ثورة 30 يونيو والأفق المفتوح
يحيى رباح
التحية من الأعماق لثورة الثلاثين من يونيو/ حزيران عام 2013، أي قبل خمس سنوات، التي يصعد في ذكراها الشعب المصري إلى آفاق واسعة من القوة والتقدم، والاستقرار، وتتعمق أكثر تجربة الدولة المصرية لتكون قادرة على حمل أعباء مصر على الصعيد الوطني والقومي والعالمي، لأن قدر مصر أن تكون كبيرة، وهذا هو الوعي العميق للجيش المصري البطل الذي استطاع في مفترق طرق خطير بدأ في الخامس والعشرين من يناير 2011 أن يقرأ المشهد بعبقرية فريدة، وان يستوعب المتغيرات الحادة التي انفجرت كلها دفعة واحدة، وان يواجه بالحكمة، والعمق المخطط المعادي، مخطط تقسيم المنطقة، وتحويلها كلها إلى دويلات صفرية متناقضة طائفيا وعرقيا ومناطقيا لصالح الجسم الشيطاني الذي زرع في القلب خنجرا مسموما وهو إسرائيل، فكانت المواجهة الكبرى التي خاضتها مصر نيابة عن أمتها وعن العالم بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي رأى ما رأى بثبات ووعي عميق فكان الانتصار الكبير والشامل في الثلاثين من يونيو حزيران، حين فاض الشعب المصري في ثورته البطلة كما يفيض النيل، واكتسح السدود المصطنعة، والأوهام الزائلة التي تقودها أميركا ولا تزال عبر فرق مزرية من خريجي فيردم هاوس، وعشاق خرائط برنارد لويس، وعملاء السفيرة الأميركية التي كانت في ظل الإخوان المسلمين تلعب دور المندوب السامي، ولكن كل ذلك ذهب جفاء، وبقيت مصر كما أرادها الله حصنا للأمن والآمان لها ولامتها العربية التي نرجو لها قوة الذاكرة حتى لا تعود وتنسى أبدا.
واهم نتاج ثورة الثلاثين من يونيو، أن هذا الجسم الذي زرع قسرا في قلب المنطقة وهم جماعة الإخوان المسلمين، قد هزموا هزيمة ساحقة، وخرجوا نهائيا بلا عودة من الحياة السياسية المصرية والعربية، وان مصطلح المصالحة مع بقاياهم المهزومة الذي كان يتاجر به البعض قد سقط نهائيا من التداول وان ما يجري الان هو من قبيل تعقب الفلول الضالة ليس إلا، وان الطريق أصبح سالكا لكي تذهب الأمة إلى خيارتها الحقيقية دون الألاعيب الصغيرة، والمؤامرات القذرة والساذجة وان تتوحد الأقدار العربية حول قضيتها الأولى المركزية قضية فلسطين التي يخوض شعبها مع قيادته الشرعية أعظم وأنبل وأعمق المعارك من اجل الهوية، والعقيدة، ومن اجل الحقوق العادلة، تحت عنوان من أقدس العناوين وهو عنوان القدس، فالقدس عنوان شعبها الفلسطيني في المعركة، والمعركة على أشدها، حيث تخيب مقامرات ومؤامرات لأعداء، وتسقط أوهام ترامب، أما شعبنا الفلسطيني بقيادة الرئيس أبو مازن فهو في اندفاع النصر رغم كثرة الجراح، انه شعب القيامة المستمرة، والوعي العميق والأمل المتجدد، فألف تحية للشعب المصري الشقيق الذي لا يتنازل أبدا عن دوره المحوري في أن تكون فلسطين ومقدساتها وحقوقها هي أول الكلام وآخر الكلام.