الضرورة الوطنية لانعقاد المجلس الوطني
يحيى رباح
الحديث الدائر الآن بصوت عال، والجهود التي تبذل الانعقاد جلسة المجلس الوطني، هي من المفردات التقليدية للعمل الوطني الفلسطيني المشترك منذ أن عقدت الدورة الأولى للمجلس في مدينة القدس في عام 1964، لان العمل الفلسطيني الذي ينطلق في الأساس من ضرورات واولويات فلسطينية، له أيضا ضرورات واولويات إقليمية وعالمية يجب اخذها في الحسبان، والقيادة الشرعية الفلسطينية على علم دائم بحجم التداخلات بين ما هو مصالح فلسطينية ومصالح عربية وإسلامية ودولية، وجهدها الرئيسي ينصب دائما على تقليل التعارضات الى حد نجاح نموذج الجبهة الوطنية الذي تعمل بموجبة منظمة التحرير في تخطي الصعوبات وتقدم ما هو فلسطيني على غيره من الاطروحات والمنظومات التي يصل بعضها الى حد الشذوذ في بعض الأحيان، مثل وضع حماس التي لا تعترف بوحدانية التمثيل لمنظمة التحرير حتى الان، وتراودها دائما الأفكار الشريرة بالاساءة لهذا الإنجاز العظيم الذي حافظ عليه شعبنا بمئات الالاف من الشهداء والأسرى، وخاض من اجله غمار تجارب خارقة وعالية المستوى، أولها اطلاق الثورة الفلسطينية المعاصرة التي استلمت علم الثورة العالمية بعد الجزائر وفيتنام، والتي حظيت بعضوية مراقب في الأمم المتحدة اصبح عضوية مراقب لدولة فلسطين التي تتقدم للارتقاء بها الى عضوية كاملة قريبا.
الاجتهادات والتباينات والمماحكات التي تظهر عند عقد كل دورة جديدة، او جلسة جديدة للمجلس هي أحد ثوابت العمل الفلسطيني المنضوية تحت لواء المنظمة، التي لديها خبرة عظيمة في جعل كل ذلك لا يتجاوز سقف البيت الوطني الفلسطيني، مع ان البعد الإقليمي العربي والبعد الحزبي الإسلامي نجح في بعض المرات في احداث التجاوز الخطير، ولكن الحقيقة التي يعرفها الجميع هي ان كل تجاوز كبير يلقي بأصحابه خارج المشهد وخارج الفعل، وخارج الحديقة الفلسطينية، مثلما حدث في تجارب انشقاقية كثيرة، وفتح (أم الولد) حريصة الا يحدث ذلك مع أي طرف، ولكن بعض الأطراف، مثل حماس، التي ظلت في حالة الاخوان المسلمين خارج الفعل الفلسطيني قرابة ربع قرن، لم ينجح الحوار معها ولا مرة واحدة في إدخالها طواعية داخل البيت وفي الحضور الكامل للعائلة، بل ظلت كما بدات، تعتمد أولويات أخرى ومعايير أخرى حتى انتهى بها المطاف الى الانقلاب على حكومة وحدة وطنية برئاستها، بل اكثر من ذلك، وجدت نفسها خارج السياق وخارج المشاركة في المعركة المجيدة التي خاضها شعبنا حول الأقصى، بقيادة قيادته الوطنية، وبمشاركة المقدسيين الابطال، وبحضور فاعل من الكل الوطني الفلسطيني.
بعض النقاط التي تطرح في المداولات الان ليست جديدة، فهكذا في كل مرة، اذا عقدنا مجلسنا في الجزائر الشقيقة يقول البعض ولماذا ليس في مكان اخر، واذا عقدناه في القاهرة او عمان او دمشق فهناك من يقول، ولماذا ليس في مكان اخر؟ الان، القرار الاجماعي الفلسطيني أن نعقده في الوطن، عقدناه مرة في غزة، ونعقده هذه المرة في رام الله، وقريبا، ان شاء الله سنعقده في القدس عاصمتنا الأبدية.
اما الاطروحات السياسية، هل دورة جديدة للمجلس، ام جلسة جديدة؟ فالامكانيات المحيطة هي التي تقرر، والمهم ان يحضر المجلس ولا يغيب، وتتفعل الإطارات ولا تتقادم، وان يحدث الفعل بدلا من الغياب، وخاصة اننا بحاجة ماسة لحضور اطاراتنا الوطنية وتفعيلها في مواجهة الجنون الإسرائيلي الذي اصبح يتخوف منه ملايين الإسرائيليين بانه جنون قد تجاوز المعقول ضد الشعب الفلسطيني، ومآله الوصول الحتمي ان يكون ضد الشعب الإسرائيلي.
يجب ان نفتح الأفق، ويجب ان نشحذ الجاهزية، ويجب ان نكون باعلى كفاءة لمواصلة معركة الاستقلال، معركة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية.