.. فلسطين في ملصقات
يامن نوباني
يستقبل معرض كتاب فلسطين الدولي في دورته الحادية عشرة، والمقام في المكتبة الوطنية، في قرية سردا شمال رام الله، زائره بملصقات تمنحه فرصة التعرف على أهم الأحداث والمناسبات السياسية والوطنية، من خلال لمحة سريعة على تواريخ مفصلية في مسيرة الأرض وكتابات أدبائها.
أول لوحة يلتقطها الزائر، تذكره بوعد بلفور المشؤوم، عام 1917، وصورة فدوى طوقان (1919-2003)، ومقطع من كتابها "رحلة جبيلة رحلة صعبة"، و"بين عالم يموت وعالم على أبواب الولادة، خرجت إلى هذه الدنيا. الإمبراطورية العثمانية تلفظ آخر أنفاسها وجيوش الحلفاء تواصل فتح الطريق لاستعمار غربي جديد – 1917.
في سبتمبر تم احتلال باقي فلسطين، وفي نابلس ألقى الانجليز القبض على أبي ونفوه إلى مصر مع رجال آخرين كانوا على وعي بأخطار الاستعمار الغربي الذي بدأ يظهر للعيون اليقظة فمع مطلع القرن العشرين تمت الحركة القومية العربية.
كان أبي يميل مع هذا التيار القومي الواعي لأخطار الزحف الاستعماري الغربي، وكانت عملية نفيه مع بعض رجال البلاد الوطنيين ومنهم الشيخ رفعت تفاحة، وسيف الدين طوقان، وفائق العنبتاوي وسواهم، أول عمل قمعي قامت به حكومة الانتداب في سلسلة لا تنتهي من القمع وكبت الحريات تمهيدا لتحقيق المطامع الصهيونية الخطيرة، التي بزغ رأسها أمام عيون الفلسطينيين مع وعد بلفور.
وعن ثورة البراق 1929 للدفاع عن القدس، خطت قصيدة ابراهيم طوقان (1905-1941) في رثاء الشهداء: عطا الزير وفؤاد حجازي ومحمد جمجوم:
أجسادهم في تربة الوطن أرواحهم في جنة الرضوان
وهناك لا شكوى ولا طغيان وهناك فيض العفو والغفران
لا ترج عفوا من سواه هو الا لاه وهو الذي ملكت يداه كل جاه
جبروته فوق الذين يغرهم جبروتهم في برهم والأبحر
وعن انتفاضة آذار واسقاط مشروع التوطين في سيناء سنة 1955، كان معين بسيسو (1936-1984) يقود مظاهرات في غزة، وكتب: وبدأ الكلام عن مشروع سيناء، وبالنسبة إلى الفلاحين، فالأرض التي تحت أقدامهم، الأرض التي يروونها، الأرض التي يشقونها بالمحاريث، ويلقون فيها البذور، الأرض التي يترعرع فيها الزرع، الأرض الموجودة برائحتها، هي الأرض المقنعة، كانوا فلاحين من غزة، ولكنهم كانوا ضد أن يذهب أي فلاح خارج قدميه
وتحت ملصق ثورة فلسطين الكبرى 1936، عُلقت قصيدة نوح ابراهيم (1913-1938)
دبرها يا مستر (دل) يمكن على يدك بتحل
جيت فلسطين الحرة حتى تقمع الثورة
ولما درست الحالة لقيت المسألة خطره
بدنا تفهم بريطانية حتى تكفينا شرها
وتصافي الامة العربية بمنع البيع والهجرة.
تحت ملصق النكبة 1948
لا سابقة لما فعله الصهاينة اليهود بفلسطين وشعبها، غير تلك التي ارتكبها الأوروبيون المستعمرون بأميركا وشعبها الأصيل قبل خمسمئة عام. انها نوع من الجرائم الانسانية الجماعية التي تمس في الصميم نفوس من ينجون منها مصادفة، وتترك ندوبا وآثاراً يصعب تناسيها، ويستحيل نسيانها."
شفيق الحوت 1932-2009 من كتاب بين الوطن والمنفى
"اعترف انني ذهبت الى الذاكرة الفلسطينية حاقدا على الذين أخفوا عني، في البيت وفي المدرسة، ما حدث عام النكبة كان ولا يزال همي الوحيد أن أستخرج المزيد من الحكايات، حكايات الأفراد، حكايات أناس لهم أسماؤهم وعوالمهم، ومشاعرهم وذاكرتهم، أناس كانت لهم حياة وفجأة توقفت ثم تواصلت في مكان آخر وزمان آخر، رغما عنهم."
