافحة الإرهاب، وذلك من خلال الوكالة الفلسطينية للتعاون الدولي.
تحدث الرئيس عن العلاقة التاريخية والمصيرية، بحكم موقع فلسطين كنقطة اتصال مفصلية بين القارتين، آسيا وافريقيا، واهمية استقرار هذه المنطقة على السلام في العالم، وترسيخ قيم الحق والعدالة، فذهب الرئيس الى اعتبار افريقيا حليفا لفلسطين نظرا للقواسم المشتركة بين شعوبها وشعب فلسطين ودولها ودولة فلسطين، واهمها الالتقاء على القيم والمبادئ الانسانية، والتضحية من اجل الحرية والاستقلال.
خطاب وجداني، بين مدى اهتمام فلسطين بمكانة افريقيا (القارة البكر) في العالم وتطور دولها وهذا يعني ان فلسطين معنية بإفريقيا العملاقة، افريقيا الثقافة، افريقيا النمو والتقدم، افريقيا الديمقراطية، التنمية المستدامة، وتطوير الأنظمة الاقتصادية، وتمكين المرأة والشباب، وتحديث ألأنظمة، والانفتاح والحياة السياسية المستقرة، افريقيا السياسية ومواقفها النبيلة من القضية الفلسطينية.
الرئيس ابو مازن حث ضمائر قادة الدول الافريقية على تطبيق الايمان بقيم الحرية والانسانية التي رسخها قادة افارقة عظماء والتعبير عنها برفض اي تقدم في علاقة دول القارة متحدة باسرائيل ما لم تنسحب من أراضي دولة فلسطين المحتلة منذ حزيران عام 1967 بعاصمتها القدس الشرقية.
عندما يخاطب الرئيس قادة وزعماء 55 دولة افريقية من منبر مؤتمر القمة في العاصمة الإدارية والرئيسية للاتحاد الإفريقي، أديس أبابا عاصمة إثيوبيا فهذا يعني ان رسالته كرئيس للشعب الفلسطيني وكقائد لحركة التحرر الوطنية الفلسطينية موجهة الى ثاني اكبر قارة في العالم من حيث عدد السكان مليار و216 مليون نسمة، بعد آسيا يشكلون حوالي 15% من سكان العالم، حيث تتأثر دول القارة ايجابا بالاستقرار والسلام في منطقة الشرق الأوسط، وتنعكس عليها حالة الصراع بأشكال مختلفة، حيث تتشكل جماعات ارهاب متصلة بمنابعها في منطقة الشرق الأوسط.
الرئيس اكد مبادئ السياسة الفلسطينية والسلام كاستراتيجية، وفق قرارات الشرعية الدولية، للوصول الى الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني، وتطبيق الحل على اساس الدولتين عبر نضال دبلوماسي وسياسي في الهيئات ووالمؤسسات الدولية، ونضال شعبي بوسائل سلمية.
لم يمنع هذا الطرح الواقعي الوجداني للرئيس ابو مازن من وضع الحقائق التاريخية امام قادة افريقيا، فذكرهم بنكبة الشعب الفلسطيني في العام 1948 ورفض اسرائيل الاقرار بالمسؤولية عن تشريد ملايين الفلسطينيين وعن آلاف الضحايا في مجازر ارتكبتها بحق الشعب الفلسطيني منذ اعلان انشائها قبل 69 عاما، وما تبعها في حرب حزيران قبل خمسين عاما، والتي ما زالت مستمرة بأشكال مختلفة حتى اليوم، وتخلف المعاناة والمآسي.
الرئيس وضع اصبعه على جرح افريقيا عندما نبه الى مخاطر نظام فصل عنصري اسرائيلي اكتوت بناره شعوب عديدة في افريقيا من قبل، فناشد قادة افريقيا ووضعهم أمام مسؤولية تاريخية ليساهموا بحماية حقوق شعب فلسطين في دولته المستقلة باعتباره الطرف الواقع عليه الاحتلال.
الدور التاريخي لافريقيا في حماية السلام والاستقرار في هذا العالم، كما قدمه الرئيس ابو مازن يتجلى في امتناع الدول الافريقية اعطاء (اسرائيل) باعتبارها الدولة القائمة بالاحتلال اي فرصة للعب ادوار مهمة في مؤتمرات الاتحاد الافريقي أو تسهيل أدوارها في الاقليم قبل حل قضية فلسطين، حلاً عادلاً والوصول الى سلام حقيقي، لأن خلاف ذلك يعني استمرارها بالاحتلال والاستيطان وتطبيق نظام الفصل العنصري، وادامة ذرائع الجماعات الإرهابية التي تستهدف افريقيا ايضا.
الرئيس بتأكيده أمام مؤتمر القمة الإفريقية توجه القيادة الفلسطينية ومعها الشعب الفلسطيني نحو صفقة سلام تاريخية وحل على أساس الدولتين، يقطع الطريق على رئيس حكومة دولة الاحتلال بنيامين نتنياهو الذي ينتهز اي فرصة تمكنه من ترويج ادعاءاته المناقضة لأفعال وسياسات حكومته المناهضة للسلام، لذا قال الرئيس: "نحن في انتظار استجابة إسرائيل لمبادرة الرئيس ترامب من أجل عقد صفقة سلام تاريخية، وفق حل الدولتين".