قمة ترامب بوتين وصفقة القرن
باسم برهوم
علينا ان نتفق اولا ان لدينا رئيسا اميركيا بمواصفات غير تقليدية. انطلاقا مما اعتدنا عليه من رؤساء سابقين كانوا يحترمون قواعد اللعبة السياسية الدولية. وعلينا انا نتفق اننا امام رئيس روسي تنطبق عليه مقولة الدب الروسي بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، رئيس هادئ مترو بارد الاعصاب يستخدم القوة عندما تكون الحاجة لها وفي الوقت المناسب.
قبل الدخول للقمة ونتائجها دعونا نرى كيف جاء كلا الرئيسين لها. ترامب وصل للعاصمة الفنلندية هلسنكي مجردا من اسلحته واوراق مهمة كان من الممكن استخدامها مع بوتين.وصل ترامب وهو مجرد من الحليف التقليدي للولايات المتحدة الا وهو الاتحاد الاوروبي، فقد وصف ترامب الاتحاد بالعدو الى جانب الاعداء التقليديين روسيا والصين.
كما وصل ترامب وهو في ذروة الاشتباك والاختلاف مع الداخل الاميركي، وهذا هو الاخطر في واقع رئيس اميركي يعقد قمة مع رئيس روسي. فترامب مشتبك مع الحزب الديمقراطي وبعض اقطاب حزبه الجمهوري والاهم مع المؤسسة الامنية الاميركية. هذا الاشتباك مع الداخل ظهر جليا في المؤتمر الصحفي للرئيسين عندما اعطى ثقته لبوتين على حساب وكالة الاستخبارات اس اي ايه.في المقابل جاء بوتين الى هلسنكي وهو في افضل احواله متماسكا واثقا بنفسه مدعوما داخليا، خارجا للتو من تنظيم مونديال بنجاح باهر حج اليه العديد من زعماء العالم. كما ان بوتين استمد قوته بشكل واضح من ضعف ترامب ووضعه الهش مع حلفائه وداخله الاميركي.
باختصار المشهد الخارجي للقمة، الذي رآه العالم، كان لمصلحة بوتين بامتياز، كان المشهد بين رئيس روسي متماسك يتقن استخدام اوراقه ورئيس اميركي محترف في بعثرة اوراق قوته وفقدان القدرة على استخدامها.
على اية حال ما يهمنا من القمة انه وبغض النظر عن اتفاق الطرفين على ضمان امن اسرائيل وضمان حدودها الشمالية فانه ومقابل ذلك فقد بدت روسيا شريكا في القرار المتعلق بالشرق الاوسط، شريكا قويا وبين يديه اوراق مساومة كثيرة.
هذا الواقع الذي ابرزته القمة يجعل امكانية او قدرة ترامب على تمرير صفقة القرن بالشروط الذي يريدها، هذه الامكانية اصبحت اكثر صعوبة وربما مستحيلة. تمرير الصفقة بات مرتبطا بالمشهد الاكبر والاوسع والاعقد في المنطقة، فالرئيس الروسي كما اظهرته القمة انه صعب ولن يفرط بأوراق قوته بسهولة الا اذا حصل على مقابل بنفس الحجم والاهمية.
صحيح ان الولايات المتحدة لا تزال اللاعب الاقوى والابرز في الشرق الاوسط الا ان ما يخدمنا هو السلوك الفوضوي للرئيس ترامب وتطرف الحكومة الاسرائيلية التي تغمض اعينها عن الشعب الفلسطيني كواقع وحقوق.