انقلاب سنوار حماس.. زواج المتعة!!
موفق مطر
متى سيدرك اهلنا في غزة أن مآسيهم ومعاناتهم عند حماس لاتساوي اكثر من ملاليم دحلان وملايين طهران، وانها آخذتهم كرهائن الى أن يتحقق لها تشييع المشروع الوطني الفلسطيني الى مثواه الأخير.
لا يهم حماس تقلب وجوه قادتها واتجاهاتهم، ذلك انهم قد اتخذوا الانقلاب كعقيدة سياسية يشرعنون على اساسه مصالح الجماعة ويسوقونها كمصالح مقاومة .
انقلبت حماس نحو حضن طهران– كما اعلن قائدها في غزة يحيى السنوار- فانقلبت بذلك على ما كانت تسميها تفاهمات مع مصر، ليس لسبب حجم ومتانة ارتباطها بالدوحة وسياستها وحسب، بل لأن جماعة الاخوان المسلمين المعادين لجمهورية مصر العربية لايمكنهم السكوت على خروج حماس عن مبدأ الطاعة حتى لو كتب قادتها الف وثيقة جديدة او قالوا انهم لايدورون في فلك الاخوان .
انقلبت حماس على ذاتها وعلى وثيقة خالد مشعل، حتى بدا للناس ان وثيقتها قد كتبت على ورق لف التبغ، وقد صارت دخانا عند اول اختبار، فعلاقات حماس اللاموجودة اصلا مع دول عربية رئيسة وفاعلة في المنطقة والتي كانت في طوابق الامنيات، وطيات الوثيقة (الخدعة) قد باتت اليوم ابعد من كوكب نيوتن بعد اعلان السنوار الصريح الارتماء في حضن طهران، لكن العداء الذي تستدرجه للقضية الفلسطينية وللشعب الفلسطيني بسبب سياسة الانقلاب والتقلب الحمساوية وارتمائها في احضان قوى اقليمية (بزواج متعة) بات ككرة نارية تتدحرج في حقول بترول .
لاتمثل حماس الا نفسها، أما إصرارها على سياسة الانقلاب وسعيها لترويج نفسها وتمثيلها للشعب الفلسطيني فسيكون بمثابة عملية قطع للقضية الفلسطينية عن عمقها العربي، وهو العمق الشعبي الاستراتيجي الثابت رغم سياسات الحكومات العربية المتغيرة ، وهنا يكمن خطر سياسة حماس المضادة للمصالح العليا للشعب الفلسطيني، فحماس الباحثة عن استمرار تدفق المال في شرايينها في قطاع غزة لايهمها مصدره ولا تبعات التمويل وشروط الممول، حتى لو كان المصدر (بيت مال الشيطان) محمد دحلان، او حتى لو كان بمستوى مصروف جيبة (15 مليون دولار)!!.
قد نطمئن للحظة ان الجماهير العربية وحكومات عربية تعرف طبيعة حماس الانقلابية، وان سياستها هذه لن تؤدي لانقلاب عربي رسمي وشعبي على القضية الفلسطينية، لكن في ظل تنامي نزعة الانكفاء عن القضايا القومية، فان ضمانات ابقاء العرب على خط القضية الفلسطينية في الوقت الذي تقطع فيه حماس السكة عند اول الجسر باتت غير مؤكدة ان لم تك معدومة .
تسبب انقلاب حماس المسلح قبل عشر سنوات ونيف بسلخ قطاع غزة عن الوطن، لكن انقلاب السنوار سيتسبب بانسلاخ العرب عن قضيتهم المركزية، وهذا لعمرنا اخطر من انقلابهم الأول، ذلك انهم يحققون في ظل الواقع السياسي العربي ما عجز عنه نتنياهو، الذي استطاع الرئيس ابو مازن بحكمته وشجاعته اسقاط مشروعه في قمة البحر الميت بالمملكة الاردنية الهاشمية، ولتذكير السنوار الذي يبدو انه لايعرف السير في متاهات السياسة، فان نتنياهو قد حاول اقناع انظمة عربية بالتخلي عن القضية، والانضمام اليه كحلفاء، الى ان وجه اليه رئيس الشعب الفلسطيني وقائد حركة تحرره الوطنية ابو مازن ضربة قاضية انهت هذه الجولة المصيرية لصالح فلسطين.