الأردن، شقيقنا التوأم، شكرا
يحيى رباح
شكرا للمملكة الأردنية الهاشمية، التي وصفها زعيمنا الفلسطيني الرئيس أبو مازن بأنها الشقيق التوأم، وبأننا نشكل معها شعبا واحدا بدولتين، شكرا لها ملكا وحكومة وشعبا، على وقوفها الدائم معنا كشعب فلسطين، ومع حقوقنا المشروعة التي اقرتها لنا قرارات الشرعية الدولية وعلى رأسها حقنا في تقرير المصير وبناء دولتنا كاملة الاستقلال وعاصمتها القدس الشرقية.
والحقيقة ان الأردن، بقيادة ملوكه الهاشميين، ابتداء من جلالة عبد الله الأول، الملك المؤسس، ومرورا بحفيده جلالة الملك حسين، وصولا الى العاهل الحالي عبد الله الثاني بن الحسين، كانوا اول واكثر من تحمل العبء مع شعبنا منذ وقوع نكبتنا التي نعيش مع ذكراها السبعين وكانوا اكثر من تحمل، واستوعب، وقدم، وهذه الصفة جسدوها كنهج في مواجهة كل ألم عربي، فقد تحملوا الكثير بعد نكبة عام 1967، التي تقول الوثائق ان الملك حسين كان قد ارسل رسالة قبل وقوعها، بأنها القفزة الثانية التي كان يخطط لها الإسرائيليون وان هدفها الأساسي الاستيلاء على القدس كاملة، ولكن الرسالة تاهت في زحام المزايدات وأصوات جوقات الضجيج العالية، الى ان جاء دونالد ترامب، واقدم على الخطيئة الكبرى بإعلان القدس المشؤوم ثم بالقفزة الانتحارية في الفراغ بنقل السفارة الأميركية الى القدس، كما لو انه يقيم بؤرة استيطانية غير شرعية ومعادية.
الأردن، ظل ودائما مع شقيقه التوأم الشعب الفلسطيني، خاصة في الملفات الرئيسية، وقد تجلى ذلك مؤخرا في وقوف المملكة مع أبناء شعبنا في قطاع غزة المكلوم، فقد ارسلت حكومة نتنياهو القتل العشوائي المباح ضد أبناء شعبنا الذي يقوم بمسيراته السلمية منذ الثلاثين من آذار الماضي وحتى هذه اللحظات، مئات من القتلى الشهداء وعشرات الآلاف من المصابين بالرصاص الحي، والرصاص المتفجر، والرصاص المطاطي، والغاز السام، وبقية الممارسات الإسرائيلية الشاذة ومن بينها تشديد الحصار، ومنع العلاج عن الآلاف الذين يستحقونه، وكانت المملكة الأردنية الهاشمية ملكا وحكومة وشعبا اول المستجيبين لنداء الأخوة، وواجب الانتساب الى العروبة، من خلال استيعاب عشرات الجرحي، ونقلهم الى مدينة الحسين الطبية في عمان لتقديم كل الرعاية اللازمة لهم، بالإضافة الى الجهد المتواصل الذي تقوم به الهيئة الخيرية الأردنية الهاشمية من تقديم المساعدات السخية لأبناء شعبنا في القطاع ، قطاع غزة هاشم.
والحقيقة ان هذه التجربة هي واحدة من اعمق التجارب، حيث منذ بدأ الحصار على قطاع غزة بعد وقوع الانقلاب الارعن، افتتحت المملكة بتعليمات مباشرة من جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين مستشفى ميدانيا في مدينة غزة، يستقبل الآلاف من المحتاجين للرعاية الطبية، عبر تزويد هذا المستشفى بما يلزم من العدد والأجهزة الطبية الراقية ،وتأهيله بالخبرات الطبية الراقية من الأطباء والاختصاصيين والممرضين، وهو منذ سنوات يقوم بجهد عالي المستوى ـ يستقبل الحالات الإشكالية او ينقل الحالات الطارئة الى عمان.
ربما ان الأردن ملكا وحكومة وشعبا لا يحب ان يتباهي بمبادراته ومواقفه، ولكن شعبنا الفلسطيني في كل مكان وفي قطاع غزة على وجه الخصوص يعرف الحقائق، ويميز بين الاخوة الحقيقية وبين الادعاءات الزائفة، وعاشت الأردن، شقيقا توأما لفلسطين، الذي يتحمل نصيبه من العبء في كل ملمة تلحق بالعرب، فهكذا كان موقفه الأخوى العريق، فقد فتح حضنه للسوريين ومن قبلهم للبنانيين والعراقين وقبل ذلك وبعده للفلسطينيين، فعشت يا اردن العروبة، عشت سندا حقيقيا، ودرعا قويا، وصديقا للامن والأمان ،وموطنا للامل.