مناورات حماس.. انكشاف الأهداف
بقلم: موفق مطر
لولا تطمينات المستوى السياسي والعسكري الاسرائيلي لصناع الانقلاب الانفصاليين في حماس لما ظهر مسلحوها علنا بعديدهم وعتادهم ونفذوا ما قيل انها مناورة يمكن تسميتها بكل ثقة (مخادعة) والتفافا، للتغطية على جريمة تفجير ألغام الحرب الأهلية قبل أيام بموكب رئيس الوزراء د. رامي الحمد الله ورئيس جهاز المخابرات العامة اللواء ماجد فرج.
شجعت التطمينات الأمنية الاسرائيلية قادة حماس العسكريين قبل السياسيين، على التحدي والمضي بمشروع فصل غزة، وانشاء دويلة، واعتبار عناصر حماس المسلحين جيشا لهذه الدولة، لتكتمل بذلك عناصرها مع القائم من ادارات أنشأتها سلطة الانقلاب باعتبارها سلطة الأمر الواقع.
قد تسعى حماس الى فرض معادلة شبيهة بمعادلة حزب الله في لبنان، أي طرح كتائب القسام المسلحة كبديل عن قوات الأمن الوطني الفلسطيني، أو العمل على الأرض بموازاة المؤسسة الأمنية الفلسطينية الشرعية الرسمية، ما يعني خلق اشكالية يريدها اعداء المشروع الوطني الفلسطيني لتبرير مواقفهم الرافضة لحقوق الشعب الفلسطيني في دولة مستقلة ذات سيادة، دولة تمتلك مؤسسات قانونية ونظامية، ولتمرير مؤامرتهم بتحويل الانقلاب الى واقع انفصال، معزز بتفكك وشروخ في النسيج الاجتماعي الفلسطيني، نظرا لانعدام شروط الصراع المذهبي أو الطائفي اللازمين لابقاء الشعب الفلسطيني في دوامة صراع، يبدو للناظر من بعيد كصراع سياسي، لكنه في واقع الأمر صراع جهوي فئوي مشحون بالمظلومية، والتفرقة بين مواطن وآخر، وبين قطاع جغرافي وآخر في الوطن، ويزيد عليها مشايخ حماس عندما يؤججون فتاوى تكفير وتخوين بالجملة، والتي تعني الملايين في الضفة الفلسطينية بما فيها القدس !!.
لم يسجل في تاريخ وسجلات المنظمات التي اعتمدت حرب العصابات أو الحرب الشعبية، كشف عديد وعدة قواتها للعدو، وتسهيل رصدها وتسجيل المعلومات عن تكتيكاتها، لكن قادة حماس العسكريين والسياسيين خرقوا كل القواعد وقدموا لسلطات الاحتلال العسكرية والأمنية (بشكل مباشر) ما يريدون، وبذلك يستهترون ليس بوعي المواطنين الفلسطينيين وحسب، بل بأرواح المسلحين المنتسبين في صفوف حماس، وكأنهم لم يستفيدوا من درس ازهاق أرواح عشرات الضحايا مما يسمى شرطة حماس الذين سقطوا في الموجة الأولى من الغارات الاسرائيلية في حرب عام 2008 أثناء استعراض وحفل تخريج نظموه في أشد أيام التوتر مع الاحتلال، وللتذكير فقد خرج قادتها يبررون ماحدث بأنهم كانوا تلقوا تطمينات عبر جهاز أمن من دولة عربية لم يذكروها – لكنهم كانوا على علاقة وطيدة معها، بأن اسرائيل لن تتعرض لهم، حينما كانوا بحاجة الى اظهار قوتهم وقدراتهم بعد حوالي سنة ونيف على الانقلاب الذي نفذوه في منتصف العام 2007.
وقد يكون مفيدا تنشيط الذاكرة الفلسطينية بصورة أكثر من أربعين شهيدا من كوادر حماس الجامعيين اكثرهم (مهندسون وأطباء) قضوا في غارة أثناء حفل تخريج في ليلة من ليالي شهر رمضان في شرق غزة قبل سنة أو اكثر من الانقلاب، وسيكون مفيدا إسداء النصح لعناصر وأنصار حماس والقول لهم بأن قادة جيش دولة الاحتلال يبحثون عن رؤوسكم، وليس عن رؤوس قادتكم الذين يزجون بكم لقمة في (فم الوحش) لأنكم لو كنتم في مركز اهتمام قيادتكم لما كشفوا من سبقوكم ليكونوا أهدافا سهلة، ويكشفونكم لتكونوا مجرد بيادق على رقعة (مشايخ الجماعة) وأجنداتهم المرتبطة بالخارج.
فند مسلحو حماس كل خطابات قيادتهم السياسية حول المصالحة، والقتال (الجهاد) ضد دولة الاحتلال (اسرائيل) وادعاءاتهم بالانتماء لحركة التحرر الوطنية الفلسطينية، وأكدوا بما سمي (المناورات) التي أجرتها كتائبهم المسلحة ان نوايا حماس بالالتزام باتفاقية القاهرة عام 2011 واتفاقية التطبيق والتنفيذ الموقعة أيضا في القاهرة العام الماضي قد رحلت الى ما بعد درجة 44 تحت الصفر!!.
مناورات حماس العسكرية دليل عملي وإثبات آخر على انخراط حماس بمشروع ادارة ترامب وحكومة نتنياهو بتكريس جذور الانقلاب وتحويله الى انفصال كامل، وطرح الدولة الفلسطينية في حدود قطاع غزة، وادامة الاحتلال وتوسيع الاستيطان في الضفة الفلسطينية.
ناورت حماس ليلا، وما زالت تناور وأطلقت الرصاص الحي على صدور الوطنيين، واطلقت بالأمس الرصاص الفيشنك على جبهة الاحتلال، والأهم من هذا وذاك ألا يسمح المواطن الفلسطيني لحماس باغتيال وعيه الوطني في وضح النهار.