هذا العداء الأعمى له ثمن باهظ
بقلم: يحيى رباح
أميركا ترامب تعج بالغرائبيات الشاذة، من بينها أن صهيونيا بمرتبة سفير لأميركا في إسرائيل وهو ديفيد فريدمان، يعتبر أحد أبرز نشطاء الاستيطان الإسرائيلي، وداعما مميزا للمستوطنين لصوص الأرض، وداعما لمنظمات الإرهاب اليهودي، بل ويرأس أحد هذه المنظمات بعلم الإدارة الأميركية التي يقف على رأسها دونالد ترامب، والامر يبدو عاديا لأن الأميركي المتصهين الرئيس دونالد ترامب، هو بمرتبة أعلى من فريدمان، لكنه يمارس نفس ممارساته، فيفقد أميركا مصداقيتها، ويخلعها من دور الوسيط الذي كانت تتباهى به، وتحرص على الاستئثار به، ولكنها اليوم مطرودة منه على يد الشرعية الفلسطينية التي تخوض على رأس شعبها واحدة من أعظم معارك التاريخ، حيث العالم كله يقف ضد الخطوات الهوجاء التي أقدمت عليها أميركا ترمب، حيث أبرز التفسيرات لخطوات ترامب المعادية والمجنونة، أن الرجل تسلل عمدا من بوابة القضية الفلسطينية وهي القضية الأقدم والأعقد، أقدم متعمدا على تجاهل القانون الدولي، والشرعية الدولية لنمط جديد في إدارة وضبط العلاقات الدولية من طرف واحد، وكان يراهن على أن هذه المعادلة الجديدة التي بصدد فرضها على العالم إن نجحت في فضاءات القضية الفلسطينية فإنها ستنجح في الفضاءات الأخرى، ويكون هو البطل الذي يقول إن اميركا أولا، وأن أميركا فوق الجميع، وقد شجعه على هذه القفزات المجنونة حلفاؤه والمتحكمون بعقله، الذين جاءوا به إلى البيت الأبيض، غير أن المفاجأة الصادمة له أن الشعب الفلسطيني بقيادته الشرعية، كان أكثر وعيا، وأن القضية الفلسطينية أكثر عمقا، وأن المنطقة بوجه عام تعاني من احتقان كبير نتيجة هذا النمط من التفكير السطحي الاستفزازي، إن العالم لم يعد كما كان، فالدول بصفة عامة سواء كانت كبرى أو إقليمية ذات وزن أو حتى دولاً عادية، لديها مصالح ولديها رؤي، ولديها أهداف، ولا يمكن أن تنقاد هكذا لرجل يعاني من سطوة الأوهام التي خلقها في ذهنه أنصار المسيحية المتصهينة في الولايات المتحدة التي تخضع منذ مجيء ترامب الى تجارب فاشلة ولها مآلات دراماتيكية، فترامب تسيطر عليه معادلات افتراضية، بأن العالم سيخضع له، وإنه سيستطيع أن يفرض رؤى أحادية على الجميع من دون أية مقاومة، وأن ما يخرج به عقل ترامب المضطرب المحشو بالخرافات التوراتية سرعان ما يخضع له العالم، هكذا تصور حين فكر في هذه القفزة المجنونة بإعلان القدس عاصمة إسرائيل، وحين تحدث عن صفقة القرن، وهي صفقة موهومة لا وجود لها إلا في عقله الاهوج، وحين انسحب من الاتفاق النووي مع إيران متجاهلا حلفاءه الأقربين، وحين ظن أن زعيم كوريا الشمالية جاء إليه زاحفا دون استقراء المشهد الأكثر تعقيداً.
إن الفاسد الأكبر بنيامين نتنياهو والمضطرب الأكبر دونالد ترامب، وجودهما ضروري في هذه المرحلة، للتأكيد عى أن وضع الشعب الإسرائيلي ووضع الشعب الأميركي المستسلم لشذوذهما يثير كثيرا من التساؤلات حول ادعاءات كثيرة، وهذه الادعاءات تتساقط في ظل وجود الحليفين نتنياهو وترامب، ولعل المآزق تتلاحق، والانكشافات تزيد، إن ما بني على الوهم، والظلم والعدوان مآله الكارثة.
Yhya_rabahpress@yahoo.com