انقلاب حماس .. ومشتقات الحليب الاسرائيلي الفاسد
موفق مطر
الحق والحرية في التعبير مكفولتان في القانون الأساسي للسلطة الوطنية، ووثيقة اعلان الاستقلال الصادرة عن المجلس الوطني عام 1988.
تظاهر مساء الأحد الماضي مواطنون في ميدان المنارة في مركز مدينة رام الله، وهتفوا ورفعوا يافطات، وقالوا ما أرادوا قوله على الفضائيات (المجاهدة) التي قطعت بث (صلوات التراويح من المسجد الأقصى ) لتغطي التظاهرة مباشرة.
قال المتظاهرون كلمتهم رغم قناعتنا بأن منظمي التظاهرة وناشري اعلانات الدعوة لها قد تبنوا مقولة (جماعة حماس) ما كشف عن ضعف في رؤية اسباب وحيثيات الأمور والمشاكل عندما يتعلق الأمر بمعالجة قضايا وطنية.
يتحمل قادة (جماعة حماس) المرتبطون عضويا بجماعة (الاخوان المسلمين) وبمشاريع وأجندات خارجية موظفة لخدمة دول في الاقليم المسؤولية عما حدث ويحدث لمليوني فلسطيني في قطاع غزة بشكل مباشر، وللشعب الفلسطيني في الوطن والشتات أيضا.
يجب التأكيد اولا ان (انقلاب حماس الدموي المسلح) على المشروع الوطني ومنظمة التحرير الفلسطينية، والسلطة الوطنية واستيلاء ذوي النزعة الفئوية الانفصالية على قطاع غزة، وحكمه بقوة النيران والارهاب الفكري والنفسي والبدني، كان كجاذبية للمصائب والآلام والمعاناة، واسقطتها على رؤوس ونفوس ملايين المواطنين في قطاع غزة الذين هم جزء اصيل من الشعب الفلسطيني العظيم ، تماما كتراب غزة الذي هو جزء لا يتجزأ من تراب الوطن.
الرئيس ابو مازن يصرح دائما عن عقيدته الوطنية ومنظوره السياسي للقضايا الوطنية، ونذكر هنا بما قاله في أول جملة بخطابه في افتتاح الدورة 23 للمجلس الوطني في قاعة احمد الشقيري في رام الله، عندما أكد على أن: "لا سلام بدون القدس ولا دولة دون غزة، ولا دولة في غزة".. وعليه فإننا نعتقد أن محاولة تحميل الرئيس ابو مازن نتائج خطايا حماس، وتداعيات جريمة انقلابها، تكشف عن أهداف سياسية ضيقة، ليست ذات صلة بمبدأ المطالبة بحقوق الموظفين في غزة، ولعل الاستماع الى الهتافات والبيانات والتصريحات (المتلفزة) يؤكد ذلك.
ثانيا: نرى وجوب توجيه نظر الرأي العام الفلسطيني نحو مسبب وجالب المآسي للمواطنين في غزة، والطلب بوضوح وصراحة من قادة الانقلاب في حماس رفع العقوبات المفروضة على الوطنيين الفلسطينيين في غزة، فهؤلاء مكون مهم ورئيس لرافعة المشروع الوطني الفلسطيني، وعلى الجميع الادراك أن انقلاب حماس جريمة بحق الوطن ومبادئ العقيدة الوطنية، وأن حماس تعاقب الروح الوطنية، والفكر الوطني التحرري التقدمي للفلسطينيين في غزة، وان رفع عقوباتها عن قطاع غزة يتطلب أولا واخيرا التراجع عن الانقلاب ومشروع الانفصال، والاعتذار للشعب الفلسطيني، ودخول المصالحة الوطنية بعد التطهر من آثام الولاء والانتماء لغير الوطن (فلسطين)، ارضا وشعبا وقانونا.
ثالثا: على قادة جماعة حماس بعد رفع وسحب آخر فوهة بندقية ارهاب مسلطة على ادمغة المواطنين في غزة، واحراق تعاميم الكراهية والأحقاد والتخوين والتكفير، وما وكذلك الفئوية ذات السمة العنصرية، عليهم رفع العقبات أمام مسيرة حكومة الوفاق الوطني، وتسليم قطاع غزة جملة وتفصيلا الى الحكومة الشرعية.
رابعا: يعلم قادة جماعة حماس ان تسويق مقولة عقوبات السلطة الفلسطينية على قطاع غزة، مشتقة من (حليب الدعاية) الاسرائيلية ما يعني تساوقا مقصودا بين سلطة الاحتلال الاسرائيلي وسلطة الانقلاب الحمساوي، في تحميل مسؤولية الحصار والمعاناة لأهلنا في غزة للقيادة السياسية الفلسطينية، وعلى رأسها الرئيس محمود عباس ابو مازن، ونعتقد أن الدعوة لتظاهرة المنارة في رام الله كانت اشتقاقا مكررا حامضا مراً – بكل اسف – لمشتقات حماس التي استخلصتها من الحليب الاسرائيلي الفاسد !!.
خامسا: نعتقد بانعدام جواز ازدواجية النظر للحقوق، فكما أن للموظف الشرعي والقانوني المدني والعسكري حقا، فان للوطن ايضا على الجميع ودون استثناء حقا اعظم، يجب تأديته، وعليه فان العصيان المدني السلمي على سلطة انقلاب حماس باعتبارها (جابي) الضرائب من المواطنين لخزينتها حق، ولأن الانتصار للشرعية والقضية والوحدة الوطنية حق ايضا، وان المطالبة باستعادة غزة الى سلطة القانون الفلسطيني حق أعظم، وهذا ممكن بفضل مدرسة الانتماء الوطني في غزة، وبفضل شجاعة وارادة روادها، فالانقلاب وتداعياته كمرض السرطان يأكل خلايا جسمنا الوطني بنهم ، ومن البطولة ابداع العلاجات الناجعة لمنع وصول الكل الوطني الى موت سريري.