القمة تساند الرئيس عباس
كتب سلطان الحطاب
نأخذ قول أخوتنا على أحسنه, ونبتعد عن سوء الظن ونتطلع للأمام, وما كان يريد أن يتفاءل به الرئيس محمود عباس وجده.
فقد جاء التأكيد في القمة العربية للموقف الفلسطيني الذي يمثله الرئيس محمود عباس واضحا وقاطعا لأصل حل الدولتين والقدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية, وكل ما عدا ذلك ليس موقفا عربيا ولا تتبناه القمة العربية، بل أن القمة ضده, كما قال الملك سلمان بن عبد العزيز عاهل المملكة العربية السعودية الذي رفض في كلمته الافتتاحية في القمة العربية التي آلت إليه رئاستها أنه لا يوافق على ما كانت الإدارة الامريكية قد دعت له بخصوص القدس، وأن الموقف السعودي واضح في هذا المجال حيث تقف الأمم المتحدة في الغالبية العظمى من دولها إلى جانب فلسطين وإلى جانب حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة وغير القابلة للتصرف.
الموقف السعودي المعلن في القمة على لسان الملك سلمان بن عبد العزيز يجب أية مواقف أو تصريحات أو تكهنات نسبت إلى المملكة العربية السعودية أو جرى تسريبها باسمها، فالموقف السعودي الآن ومن خلال أعلى مسؤول وفي إطار القمة العربية التي تقودها المملكة السعودية لعام كامل قادم واضح وهو موقف يتسلح به الرئيس محمود عباس الآن في وجه كل أشكال التزييف والنطنطة والتزوير التي تحاول الإدارة الأميركية خدمة لإسرائيل أن تفرضها.
لا جديد إذن عن الموقف التقليدي الذي ظل الرئيس عباس قبل القمة يتطلع إليه لتدعيم مواقفه وتأكيدها ردا على المواقف الأميركية والإسرائيلية.
وفي إطار هذا الموقف العربي يَصْب موقف الملك عبد الله الثاني العاهل الأردني الذي قدم موقفاً تأسيسيا من القضية الفلسطينية وتطوراتها ودعمها يتمثل في الإمساك بحل الدولتين والقدس الشرقية عاصمة لها، وضرورة إسناد الشعب الفلسطيني في المنافي والذي وقع اقتلاعه من وطنه على شكل النكبة التي وقعت عام 1948 ولذا فإن المطلوب من المجتمع الدولي استمرار رعاية هذا الشعب في مخيماته ومن خلال الأونروا وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين.
إذن الموقف الأردني الذي يسلم راية القمة والموقف السعودي الذي يستلم راية القمة في معظمه ومعظم دوله التي عبر عنها الأمين العام للجامعة العربية أبو الغيط يعكس إعادة تسليح الرئيس عباس بموقف سياسي عربي واضح تطلع إليه قبل القمة وسعى إليه وقد تأكد من تحقيقه, وهذا الموقف سيكون جملة واضحة بحاجة إلى استمرار إعرابها خلال عام كامل من مسؤولية المملكة العربية السعودية في القمة العربية.
لقد التف الشعب الفلسطيني وناضل خلف قيادته الشرعية ودعمها بكل أشكال المقاومة السلمية الشعبية العريضة كما في غزة والضفة الغربية، منطلقاً من دعوة الرئيس محمود عباس المطالبة بخيار المقاومة السلمية الشعبية باعتبارها الشكل الأمثل الذي يلبي نهج الشعب الفلسطيني في هذه المرحلة للوصول إلى أهدافه وقطع الطريق على كل أشكال التوريط والمزايدة والزج بالشعب الفلسطيني في خيارات خطيرة تعمل على تشويه صورة نضاله المتصل.
ما أكدته القيادة الأردنية في القمة وكذلك القيادة السعودية التي أعادت تأكيد التزامها الواضح بالقضية الفلسطينية على أكثر من صعيد ومستوى وكذلك مواقف أشقاء عرب آخرين وفي طليعتهم الموقف المصري الحريص على ردم الانقسام وإعادة اللحمة الفلسطينية.
كل هذا يصب في إطار بلورة موقف عربي واضح يستطيع الرئيس محمود عباس أن يوظفه في مواجهة تحدي تصفية القضية الفلسطينية والالتفاف على حلها.
فالنهج الذي اتخذه الرئيس عباس بداية ونجح فيه وهو فلسطين وقضيتها العادلة أمام العالم لتحقيق المزيد من تأييد هذا النهج يستفيد الآن من قرارات القمة العربية في تأكيد الحقوق الفلسطينية وتأكيد شرعية القيادة الفلسطينية ودعمها والوقوف إلى جانبها والتصدي لكل محاولات الضغط عليها … لصالح إسرائيل أو لإرضاء سياسة الرئيس ترمب التي ترتد الآن على إدارته بنقد دولي.
لقد استمعت للرئيس عباس حين قال لي إنه يعلق أهمية كبيرة على انعقاد القمة في المملكة العربية السعودية وعلى الموقف السعودي تحديداً وعلى تأكيد المواقف التقليدية العربية السابقة والمتراكمة، والتأكد أنه لن يجري عليها تغيير ولن تخضع لضغوطات وأنه لن يقع تفريط فيها ولن يجري التآمر على القيادة الفلسطينية أو محاولات استبدالها أو إسناد خصومها، كل هذه المخاوف تراجعت فلا موقف عربي يعلن بعد في وجه التمثيل الفلسطيني والخيار الفلسطيني والقرار الفلسطيني الذي يمثله الرئيس محمود عباس.
الموقف القائم في القمة إذ يأتي لصالح الموقف الفلسطيني الذي يعمل عليه الرئيس محمود عباس سيكون كفيلا بقبول التحدي والتصدي لدعوات الإدارة الأميركية المتعلقة بالقدس وإسقاط هذه الدعوات الأميركية المعبر عنها بصفقة العصر.
لقد أسقط الشعب الفلسطيني الكثير من المبادرات ذات الطابع التصفوي للقضية الفلسطينية فيما مضى، وهو قادر اليوم بالتفافه حول قيادته المتسلحة بعمق سياسي عربي أكدته القمة أن يستمر في تصديه وأن يفشل الخطط المتآمرة وأن يعبر عن إرادته بنيل حقوقه المستقلة.
كنت ألحظ استبشار الرئيس عباس الذي ارتضى الحد الأدنى من الموقف العربي الذي يدعو إلى ووحدة الصف خاصة بعد الربيع الأميركي الذي سُمي تجاوزا الربيع العربي.
يعود الرئيس عباس من القمة أكثر تفاؤلا وصلابة وإصرارا على مواصلته نحو السعي لدى العالم لتجسيد الدولة الفلسطينية التي أنذر جهده لتجسيدها.
لقد كسب الجولة الأولى في بداية انعقاد القمة وتبقى العبرة في النتائج.
فلن يضيع حق وراءه مطالب.