من أبي جهاد (الخليل) الى أبي جهاد العالول - موفق مطر
سيتوصل الباحثون عن اسباب وأبعاد تهديد أجهزة أمن دولة الاحتلال للمناضل القائد محمود العالول ابو جهاد، اذا عرفوا أن قادة الاحتلال السياسيين والعسكريين في "اسرائيل" يعتقدون أن استهداف قيادة حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" بالاغتيال او الاعتقال سيؤدي الى ايقاف الحراك الشعبي الفلسطيني، وضرب عصب الانتماء الوطني، وحرف بوصلة النضال الفلسطيني عن الأهداف والثوابت الوطنية، وبالتأكيد اصابة المشروع الوطني في مقتل.
ابو جهاد العالول هو الآن في موقع نائب رئيس حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح"، وكان عضو اللجنة المركزية لفتح المفوض بالتعبئة والتنظيم حتى المؤتمر العام السابع للحركة، وهو من مدرسة القائد الشهيد خليل الوزير "ابو جهاد"، وقائد عملية أسر الجنود الاسرائيليين الستة في جبل لبنان في الثمانينيات الذين بمبادلتهم تم تحرير آلاف الأسرى الفلسطينيين واللبنانيين من معتقل أنصار.
تلجأ ادارة الجريمة والموت الاسرائيلية في كل مرة تجد نفسها في مأزق سياسي وميداني، الى استهداف قادة حركة فتح، باعتبارها دماغ حركة التحرر الفلسطينية ومركزها العصبي، والعمود الفقري لمنظمة التحرير الفلسطينية، مستقوية بغطاء أميركي وحماية تمكنها من اختراق قوانين ومواثيق الشرعية الدولية.
ان وضع نائب رئيس حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" في دائرة الاستهداف، يعني استهدافا مباشرا لقيادة الحركة من رأس هرمها التنظيمي الى أحدث مناضل انتمى الى قواعدها، وهذا امر لا نراه خارجا عن سياق الصراع بيننا وبين المشروع الصهيوني الاحلالي الاستعماري الاستيطاني العنصري، ذلك ان كل مناضل يؤدي قسم الاخلاص لفلسطين عند انضمامه للحركة قد اقسم على بذل المستطاع من اجل تحرير فلسطين، ما يعني انه سيكون مستهدفا ما دام يفي القسم حقه، وفي أي موقع من الهرم التنظيمي كان.
ما نشرته صحيفة يديعوت احرونوت الاسرائيلية حول وضع الأمن الاسرائيلي للقائد ابو جهاد كهدف مع تسويق تهم افتراضية، لا نراه من ناحيتنا الا ابتداء دولة الاحتلال فعليا وعمليا في الغاء اتفاقية اوسلو وما ترتب عليها من بناء مؤسسات للسلطة الوطنية، دون الاعلان شفهيا عن ذلك، فمحمود العالول ابو جهاد بعد عودته للوطن كلفه الرئيس الراحل ابو عمار بتولي مهمة محافظ نابلس قبل ان يتفرغ لمهمته في قيادة الحركة عضوا في لجنتها المركزية وهو اعلى اطار قيادي فيها.
حسب المحتلون المأخوذون بعقلية التفوق ان اغتيال القائد خليل الوزير ابو جهاد في تونس، سيوقف الانتفاضة الأولى الكبرى، لكن روح ابو جهاد الوزير، وأرواح الذين كانوا يتلقون منه الرسائل والتعليمات مباشرة، وكل الشهداء الفلسطينيين الذين ارتقوا قد قادتنا الى الوطن، وأنشأنا سلطتنا الوطنية كممر نحو إنجاز استقلالنا الوطني بقيام الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية، أما جسد ابو جهاد الطاهر فقد سكن مؤقتا الى جانب الشهداء في دمشق بانتظار رحلة العودة الأبدية وتكليل الثورة بالنصر.
تستهدف دولة الاحتلال ابو جهاد العالول في هذه اللحظات المصيرية لأنها معنية بمسح صورة الارث الكفاحي من الذاكرة الفلسطينية، فقادتها الأمنيون والسياسيون رغم جرائمهم الممنهجة والمنظمة ضد قادة "فتح" لم يحققوا أهدافهم سوى باغتيال الاسم او الجسد، أما الروح، والشخصية الوطنية المناضلة فإنها سرعان ما ستظهر لهم بألف اسم واسم وبألف موقع وموقع في مدننا وقرانا المحتلة، ورغم ذلك ما زالوا يفكرون بهذه العقلية القاصرة، فأبو جهاد العالول لم يثنه استشهاد ابنه الأكبر عن مواصلة النضال، كما لن يثني استشهاد ابو جهاد العالول – إن قدر الله – مناضلي "فتح" خاصة شبيبتها عن تقمص روحه الكفاحية الوطنية، وسلوكيات المناضل التي نظمت مسارات حياته وتعايشه مع الفدائيين والمواطنين.. فثورتنا الفلسطينية وجدت لتبقى ولتنتصر.