الشهداء والأسرى.. نستحق الجحيم إن خذلناكم!!
موفق مطر
ماذا لو اتخذت القيادة قرارا بخصم نسبة من المهمات والنثريات والمصاريف اللاضرورية لأصحاب المخصصات والرواتب والرتب العليا في مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية وكذلك في السلطة الوطنية، وتحويلها الى ملف رواتب اسر الشهداء والأسرى والجرحى، ليس هذا وحسب، بل أن يكون لدينا قرار وطني بأن يتم تعويض قيمة الملف المالي هذا بعد كل عملية سطو من دولة الاحتلال على هذه المخصصات، حتى لو بلغنا مرحلة تقاسم لقمة العيش مع من نعتقد أنهم سبب احياء هويتنا الوطنية، ومصدر الهام للشعور بعزتنا وقوتنا، وكذلك الاحترام الذي نحظى به من العالم.
الأمر أعظم وأبعد من مجرد رواتب ومخصصات لأسر الشهداء والأسرى والجرحى، انهم يعملون للحظة يبلغون فيها ذروة لذة الشذوذ السياسي والأخلاقي والقيمي والانساني، عندما يشاهدوننا نطلق النار على دماغ حركة تحررنا الوطني، على شرعية كفاح الشعب الفلسطيني، وننحر بأيدينا مشروعنا الوطني.
يعلم حكام تل ابيب، وكل مساند لنظام الاحتلال والاستعمار الاستيطاني العنصري الاسرائيلي الخارج والمتمرد على الشرعية الدولية والقانون الدولي بقرارنا الوطني وتصميمنا على تأمين حقوق ذوي الشهداء والأسرى والجرحى، ومدى قدرتنا المرفوعة على ارادة بلا حدود على الاستمرار بمنهج اعتبارهم رقم واحد عندما يتعلق الأمر بالحقوق والمكتسبات المادية، فكيف وان ثقافة الشعب الفلسطيني الوطنية، تقوم على مبدأ المجد والخلود للشهداء والحرية للأسرى، أي المجد والخلود والحرية للشعب الذي خط له الشهداء والأسرى درب الحرية.
يظن المجرمون الارهابيون في تل ابيب أن سرقتهم لبضعة ملايين من مال الشعب الفلسطيني ستردع القيادة الفلسطينية، وتزحزحها عن الثوابت، لكن البيانات والتصريحات المحلية، والدولية لن تؤثر على منهج وسلوك (القراصنة في كنيست وحكومة نتنياهو)، بقدر التأثير الذي سنحدثه نحن الشعب الفلسطيني، فالحصارات المالية والاقتصادية وحتى السياسية يجب ان تدفعنا لإبداع وسائل وأدوات صمود اكثر نجاعة وجدوى، فنحن كغيرنا من الشعوب الحرة، لن نخضع، حتى لو شدد مجرمو الحرب في تل ابيب، وضيقوا علينا سبل العيش، وسنقول إننا نستحق الجحيم إن خذلنا أمهات وآباء وابناء وزوجات وأسر الشهداء والأسرى فإما أن نكون أوفياء للشهداء والأسرى أو لا نكون.
تقف قيادتنا السياسية على أرضية صلبة مزدوجة، الأولى قوامها القانون الدولي والاتفاقيات والمعاهدات الدولية كالمادة 81 من اتفاقية جنيف الرابعة، التي تنص على حث الدول الحاجزة على تحمل مسؤولياتها تجاه الأسرى وتوفير الرعاية الطبية لهم، وأن لا تخصم أي شيء من مصاريفهم، وأن تعيل عائلاتهم كما اشار لذلك الدكتور صائب عريقات امين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، أما الأرضية الأخرى الأهم، باعتبارها نقطة الارتكاز، فهي صلابة الموقف الرسمي الفلسطيني والشعبي على حد سواء، ما يعني أن القرار الوطني بهذا الخصوص، لا يخضع لقواعد التكتيك السياسي، وإنما هو موقف نابع من تفسيرنا لمعاني المصير والمستقبل لشعبنا وعدالة قضيتنا، ونبل المناضلين، وشرعية كفاحنا من اجل الحرية، وهي اقدس ما يمكن ان يحصل عليه الانسان في حياته، وما يمكن ان يورثه لأبنائه ولشعبه وللانسانية بعد قضائه شهيدا، أو اذا اشتد عليه ظلم المعتدين والمحتلين الاسرائيليين في الزنازين والمعتقلات. سنبقى اوفياء للشهداء والأسرى والجرحى، لأننا بالوفاء لهم وللوطن نحيا.
نستطيع كشعب صغير تقويض (امبراطورية الظلم)، ولن نمكنهم من استعبادنا، سننتصر لمبادئنا وقيمنا وثقافتنا وانسانيتنا، ونثبت للعالم أن الاحتلال ارهاب، وان الاستيطان جريمة حرب، وأن التطهير العرقي جريمة ضد الانسانية، وان الخطر الأعظم والأفظع على السلام في العالم كائن وقائم في "دولة" انشئت بقرار دولي اسمها اسرائيل !.