الاحتلال والانقلاب.. شراكة بقرصنة مال الشعب
بقلم: موفق مطر
هل قدر الشعب الفلسطيني ان يبقى ماله العام عرضة للقرصنة، متى سنحرر مال الشعب من سيطرة سلطات الاحتلال الاستيطاني وسلطة الانقلاب (الاخواني الحمساوي) وهل بلغت المصلحة المشتركة بينهما بإبقاء السلطة الوطنية في حالة عجز مادي لإضعاف مقومات الصمود؟! فلا فرق بين سلطة احتلال متغطرسة استعلائية مستكبرة ظالمة تقرصن عائدات الضرائب الفلسطينية في تل ابيب، وسلطة انقلاب تستولي على الملايين هي في الأصل تبرعات للمؤسسات التعليمة في قطاع غزة كمثال وليس على سبيل الحصر.
اهدافهم من القرصنة: خلخلة قواعد وركائز النهوض بالمشروع الوطني، ومنع مواكبة معركة بناء مؤسسات الدولة وتمكين المواطن من حقوقه مع المعركة السياسية الدبلوماسية القانونية في المحافل الدولية؟! واشغال الشارع الفلسطيني بلقمة العيش، على حساب ابداع سبل المواجهة مع الاحتلال الاستيطاني وتطوير وتوسيع المقاومة الشعبية السلمية، ما يعني في معادلة بسيطة تعطيل انجاز الحرية والاستقلال وقيام الدولة، والتعمية على مشاريع دولة الاحتلال بالاستيلاء على القدس وتهويدها، والايحاء للعالم ان مشكلتنا اقتصادية انسانية وليست قضية تحرر وطني.
سيكون صائبا وفي الاتجاه الصحيح لو ان مظاهرات المطالبين برواتبهم في غزة توجهت الى مقر رئيس المكتب السياسي لحماس اسماعيل هنية، لتطالبه بتسليم المؤسسات الوطنية كلها ودون استثناء الى حكومة الوفاق الوطني، وتجريم من يمنعها من بسط سيادة القانون وتطبيقه. وأن الحل يكمن في تنفيذ حماس الاعلانات والتفاهمات التي اعقبت اتفاق القاهرة والالتزام بنصوصها، والأهم من كل ذلك الانفكاك عن تحالفاتها مع قوى خارجية، لم تجلب للقضية والشعب الا الكوارث والدمار والموت العبثي لعشرات آلاف المواطنين.
نعتقد ودون ادنى شك بمعرفة الموظفين الذين عينتهم حماس منذ الانقلاب بأسباب المشكلة، وسبل حلها، فهم يعلمون ان سلطة حماس اللاشرعية فرضت ضرائب على المواطنين وجبت منهم منذ الانقلاب عام 2007 وما زالت متحكمة بالجباية، وتصرف ما تجمعه على عسكرها ومنتسبيها، وأنه لا بد من انسحاب حماس التام من مؤسسات السلطة التي استولت عليها بالقوة، ومساءلة قادة حماس المسؤولين عن تردي اوضاعهم، كالدكتور محمود الزهار الذي وعدهم بتحويل غزة المغتصبة بقوة الانقلاب الى جنة!!. لكنه فشل في وعد انشاء دولة اسلامية، وتطبيق معادلة الحكم والمقاومة !!
لا يجوز استغلال الحقوق الأساسية للمواطن المنصوص عليها في القانون والتعامل معها بازدواجية، فهي مصانة ومضمونة للمواطن ما دامت وليدة قرارات صادرة عن مؤسسات قانونية شرعية، لذا فإن المطالب بها او المدافع عنها يجب ألا يتخذ سبيل الحزبية للانتصار لها، وانما عليه كسر قيود الحزبية والتحرر منها خاصة اذا كان السبب في الظلم الواقع على من يعتقد انه مظلوم، ولا يتأتى ذلك الا بقول الحق أمام السلطان الجائر الذي استولى على مقدرات البلاد وحرم اهلها، واعتبرها كغنائم وخص اتباعه وعسكره بها.
حسنا فعلت وزارة التربية والتعليم العالي، عندما كشفت عن استيلاء حماس على27 مليون دولار، قيمة تبرعات جمعتها من الطلبة، ومن موارد المقاصف المدرسية في قطاع غزة، وانفقتها كرواتب لموظفيها!! ونعتقد أن مصداقية وزير التربية والتعليم العالي الدكتور صبري صيدم الذي اعلن هذا البيان لا يمكن لحماس خدشها، مهما امتلكت من ادوات تجريح ودعاية مضادة.
ما أكده د.صيدم نقطة في بحر الأموال العامة التي تسيطر عليها حماس من مصادر اخرى، وهذا ما يجب ان ينتبه اليه كل مواطن في القطاع حتى لو كان من اتباعها او أنصارها، فالقضية لا تتعلق ببرنامج سياسي حزبي يؤيده او يعارضه، وانما بمصيره ومستقبله كمواطن، فالأنواء السياسية متبدلة كالطقس، وما هو قائم اليوم سيقع او يتغير غدا، ولا يبقى الا الوطن والمواطن، والايمان بمبدأ الوطنية يتطلب الموقف الصحيح والسليم، لضمان الحفاظ على وجود الانسان كفرد، والمجتمع كقيم وثقافة، والشعب الفلسطيني صاحب الأرض والوطن التاريخي والطبيعي فلسطين، وصاحب المستقبل الأبدي عليها.