روح الشهيد عبد الفتاح عبد النبي بين قناصين !!!
موفق مطر
كيف نحمي مسيرة العودة ونحقق أهدافها دون خسائر بشرية؟ أو على الأقل الحرص على ابقائها في الحد الأدنى، بالاستناد الى تجاربنا السابقة ومعرفتنا بسلوك وعقلية قادة وضباط وجنود جيش الاحتلال، الذين اثبتوا انهم يقتلون الفلسطيني بدوافع عنصرية لا علاقة لها بالخطر المحدق والأمن، ولعل عملية قنص اثنين من الشباب العزل من الخلف (في الظهر) اثناء هروبهما من الغازات والطلقات النارية الحية، نجا احدهما – حيث كان المستهدف الأول بعدة طلقات انفجرت بالأرض على بعد سنتيمرات منه، فيما تمكن جنود الاحتلال الدمويون من اصابة الآخر، اثناء مساعدة الأول على الهروب، فارتقت روحه، فيما عانق جسده وللأبد ذلك الجزء المقدس من ارض الوطن (فلسطين)، والشهيد الشاب عبد الفتاح عبد النبي واحد من 17 شهيدا انهى جنود الاحتلال آخر لحظات حيواتهم في الدنيا يوم الجمعة الماضي، أثناء تعبيرهم عن انتمائهم لوطنهم ورفضهم للاحتلال والاستيطان الاستعماري العنصري على ارض فلسطين في فعاليات مظاهرة شعبية سلمية بمناسبة يوم الأرض، وابتداء مسيرة العودة.
لم يكن الشاب عبد النبي مسلحا، حتى انه لم يكن مؤطرا في فصيل مسلح او غير مسلح كما أكد والده بهجت عبد النبي عندما قال بعد ان وصفه بالطفل: "كان ابني مفعما بالحياة وأراد ان يعيش". وحسب ما روته صحيفة (الديلي تلغراف) البريطانية، عندما اضافت شهادة صديق الشهيد زيد ابو عوكر بأن الشهيد عبد النبي مدني لا صلة له بالفصائل المسلحة.
جريمة الاحتلال ثابتة بالدليل والبينة القانونيين في شريط فيديو مصور من جهتين نشر على وسائل اعلامية ومواقع تواصل اجتماعي، ورغم الاحتجاجات والادانات الدولية الا أن جيش الاحتلال الإسرائيلي أكد أنه "سيواصل اتباع ذات نهج إطلاق النار على المتظاهرين في قطاع غزة يوم الجمعة الماضي، ونشر القناصة على طول السياج الأمني"، وهذا حسب المنشور في صحيفة هآرتس الاسرائيلية.
ونعود للاجابة على السؤال أعلاه مع التوضيح ان روح الانسان الفلسطيني هي القصد بالحماية ، لأن الانسان هو حامي الأرض التي تمنحه المجد ايضا.
خلال اليومين الماضيين سارع انتهازيون لتوظيف اسماء شهداء الفعاليات الشعبية في مسيرة الأرض والعودة في غزة لخدمة اجندات حزبية، فبرهنوا على حجم الغباء المتأصل فيهم، هذا ان لم يكن انصياعا اعمى لمتطلبات الدعاية الاسرائيلية ، في مواجهة الرواية الفلسطينية.
قد لا تحتاج اجهزة استخبارات الاحتلال الى جهود ضخمة لمعرفة انتماءات الشباب الفلسطيني السياسية، لكن ان نقدم لهم مادة الدعاية المضادة على طبق من ذهب، فهذا هو الاغتيال المباشر لمبادئ واهداف مسيرة يوم الأرض والعودة، ومن صور هذا الكرم الحمساوي نشر صور لخمسة شهداء كل منهم بسلاح وزي ميداني وشارة تؤكد انتماءهم لكتائب القسام، الأمر الذي دعم رواية الاحتلال ودعايته الاعلامية عندما نشر اسماء الشهداء وزاد عليها مهامهم الميدانية في كتائب حماس المسلحة !! كل هذا في وقت حرصنا فيه كمجموع وطني على ابراز الطابع الوطني المدني للمسيرة باعتبارها واحدة من اشكال المقاومة الشعبية السلمية !! وهنا يبرز السؤال هل ما حصل كان مجرد انتهازية وحماقة واستغلال بشع وغباء، ام خدمة مباشرة مدفوعة الأجر؟!.
ويحق لنا في هذا السياق أن نرفع صوتنا نيابة عن ذوي الشهداء والجرحى الذين منعتهم آلامهم على فقدان احبتهم من رفع اصواتهم في وجوه قادة حماس السياسيين والعسكريين، وتحديدا بعدما نشرت كتائب القسام صورا لجنود الاحتلال القناصة الذين قتلوا المواطنين الـ 17 تحت عنوان "قناصتكم في مرمى نيراننا" وها نحن نسأل بلسان اهل الشهداء ودون استثناء حزبي اولئك الذين لا يكفون عن الحديث في الليل والنهار وفي منامهم عن خيار المقاومة المسلحة: لماذا لم تضعوا حدا لحياة القاتل (الجندي الاسرائيلي القناص) قبل ان ينهي حياة ابنائنا، او على الأقل لماذا لم تمارسوا قانون "العين بالعين والسن بالسن" أم ان عيونكم كانت مسلطة على (الغنائم السياسية) التي تتخيلون الحصول عليها من وراء دفع أبنائنا الى مرمى نيران جنود الاحتلال المتشوقين لسفك دماء أولادنا، فقد اتخذهم جنود الاحتلال كأهداف متحركة للتدرب ورفع كفاءاتهم العملية في القنص وانتم تعلمون وتتفرجون بمناظير قناصاتكم وانتم قادرون على رد النار بالنار كما نشرتم في ( لعبة الاستهبال ) التي تمارسونها".
ما يجب ان يعرفه قادة حماس أن حماية مسيرة العودة تتطلب الكف عن استخدامها واستغلالها حزبيا، والحيلولة دون وصول الشباب العزل الى مرمى نيران جنود الاحتلال، فالمسيرة ستكون ناجحة بتحقيق اهدافها السياسية الوطنية، ولكن بأقل خسائر بشرية، فدول العالم لن تميز دماء الشعب الفلسطيني ايجابيا،ولن تستنفر قدراتها السياسية والقانونية والدبلوماسية وقواها لحماية مسيرة العودة والشعب الفلسطيني، اذا تماديتم في تقديم أدلة لسلطات الاحتلال تنقض بها الرواية الفلسطينية، فما تفعلونه خطر فظيع قد يسقطنا في نكبة قبل وصولنا الى يوم ذكرى النكبة الكبرى في عامها السبعين.