ترامب يدخل سن اليأس السياسي
يحيى رباح
التصريحات الأخيرة التي أدلى بها الرئيس الأميركي دونالد ترامب للصحافة الأميركية والتي اعترف فيها أن هناك إجراءات مستمرة لعزله، وأنه في حال نجحت هذه الإجراءات فإنها ستقود إلى انهيار شامل للاقتصاد الأميركي وتجعل الجميع فقراء.
هذه التصريحات تشير بكل المعايير إلى أن هذا الرئيس الأميركي غريب الأطوار، الذي يصلح لأن يكون بطل رواية ميلودرامية وليس رئيسا لأكبر دولة في العالم، قد أفصح بما لا يدع مجالا للشك انه فعليا، وقبل أن يصل إلى منتصف ولايته الأولى، قد دخل إلى سن اليأس، وأنه بهذه التصريحات أو الأقوال يبحث عن ضجيج وذرائع قبل أن تحل لحظة انهياره، ولكن حتى البحث عن ذرائع يأتي ضمن سياقه الذي اعتاد الناس عليه، المبالغة الانفعالية، وانعدام العمق العقلي، والهروب من الواقع السيئ إلى انفعالات الضجيج، وهذه هي الخصائص التي اتصف بها منذ أن تعامل مع القضية التاريخية الأعمق والأعقد، بطريقة سطحية انفعالية، حين أعلن قراره بشأن القدس، ونقل سفارة بلاده كأنها بؤرة استيطانية إلى القدس الشرقية، دون أن يجد ما يقوله على الإطلاق سوى استمرار حركات "البانتومايم" عبر ملامح وجهه التي يجيدها كثيرا، وعرض قراره الذي وقعه أمام الكاميرات، وكان عرض توقيعه هو الأمر الأهم، وبالرغم من الرفض الذي واجهه من القيادة الشرعية الفلسطينية وشعبها البطل، فإنه مضى قدما بالحديث عن صفقة القرن التي انكسر فيها كثيرا، ولم يستطع إعلانها رسميا، وإنما يذهب، ومستشاروه الصغار يلعبون مع تافهين هنا وهناك دون جدوى.
وأول التعليقات على تصريحات ترامب، فهل ما يعنيه أن رؤساء أميركا الأربعة والأربعين الذين قبله، كانوا في زمانهم يعانون من الانهيار الاقتصادي، ومن معايير الفقر لشعبهم، وإنه جاء يخلصهم من ذلك؟؟
نعرف أن ترامب اختار مساعديه ومستشاريه من النوع الذين لا يملكون أهلية مناقشته في أي قرار بل يصفقون له وهو يهوي إلى الدرك الأسفل في فتح ملفات الفوضى، والحرب التجارية، وأوهام العلاقات الجديدة التي يريد أن يقيمها مع العالم بمقاييسه أحادية الجانب، وهؤلاء المستشارون والمساعدون من أعضاء الإدارة الأميركية لم ينصحه احد منهم أن الأمور أعقد من تصوراته الضحلة، وان الأمور أصعب مما يظن.
مرحلة سن اليأس التي دخل إليها ترامب، وأصبح يعبر عنها بأكثر من مجرد التلميح، جعلته يتصور أن العالم كله يعاديه وانه البطل الذي سيهزم الجميع، وهذه بداية النهاية، وفي البداية لم يستمع إلى نصائح رئيسنا أبو مازن الذي نجح في إعلان الرفض القاطع، فأصبحت ألـ "لا" الفلسطينية "لا" عالمية بكل المعايير تعبر عن نفسها بتجليات نضالية كبيرة، وسوف تستمر في التجلي أكثر وأكثر.
فيا أيها الفلسطينيون مجدا لكم على نضالكم المستمر عالي المستوى، وأدعوكم إلى ألا تعطوا سقطات حماس أكثر مما تستحق، حماس تعتقد أنها ستقبض ثمنا عاليا، والخيانة لا ثمن لها كما يعتقد الخائنون.