وحدة الشعب أهم عناصر الانتصار
يحيى رباح
في استغلال بشع ومتواصل للرئيس الأميركي دونالد ترامب منذ دخوله البيت الأبيض، الذي فتح الملفات كلها على الفوضى ولم ينجح حتى الان في إغلاق أي واحد منها، جاءت هذه الخطوة الخطرة إلى حد الجنون، حين صادق الكنيست الإسرائيلي على قانون القومية اليهودي، الذي يستهدف الشعب الفلسطيني كله، في الوطن، في القدس والضفة وقطاع غزة، وداخل إسرائيل نفسها، أكثر من مليون ونصف المليون فلسطيني، وفي الشتات والاغتراب البعيد والقريب، قانون غبي يثير مخاوف كثير من الاسرائيليين من اليهود في العالم، لأنه حاول أن يزج اليهود في اللعبة الجهنمية، ويخلق دولة ابارتهايد واضحة جدا وعنصرية جدا، ويتصادم بالمطلق مع المجتمع الدولي وقراراته، ومع مبادئ القانون الدولي جميعها، ويعطي اكبر قدر من الصوابية الفلسطينية، ويجعل من هذه الوحدة العميقة بين القيادة الشرعية وشعبها بعدا عميقا يثير اكبر قدر من الاحترام والإعجاب، وهذا القرار الذي مرره الكنيست سيؤدي إلى فضح المستور من يوميات وتركيبة وحقيقة هذه الدولة المسماة إسرائيل التي ستكشف المزيد من أزماتها الوجودية التي لا يستطيع أن يخفيها هذا الانحياز الأعمى المجنون الذي ينزلق إليه ترامب الذي يحشو إسرائيل بمزيد من القوة والتعنت والجشع، ويسد الطريق أمام رهانات المصالحة والتحالف معها، وهي التسريبات التي تسمعها بين الحين والآخر من إدارة ترامب، ومن عدد من الساقطين في المنطقة أو من بعض الأدوات الصغيرة الفلسطينية نفسها مثل حماس التي تستدرج بالمجان في الترويج للعنف حتى تبني على هذا الاستدراج أكاذيب جديدة، فبعد مبالغات حماس في الحديث عن حوارات مع إسرائيل ومع أميركا، وأكاذيبها عن فك الحصار، وبناء ميناء عائم...و...و ينسخط الانجاز إلى مجرد فتح كرم أبو سالم، والحديث عن رصيف في ميناء أسدود، وعن مدرج في مطار العريش، وعن شروط جديدة للمصالحة لم يأت على ذكرها احد، لا الأشقاء المصريون، ولا القيادة الشرعية الفلسطينية، وإنما هي نفس نظرية حماس، تكذب حتى تصدق نفسها ثم تحاول بعد ذلك ترويج الأكاذيب على غيرها.
مشروع قانون القومية الذي اقره الكنيست يسير على نسق صفقة القرن نفسه التي لم يبق منها سوى اسمها، وهو على نسق إعلان القدس الترامبي الذي لم يجد من يتعامل معه سوى السفير الأميركي في إسرائيل ديفيد فريدمان، ونتنياهو يختبئ وراء ترامب ويستخدمه في كل الخطوات المربكة التي اتخذها، ابتداء من الحواجز والأبواب الالكترونية والكاميرات الخفية في الأقصى، وعمليات القتل اليومي، وهدم البيوت، والاعتقال الإداري وغير الإداري، وبناء المستوطنات، وبؤر استيطانية جديدة، وصولا إلى قانون القومية اليهودي الذي بني على حصرية حق تقرير المصير لليهود فقط، وماذا عن أصحاب فلسطين الأصليين؟؟؟ الجواب في علم الغيب، لكن الشعب الفلسطيني ليس مجرد فرضية كالحالة الصهيونية، الفلسطينيون حقيقة كبرى تكمن قوتهم في وحدتهم كشعب وفي شرعيتهم كقيادة، وفي قدرة فائقة على الصمود والبقاء والإبداع.
لكن فكرة الفوضى الشاملة التي يمارسها ترامب، جعلت من أميركا قوة تفقد الثقة، وجعلتها تخبط رأسها في الجدار الصلب، وجعلتها كاذبة تماما في كل ما كانت تدعيه، والملفات التي فتحتها ولم تنجح في إغلاق أي منها هي المثال الواضح على الفشل، ابتداء من ملف القدس، وملف الاتفاق النووي مع إيران، والمباحثات مع كوريا الشمالية، وقرارات الحرب التجارية، واعتبار روسيا والصين والاتحاد الأوروبي أعداء، ومحاولة تغطية الفشل بمزيد من الضجيج، كل ذلك يؤكد أننا سننتصر في معركتنا المحقة ومعنا العالم، المهم أن لا نفتح أي أفق للصغار الساقطين أن يركبوا الحالة العظيمة التي يتوحد حولها شعبنا مع قيادته الشرعية، فهذه الوحدة هي أعظم مداميك الانتصار.