سلمان ناطور 1949-2016 من كتاب: رحلة سبعة وستين عاما
وعن ملصق يوم الأرض 1976.. كأننا عشرون مستحيل، في اللد، والرملة، والجليل، يا جذرنا الحي تشبث، واضربي في القاع يا أصول، أفضل أن يراجع المضطهد الحساب ، من قبل أن ينفتل الدولاب
لكل فعل رد فعل :اقرأونا ما جاء في الكتاب
من قصيدة " هنا باقون" توفيق زياد (1929-1994)
وحول ملصق: اجتياح بيروت: " لن يستطيع الفلسطيني المقارنة لأنه مزدحم بالموت، مشغول بالدفاع الشيطاني عن بقايا جسده، وعن كامل حلمه، لأنه مشغول بالتميز عن المناخ السائد، فظهره الى الحائط وعيناه الى الوطن، ولا يستطيع الصراخ أكثر، ولا التساؤل عن حكمة صمت العرب ولا مبالاة الغرب، لا يستطيع أن يفعل غير شيء واحد: أن يكون فلسطينيا أكثر، فلسطينيا حتى الوطن والحرية، فلسطينيا حتى الموت، لأنه لا يملك خيارا آخر ، هل هذا هو الجنون، فليكن.
مجلة الكرمل العدد 16/ 1985 محمود درويش (1941-2008)
وفي مشهد الطفل الذي يرمي الحجارة: "من يشهد أن الطفل الذي أتى بعد يبحث عن صنارة صيد! دعوه يخرج على الخروج حتى يصل.." من كتاب "رسائل لم تصل بعد" عزت الغزاوي 1951-2003
إضافة لملصق النسخة الأصلية لوثيقة إعلان الاستقلال، الذي تم في الجزائر يوم 15 تشرين الثاني 1988.
وعلى ملصق يُذكر بمطار غزة الدولي، الذي افتتح في 24-11-1998 افتتاح مطار غزة الدولي.. توقف المطار عن العمل إثر قصفه في كانون أول 2001: "الوضع في فلسطين أصعب بما لا يُقاس، ومع ذلك لم يستطع شيء دفعهم إلى اليأس. وتصلح قدرتهم على الاحتمال وعودتهم إلى الانقضاض ثانية، أن تكون نموذجا لكل العرب" من كتاب تأملات في شقاء العرب" سمير قصير 1960-2005
وعلى ملصق للفتى الشهيد فارس عودة، " ألم تحن قيامتي بعد، سأنضج عما قريب مع اللوز والرمان والورد وأقول لهذه الجنائن: قد نضجت
وإن ضحكت ستشرق الشمس، وإن بكيت ستمطر وسأرجع طفلا، وإن لم أستطع الآن ففي حياتي الحالية سأحيا لأعرف، لكن في حياتي التالية، في دورة التناسخ هذه سأرجع إلى الأرض وأمشي عليها كطفل نبي.." من كتاب "سأكون بين اللوز" حسين برغوثي 1954-2002
وفي ملصق يستذكر جنازات الشهداء: "لم ينتصر في المعارك العسكرية، لا في الوطن ولا في الشتات. لكنه انتصر في معركة الدفاع عن الوجود الوطني، ووضع المسألة الفلسطينية على الخارطة السياسية، الاقليمية والدولية، وفي بلورة الهوية الوطنية للفلسطيني اللاجئ المنسي عند أطراف الغياب، وفي تشتيت الحقيقة الفلسطينية في الوعي الانساني ونجح في اقناع العالم بأن الحرب تبدأ من فلسطين، وبأن السلم يبدأ من فلسطين"
من كتاب "حيرة العائد" محمود درويش 1941-2008
وتحت ملصق متشح بالسواد، تحت عنوان: 2007 الانقسام الأسود، اختير مقطع: أتعرفين ما هو الوطن يا صفية؟ الوطن هو ألا يحدث ذلك كله. من رواية "عائد الى حيفا" غسان كنفاني 1936-1972
وتنتهي الملصقات، بقصيدة "تقدموا" للشاعر الراحل سميح القاسم (1939-2014) والتي نُسخت على مشهد للقصف على غزة، تحت عنوان: 2008-2012-2014.. العدوان على غزة.. فلسطين لن تنسى.
تقدموا كل سماء فوقكم جهنم وكل ارض تحتكم جهنم تقدموا. يموت منا الطفل والشيخ ولا يستسلم وتسقط الأم على أبنائها القتلى. ولا تستسلم تقدموا تقدموا بناقلات جندكم وراجمات حقدكم وهددوا وشردوا ويتموا وهدموا لن تكسروا أعماقنا لن تهزموا أشواقنا نحن القضاء المبرم تقدموا.. تقدموا.