الى ترامب.. هذه هي كلمة السر
موفق مطر
"القدس باتت خارج المفاوضات"، هذا ما قاله الرئيس الأميركي دونالد ترامب أثناء لقائه رئيس حكومة دولة الاحتلال والاستيطان الاسرائيلية بنيامين نتنياهو، على هامش منتدى دافوس الاقتصادي في سويسرا.. وتعمد القول أيضا "إذا كانوا لم يحترمونا عندما لم يسمحوا لنائب الرئيس بزيارتهم ونحن نعطيهم مئات الملايين من الدولارات، هذه الأموال ليست على الطاولة، لن تذهب إليهم".. ولم يغفل عن تطمين نتنياهو بأن نقل السفارة الأميركية من تل ابيب الى القدس سيتم خلال عام..كل هذا بعد قرار ادارة ترامب تقليص مساهماتها في وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" لأكثر من 50% ما جعلها في وضع يصعب معه تقديم خدمات رئيسة كالتعليم والصحة وتأمين رواتب موظفيها.
يهدف ترامب الى ازاحة ثوابتنا الوطنية واحدة تلو الاخرى، فقرر البدء بتحطيم مركزها (القدس) وأهم أركانها قضية اللاجئين، ولا نستغرب في الغد القريب ان يصدر كونغرسه قانونا مساندا للقوانين الاسرائيلية بخصوص الأسرى الفلسطينيين، هذا ان لم يكن اشد تطرفا وعنصرية.
يتجه ترامب الفائض بنزعة الاستكبار والتفوق المستنسخة من نزعة هتلر النازي عن قصد الى الخروج كليا على الشرعية الدولية والمنظومة الضابطة للعلاقات بين الدول، فيلغي بجرة قلمه الشهيرة القانون الدولي وينصب نفسه المصدر الفريد والوحيد للقوانين والقرارات ويسعى لفرضها على الجميع دولا كبرى وازنة ودولا اخرى احتقرها علنا ووصفها بالحثالة !!.
منذ توقيعه الشهير على قرار لادارته بنقل سفارة الولايات المتحدة من تل ابيب الى القدس، اشهر ترامب خروجه على القانون والنظام الدولي، وقراره إحياء الحملات الاستعمارية، وتبني الاحتلال والاستيطان والتطرف والعنصرية، واستنبات الدولة الدينية من جذورها المتفحمة، معتقدا بامكانية بناء هذا النموذج على قاعدة واساس قائم وموجود وهي (منظومة الاحتلال الاسرائيلي الاستيطاني العنصرية) التي لا تحتاج الا لصياغة خاتمين مذهبين والوقوف في مذبح كنيسة انجيلية صهيونية لاعلان الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل زوجين، لكن هل سيسمح العالم لنفسه لأن يكون شاهد زور على زواج هو حسب القوانين الدولية، والأعراف والمواثيق والقيم والتقاليد، والشرائع والعقائد السماوية والأرضية والفلسفات جريمة تاريخية، وخطيئة تغلق كل مسارات الانسانية نحو السمو والارتقاء والازدهار والسلام، وتبقي مسارا واحدا مفتوحا نحو الجحيم ودوائر نيرانها التي ستنتشر في العالم !.
قد يكون بامكان الشعب الأميركي كبح جماح ترامب، قبل ان يصبحوا على انتخابهم له نادمين وقبل حلول الكارثة بالولايات المتحدة الأميركية، التي ستكون اسوأ بكثير من الكارثة التي استدرجها هتلر لألمانيا.
القضايا والصراعات في العالم اليوم مرتبطة ببعضها، حتى وان لم تكن بمستوى سعة الحلقات نفسها وحجمها وصلابتها، لكن ما يجب على الرئيس الاميركي معرفته أن القضية الفلسطينية هي الحلقة الأعظم والأمتن والأوسع، وتتمركز في المنطقة الأهم لمصالح العالم عموما والولايات المتحدة الأميركية خصوصا، وان اية محاولة عبثية لتفكيكها أو تدميرها ستكون نتائجها العكسية خارج توقعاته وحسابات مستشاريه، وأكبر من قدرة اقماره الاصطناعية على الاستكشاف، فمفاتيح هذه الحلقة العالمية لدى الشعب الفلسطيني، ومصممة وفق معايير القانون الدولي، لكن واحدا في هذا العالم لا يستطيع حل هذه الحلقة (القضية) ما لم يضمن الفلسطينيون كامل حقوققهم كما صدرت على الأقل في قرارات الشرعية الدولية.
يجب ان يفهم ترامب الجاهل بالتاريخ وفلسفات الشعوب وعقيدة الحرية الحقيقية أن حلقة القضية الفلسطينية وتماسكها واتصالاها مع حلقات القضايا في العالم أنبل من أن يتم الحديث عنها بلغة الدولار، وان الشعب الفلسطيني ورئيسه محمود عباس اعظم واقوى مما يعتقد وليس في قاموسه الخضوع أبدا، وكلمة السر في حل القضية، هي الحرية والاستقلال ودولة بعاصمتها القدس الشرقية، وحق اللاجئين كما اقرتها الشرعية الدولية، أي امر غير ذلك فانه عبث شيطاني.