طحنوها وهرسوها برحى قوانينهم!!
موفق مطر
ما لم ننظر الى المرأة ككيان انساني لا يزيد ولا ينقص بالحقوق والواجبات عن كيان المرء (الرجل) وما لم نعتبر تحقيق المساواة والعدل بين جنسي الانسان: الذكر والانثى، انتصارا لانسانيتنا، وما لم نسع الى الارتقاء بمنظومة العلاقة بين الجنسين الى مستوى الاعتراف والاقرار طوعا بأن قيمة الانسان مثالية ومقدسة، لا تأثير لجنسه على مكانتها، فإن النظم الاجتماعية وتحديدا الموروثة ستبقى بمثابة عجلة ظلم تدور على الجنسين، حتى وان حاول الذكوريون دفع الاناث الى مركز الضغط الاجتماعي اي (الطحن والهرس) مباشرة.
تبرز الحاجة الى قوانين الدولة القوية في مجتمعات تبلغ فيها السيطرة والسطوة الذكورية حدا أعلى بكثير من الموجود لدى مجتمعات كائنات حية استمدت من الطبيعة نظامها الضامن لديمومتها، وفي سالب الصورة، تسقط السلطة الذكورية الى قاع الانفلات الاخلاقي، حيث يتجسد العنف، والظلم والقهر، ويسود تفكك الشخصية والامراض النفسية، بسبب مسعى الذكوري الدائم لتبوء موقع سلطة ما حتى ولو على حساب حقوق وحرية وحياة انسان، لم يأت في اي تشريع سماوي مقدس أو في كتب فلاسفة ومفكري المجتمعات الحضارية أن الانسان الذكر يملك قيمة اضافية على الانسان الانثى ولو بمقدار وزن حبة خردل.
تفيد قوانين الدولة وتشريعاتها في اظهار حسنات نظام العدل والمساواة بين الجنسين، خاصة اذا حملت التجربة والتطبيقات المدروسة بعناية براهين عملية على حسن الفائدة العائدة على الفرد والمجتمع على حد سواء، حيث يلمس الذكر قبل الانثى الانعكاس الايجاب لتمتع الانسان الآخر بحقوقه وحريته وبقوانين وقيم المساواة والعدل، فيما تتخذ الانسان الانثى النظام الاجتماعي الحضاري فضاءً لا محدودا لاظهار ابداعاتها وقدراتها على اعلاء شأن النصف الآخر من الحياة، لاحداث التكامل الواجب والمطلوب لضمان انطلاق مسبار الحياة نحو آفاق اعلى وأرقى.
نحتاج الى قوانين دولة ثورية بمضمونها، وهذا يعني حاجتنا الى رواد في مفاصل الدولة مؤمنين بالمضامين، ويعملون على تطبيقها بالتدرج السريع، لأن البطء قد يمكن السلطات الذكورية من تكوين جبهات تشن منها هجمات مضادة لكبح القوانين الثورية ثم ضربها والتشكيك بها تمهيدا لالغائها، وهنا يتعين الانتباه أن لهؤلاء قواعد متقدمة وكثيرة متغلغلة حتى النخاع في هيكلية المجتمع، ويستخدمون منابر يفترض الا تكون الدعوة منها الا للحق والحرية والمساواة والعدل واحترام قيمة الانسان.
ان إلغاء قوانين وجدناها قائمة بذاتها كجزء من موروث لا يتناسب ولا ينسجم مع عصرنا، أو ادخال تعديلات عليها بما يضمن رفع ظلم السلطات الذكورية، وتأسيس سلطة قانون عنده حق الانثى لا ينتقص ابدا، وهنا نرى وجوب دعم هذه الخطوات الجريئة التي يجب ان تتوازى مع قرارات حركة التحرر الوطنية السياسية، خاصة وان تلك القوانين انعكاس لأنماط تفكير منظومة سلطوية اجتماعية سادت، واستماتت لتحافظ على هذا الشكل من سلطاتها الاجتماعية، الدينية، السياسية، وتلقت الدعم المباشر وغير المباشر من المعنيين ببقاء الصراعات بين طيات مجتمعاتنا، ومن اللامعقول واللامقبول في عصرنا تهيئة مناخات تتيح لهؤلاء التحكم بحركة المجتمع واتجاهاته، وتمنع تقدمه، خاصة وان المبررات والتفسيرات المعلبة جاهزة، حيث اشتغل هؤلاء على ضمان قاعدة التسليم بالمنطوق، لدى الغالبية العظمى من الجمهور، واستفادت ليس من تغييب مقصود لملكة التفكر والتفكير والمحاكاة العقلية، والتجربة في هذه الشريحة الواسعة من المجتمع وحسب، بل لدى ادعياء يروجون لمقاماتهم على رأس لوائح النخب.