حماس أبو مرزوق.. وعروض (الستربتيز) السياسي
موفق مطر
لم يعد قادة حماس يشعرون بأي خجل أو توتر أثناء التعري، فهم كقادة جماعة الاخوان جريئون جدا في (الستربتيز السياسي)، وعليه فإننا لا نرى في تغريدة د. موسى ابو مرزوق عضو المكتب السياسي لجماعة حماس سوى أنها رسالة لقرني (صفقة العصر) دونالد ترامب، وبنيامين نتنياهو، مفادها جاهزية حماس للتخلي عن شعار "فلسطين من النهر الى البحر" واستبداله بشعار "دولة في الضفة وقطاع غزة وعاصمتها القدس"، كما غرد ابو مرزوق ناسفا بذلك مقولة وخطاب (اخيه في الجماعة الاسلاموية) د.محمود الزهار قبل اربعة ايام أثناء تأبين الطفل الشهيد ياسر ابو النجا بمخيم العودة ببلدة خزاعة شرق خان يونس عندما اسمع مناصري جماعته ما شاءوا ان يسمعوه!! وليس ما هو مكتوب فعلا في أحدث صفحة من كتاب انقلاب حماس السياسي، فالزهار قد خطب وقال: "قرارنا هو كل فلسطين، لا أقل من حدودها من نهر الأردن حتى البحر المتوسط ".
بعث ابو مرزوق برسالته الى المعنيين مباشرة (بصفقة غزة) حتى وان بدا من التصريح الذي أتى على شكل تغريدة أن المقصود بها عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير واللجنة المركزية لحركة فتح مسؤول ملف المصالحة والعلاقات الوطنية، آخذين بعين الاعتبار عادة قادة حماس باستخدام حجارة (اللغة القذرة) لرجم كل وطني يقول كلمة الحق.
يقرأ العاقل العارف بمعاني الكلمات ومواقعها في السطور والفقرات بعين وبصيرة المطلع على بواطن الأمور والقضايا، أما المأخوذ بظاهر الحروف والكلمات فإنه يمر عليها مرور الكرام، ويقف الهامه عاجزا عن اختراق قشور الكلام، خاصة اذا كان صادرا عن شخص بموقع المسؤولية، فهنا لا مجال للركاكة أو العفوية او العبثية، فكل كلمة تحسب على قائلها، بحكم سياقها في النص وليس تأويلا أو تفسيرا.
رسم أبو مرزوق الهرم مقلوبا، وطلب من الجمهور المستحيل، عبر تحميل كل القضايا عليه، وابقائه متوازنا، غافلا عن ابسط قواعد الفيزياء والهندسة، وقوانين البناء السياسي، فأبو مرزوق يدرك جيدا ان مشاكل غزة ستتجه في طريق الحل منذ استلام حكومة الوفاق الشرعية قطاع غزة واعادته للسلطة الوطنية، وتطبيق النظام والقانون فيه، وتمكين الحكومة من كامل صلاحياتها ودون استثناء، ويعلم ايضا ان مواجهة الاحتلال مرتبطة حتما ببرنامج سياسي وطني، وهذا لن يتم الا بشراكة سياسية حقيقية، تعزز الوحدة الوطنية والجبهة الفلسطينية الداخلية، وتعلي المصالح الوطنية العليا فوق كل اعتبار، ودون ذلك لن نتمكن من تحقيق هدفنا الوطني المرحلي وهو قيام دولة فلسطينية ذات سيادة على حدود الرابع من حزيران وعاصمتها القدس الشرقية.
طرح ابو مرزوق بتصريحه (التغريدة) ما تريده حماس فجاء كلامه مستجيبا للتصميم الاسرائيلي الأميركي المرسوم سلفا، فهو باسم جماعته الاسلاموية حماس يريد: "دولة في الضفة وقطاع غزة وعاصمتها القدس" اي دولة مؤقتة، بحدود مبهمة غير معروفة !! او ما يمكن تسميتها بدويلة مسخ رسمت في ملفات مشاريع حكومة الاحتلال في تل ابيب، فالمحتلون المستعمرون الاسرائيليون يطرحون ملف دويلة متقطعة الأوصال في الضفة الفلسطينية غير مترابطة، لا يملك الشعب الفلسطيني فيها مقومات سيادة، أما القدس فيطرحون ضواحي شرقي القدس كأبو ديس والعيزرية لتكون مركز العاصمة، بحجة انها جزء من القدس جغرافيا !!!.
ما قاله ابو مرزوق انتهازية سياسية صريحة، واستعداد علني غير مسبوق للتعامل مع صفقة القرن بانحناء حتى لو كان مخزيا ويحمل سمات الشذوذ السياسي، فحماس تطرح نفسها كمستقبل وحاضن جيد للصفقة في ذروة المعركة الوطنية التي تخوضها القيادة السياسية الفلسطينية بشرف وثبات وصمود وشجاعة، وهي بذلك تؤمن لنتنياهو وترامب مركزا مهما ورئيسا لاختراق ليس الموقف الفلسطيني الرسمي والشعبي على حد سواء، بل الثوابت الفلسطينية، فنتنياهو يراهن على افرازات حماس الرديئة، لدفع الفلسطينيين بقبول امر واقع هو الأسوأ منذ نكبة العام 1948.
رسالة ابو مرزوق (الهرم المقلوب) صممت بعناية كما نعتقد في مكتب الانقلابيين، فهم يطرحون مطالبهم قبل الولوج – كطرف فلسطيني - في مرحلة التفاوض المباشر أو التفاوض من وراء حجاب فالدكتور ابو مرزوق يطالب بتأمين حماس في الضفة لتتمكن من بسط هيمنتها، وفرض امر واقع تنال فيه حماس السلطة حتى ولو على حساب الحرية والاستقلال، وينال الاحتلال الأمن والسيادة، حتى لو كان ذلك على حساب معاناة ملايين الضفة الفلسطينية وقطاع غزة على حد سواء.