لنُسقط الانقلاب وننتصر للمشروع الوطني
عكرمة ثابت
أتابع يوميا ما يتم تداوله على صفحات الإعلام الالكتروني وشبكات التواصل الاجتماعي بشأن ما يطلق عليه (حراك رفع العقوبات عن غزة), ومع تفهمي العميق وتأييدي لاحترام الحريات وتعزيز مبادئ القانون وحقوق الإنسان, فإنني أقف بشدة ضد كل من يحاول استغلال مفاهيم الحرية والديمقراطية بأساليب غير حضارية وغير أخلاقية, إن التخفي خلف هذه المفاهيم واتخاذها كساتر للعبث والتحريض وإشعال نار الفتنة والفوضى هو خيانة للمبادئ الإنسانية, فما بالكم عندما تستغل الحريات للتآمر على الوطن؟!, بالتأكيد نحن هنا أمام خيانة وطنية عظمى!!!
أين كان هؤلاء حين احترقت غزة بنيران الانقلاب؟!! لماذا الآن وبعد احد عشر عاماً على انقلاب حماس الدموي ونتائجه الكارثية؟! لماذا لم تخرجوا بمسيرات تضامنية مع غزة التي تعاني الحصار والعذاب من الاحتلال وحكم البطش الانقلابي؟! أسئلة سمعتها كثيراً ويرددها الشارع الفلسطيني في كل مكان, والوحيدون الذين يتساوقون مع الداعين لاستمرار الحراك وتوسيعه هم الانقلابيون أنفسهم وثلة من الكارهين المغلولة قلوبهم بالحقد السياسي يساندهم ويمولهم ذوو المشاريع الخاصة والأجندات المشبوهة.
إن ما يجري من محاولات لتحريض الشارع الفلسطيني للخروج بمسيرات شعارها البارز رفع العقوبات عن غزة والإسراع بدفع الرواتب للموظفين, أصبح واضحاً لكل فلسطيني حريص ويهمه استقرار بلده وانتصار المشروع الوطني لقضيته الفلسطينية التي واجهت من المؤامرات ما لا يعد ولا يحصى!!!
الدعوات لمسيرات جماهيرية انفضح أمرها وسقط القناع عن وجوه الداعين لها في اللحظة التي اقترنت فيها شعارات الزيف بمشاريع المؤامرة لتصفية القضية الفلسطينية عبر ما يسمى (صفقة القرن), نعم فالغياب الفعلي لعدم التضامن مع شعب غزة وموظفي غزة طيلة احد عشر عاماً من الاختطاف والقهر والقمع الدموي كان وما زال مثارا لتساؤل كبير!!! والتوقيت الآن أصبح توقيتاً مشبوهاً لتمرير مخططات مشبوهة!!!
أصحاب الحراك الذين تشبثوا بقميص عثمان اتهموا كعادتهم الأجهزة الأمنية بقمعهم والاعتداء عليهم في رام الله, لقد واجه هذا الحراك نقداً جماهيرياً واسعا لا سيما من المواطنين الذين كانوا يستعدون لاستقبال عيد الفطر السعيد, ومن قطاع التجار الذين تأثرت أعمالهم التجارية وضُربت أسواقهم في وقفة رمضانية ينتظرونها سنويا, أصحاب هذا الحراك والمعدودون على الأصابع لم تكن غزة ومعاناة أهلها في حساباتهم طيلة كل السنوات التي مضت. انسلوا بين حشود المواطنين ليهتفوا ضد الأجهزة الأمنية وليتطاولوا على القيادة الفلسطينية, وللأسف منهم من يتقاضى راتباً ويتبوأ مناصب عليا في السلطة ومؤسساتها, في حين هتفت الجماهير لإسقاط الانقلاب الأسود.
حراك "ارفعو العقوبات عن غزة" يستغفل نفسه قبل أن يستعطف بشعاراته الخبيثة عقول المواطنين, هل تغافل أصحاب هذا الحراك عن مشاهد القمع والإجرام والتكفير والتخوين والمتاجرة بقوت الفقراء والمساعدات الإنسانية والطبية المرسلة إلى أهل غزة المحاصرين؟!
هل تغافل ممثلو مؤسسات "الانجيؤوز" عن قمع مليشيات حماس لموظفيهم في غزة ومداهمتها لمكاتبهم؟! هل تغافل هؤلاء عن التقارير الدولية التي أدانت بطش وعنف حركة حماس وقمعها للحريات في غزة؟! وماذا تقول المشاركات في الحراك حين شتمن بألفاظ نابية ودنيئة رجال الأمن الفلسطينيين ماذا يقلن عن قمع حماس عن مسيرة النساء في غزة وعن اعتقال أجهزتها لتغريد أبو ظريفة وسماح ابو غياض وغيرهن الكثير؟! ماذا يقُلنَ عن منع حماس لتأبين الشهيدة رزان النجار والاعتداء على والدها؟! واعتداء عناصرها على الأخت دعاء أبو حطب وعلى الأسيرة المحررة وفاء البس؟!
وأمس الاثنين (18/6) ماذا يقول أصحاب الحراك الزائف عن قمع مسيرة الأسرى المحررين في ساحة السرايا؟! اسألوا من تواجد هناك كيف تم الاعتداء على أسيرات وأسرى أمضوا عشرات السنين في سجون الاحتلال الإسرائيلي؟! اسألوا كيف حوَّل الانقلابيون صوت الحريات والحقوق إلى سياط لجلد المناضلين والتهجم على القيادة الفلسطينية وشخص الرئيس محمود عباس "أبو مازن".
أكرر ما قلته وكتبته في أكثر من مقال, إن غزة في قلوبنا وفي أحداق عيوننا وما يصيبها يصيبنا وان الوطنية الشريفة هي التي تحافظ على وحدة الشعب الفلسطيني وتحمي تطلعاته وآماله الوطنية, الأحرى أن يتصاعد الحراك ويستمر بمشاركة وطنية لإسقاط الانقلاب وإعادة غزة إلى حضن الشرعية الوطنية, فالانقلاب هو السبب الرئيسي لكل ما يصيب شعبنا, الانقلاب كما الاحتلال هو المسؤول الأول والأخير عن الحصار والدمار وعن البطالة والفقر وسوء المعيشة وصعوبة الحياة في كل أنحاء غزة, رصاص الانقلاب كما رصاص الاحتلال هو الذي يهدد امن واستقرار المجتمع الغزي ويستهدف أرواح المناضلين والأطفال والمواطنين الأبرياء, وهو الذي يقف عائقاً أمام تمكين حكومة الوفاق الوطني, وهو بلا شك الذي يجعل من قضيتنا وثوابتنا الوطنية طعماً لمؤامرات التصفية ومشاريع الحلول الهزيلة.
نعم الانقلاب وأدواته وتبعاته هو العقوبة بحد ذاتها لا بل هو أشد العقوبات وأوجعها على الشعب الفلسطيني بكافة أماكن تواجده, وإذا ما زال الانقلاب زالت المعاناة ودبَّت الحياة في القطاع وبالمشروع الوطني الفلسطيني بأكلمه, فلنُسقط الانقلاب لتحيا غزة بكرامة وعزَّة.