حتى لا ترتد الى جبهة القدس كرصاصة انتحار!
موفق مطر
الهدف الوطني الآن هو اسقاط قرار ترامب بالاعتراف بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال، ومنع اسرائيل من البناء عليه، والاستمرار بتمتين المركز القانوني لفلسطين والقدس في القانون الدولي، واستثمار الموقف الدولي الايجابي لصالح القدس والقضية الفلسطينية الذي برز في مجلس الأمن أول أمس الجمعة، والبناء عليه لتطوير مواقف الدول التي لم تعترف بدولة فلسطين حتى الآن، حيث أجمع الأعضاء الـ14 على أن القدس الشرقية المحتلة هي عاصمة دولة فلسطين حسب القرارات الدولية. أما اصطفاف الولايات المتحدة الأميركية الى جانب اسرائيل وهي الدولة المتمردة على الشرعية الدولية، فهذا ما ستشكرنا عليه الأمم في يوم ما لأننا استطعنا تسليط الضوء على الحلقة الرابطة بين منظومة سياسة الاستكبار العنصري والمواقف المتطرفة من القانون الدولي والشرعية الأممية والمناهضة لحقوق الانسان هنا في تل ابيب، ومثيلتها في البيت الأبيض.
هدفنا الوطني المنظور الآن هو الحفاظ على منجزاتنا السياسية، وتعميق القناعة لدى قادة وشعوب دول العالم اننا نحن الفلسطينيين نتطلع للحرية والاستقلال، والسلام ولكن ليس بدون القدس الشرقية عاصمة دولتنا الأبدية، القدس بمقدساتها المسيحية والاسلامية، واستخدام حقوقنا كدولة في استخدام كل الوسائل وطرق كل السبل لمنع القوة القائمة بالاحتلال (اسرائيل) من فرض أمر واقع الاحتلال والاستيطان الاستعماري والتمييز العنصري، ومحاسبة المنظومة السياسية والعسكرية المسؤولة عن جرائم الحرب بحق شعبنا في المحاكم الدولية، ففلسطين تستطيع فعل ذلك ما دامت في فلك الشرعية الدولية، أما السير بعكس الاتجاه والتصادم مع المجتمع الدولي فهذا ما يتمناه نتنياهو، ونعتقد انه وترامب قد وضعا الف ورقة وورقة في شقوق حائط البراق المحتل، يتمنون على (رب الحرب) الذي يعبدانه أن تتحقق امنيتهما، بفقدان توازن عربة القيادة الفلسطينية وجنوحها على (الطريق الدولية)، وهذا ما لم يحدث ولن يحدث ما دامت قيادة حركة التحرر الوطنية الفلسطينية تفكر بعقل المناضل الوطني، ونحن على ايمان أن الرئيس محمود عباس ابو مازن يفكر بعقل المصالح العليا للشعب الفلسطيني، ويرتكز على الثوابت الوطنية، ولا مكان في نهجه السياسي، للقرارات الانفعالية المدمرة، التي لا حصاد من زرعها الا نكسة او نكبة جديدة، أما امتحانات التحدي التاريخية فقد اجتازها الرئيس ومعه قادة حركة التحرر الوطنية باقتدار.
لن يقبل وطني فلسطيني عاقل بتحويل وجهة المعركة نحو الجبهة الداخلية الفلسطينية أو المحيط العربي، فيما جهة الصراع الأولى والأخيرة مع دولة الاحتلال (اسرائيل) حتى بعد توسع جبهتها وانضمام الادارة الأميركية بقيادة ترامب.
يخطئ ويقف ضد المنطق من يعمل على استغلال اللحظة لتصفية حسابات سياسية، ويذهب الى رمي السهام النارية نحو بيدر القيادة الفلسطينية، ومنظومة الدول العربية، فيما ينعم نتنياهو تل ابيب وترامب واشنطن بمتعة الفرجة على سيرك ردود الفعل، حيث يهرع المتسرعون، الانفعاليون، العصبيون الى فكفكة اوتاد الخيمة وكسر عمودها في لحظة استعراض الوحوش المفترسة.
لا نفهم ولن نتفهم توجه فيسبوكيين، وتويتريين وغيرهم الممددين على الآرائك للانغماس في حملة هجوم على (العرب) واغراق الشبكة العنكبوتية بالشتائم والتشكيك، فعمقنا العربي الشعبي والرسمي يجب المحافظة عليه وكسبه وتوظيف قواه بالحوار الايجابي وبيان المخاطر عندما نلمس ترددا او تقاعسا أو قصر نظر في رؤية ابعاد وتداعيات واخطار اي قضية، أما الضخ المتزامن والكثيف، لعناصر الاحباط وتعميمها، ومحاولة حفر الخنادق بيننا وبين (العرب) في المستويين الشعبي والرسمي العربي فهذا يدفعنا لخط علامة استفهام كبيرة عن دوافع الذين يفعلون ذلك، مع التأكيد أن هذا السلوك اعتداء على مبدأ حرية الرأي والتعبير ما دام يفتقر لأدلة وبينات دامغة، أو اذا نقصه النقد البناء، فنحن يجب ألا نغادر الجبهة، وأن نجمع قوانا لمنع اي انحراف قد يتم بفعل فاعل.
نحن بحاجة الى حشد (العرب) ولن يكون لنا ذلك إلا باستغلال كل نافذة أو وسيلة اتصال، بالتوازي مع استمرارنا في ضرب المثل في الصمود والوحدة الوطنية وافتداء الوطن والمقدسات، والموقف الوطني الذي يبدو (للعرب) و(للعالم) وكأنه موقف صادر عن قلب وعقل رجل واحد، لكنا سنفشل وينعدم حقنا في تحميل اية مسؤولية للعرب والعالم فيما نحن منشغلون ببعضنا، ومنقسمون، ولا نقوى على الظهور بموقف وقرار واحد.
نحن في منعطف خطير، والمسؤولية الوطنية تقتضي التفكير الف مرة بالكلمة التي قد ترتد وتتحول الى رصاصة انتحار ان لم نحسن اختيار شكلها ومضمونها والجهة التي سنصوب نحوها، فنحن والعرب والأحرار في العالم الذين وقفوا معنا ومع قضية القدس في جبهة واحدة، وكل من يحاول العبث فيها سيكون كمن قرر واختار الخروج من جبهة القدس.